تفاصيل لقاء أوباما والملك سلمان
عندما وصل الرئيس باراك حسين أوباما إلى الرياض لم يجد للقاءه على سلم الطائرة سوى أمير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز ووزير الخارجية عادل الجبير. أما التلفزيون السعودي الذي نقل مباشرةً وصول الوفود الخليجية، فقد غاب عنه وصول الرئيس الأميركي، الذي لم يحظَ بالتغطية المباشرة كما هي العادة مع الرؤساء الملوك مثل الذين وصلوا للقمة الخليجية المغربية والذين استقبلهم الملك سلمان على سلم الطائرة قبل ساعات.
لم يمنع هذا من لقاء أوباما مع العاهل السعودي وولي عهده محمد بن نايف وولي ولي عهده محمد بن سلمان، وتباحث الجانبان سعيا للتوصل إلى تحرك مشترك لمواجهة التهديدات الأمنية التي تشمل إيران وتنظيم الدولة الإسلامية لكن زيارته خيم عليها استياء دول الخليج العربية من نهجه تجاه المنطقة.
وجاء أوباما للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم للمرة الرابعة وعلى الأرجح الأخيرة أثناء توليه الرئاسة على أمل طمأنتها وحلفاء خليجيين آخرين بالتزام واشنطن بأمنهم.
وعبر معظم القادة الخليجيين في مجالس خاصة عن خيبة أملهم العميقة حيال عهد أوباما واعتبروه فترة انسحبت فيها الولايات المتحدة من المنطقة مما منح خصمهم اللدود إيران فرصة لتوسيع نفوذها.
وبعد استقبال لم تسلط عليه الأضواء في الرياض- حيث لم ينقله التلفزيون السعودي على الهواء مباشرة على عكس زيارات سابقة- التقى أوباما مع الملك سلمان ومجموعة من أبرز أفراد العائلة المالكة والمسؤولين في قصر عرقة على مدى ساعتين.
وقال البيت الأبيض إن الزعيمين تبادلا وجهات النظر بشأن سلسلة من الصراعات الإقليمية وبحثا أيضا المخاوف الأمريكية بخصوص قضايا حقوق الإنسان في المملكة.
وأضاف البيت الأبيض في بيان “جدد الزعيمان التأكيد على الصداقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية العميقة بين الولايات المتحدة والسعودية.”
كان أوباما عبّر عن رغبته في إقناع دول الخليج بالتوصل إلى “سلام بارد” مع إيران يخمد التوتر الطائفي ويسمح لجميع الأطراف بالتركيز على ما يعتبره خطرا أكبر يمثله تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال البيت الأبيض “بشكل أوسع .. ناقش الرئيس والملك التحديات التي تشكلها أنشطة إيران الاستفزازية في المنطقة واتفقا على أهمية وجود نهج شامل لنزع فتيل التوترات بالمنطقة.”
وأشاد أوباما بتعهد الملك سلمان بشأن المساعدات الإنسانية لليمن بعد الحملة العسكرية التي تقودها المملكة ضد الحوثيين المدعومين من إيران وتحدث أيضا عن ضرورة مساعدة مناطق في العراق تضررت من القتال مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وذكر البيت الأبيض أن الزعيمين تحدثا أيضا عن ضرورة تعزيز اتفاق وقف الاقتتال بين الحكومة السورية وقوات المعارضة وعبرا عن تأييدهما للانتقال السياسي في البلد الذي مزقته الحرب.
والتقى أوباما في الفندق الذي يقيم به في وقت لاحق مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبحثا الحاجة إلى تسوية سياسية للصراع اليمني والتصدي لأعمال الجهات التي قد تسعى لإفشال حكومة الوفاق الوطني الوليدة في ليبيا.
ويرافق أوباما في زيارته أشتون كارتر وزير الدفاع ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس ومدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان فيما يشير إلى التركيز على الأمن في جدول أعمال لقاءات الرئيس مع المسؤولين الخليجيين.
ويحضر أوباما يوم الخميس مؤتمر قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يضم السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات وعمان وهي دول تحكم أغلبها أسر سنية باستثناء سلطنة عمان.
وتنظر هذه الدول إلى إيران الشيعية باعتبارها تشكل تهديدا لأمنها وتقول إن تدخل الجمهورية الإسلامية في العراق وسوريا ولبنان واليمن أجج الصراعات وعمق الانقسامات الطائفية.
وظهرت هذه التوترات على السطح يوم الأربعاء عندما هاجم الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي مساعي الرياض لعزل جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية المتحالفة معها في سلسلة من التغريدات النارية على حسابه على تويتر.
وكتب يقول “حزب الله سطع نجمه في العالم الإسلامي. لا يهم إذا كانت حكومة فاسدة تابعة وخاوية أدانته في بيان باستخدام عائدات النفط. فلتذهب إلى الجحيم.”
ويتفق البيت الأبيض ودول الخليج العربية على أن طهران تلعب دورا يؤدي إلى زعزعة الاستقرار غير أن سعيه من أجل الاتفاق النووي الذي توصلت إليه القوى العالمية مع إيران في العام الماضي أثار مخاوف في الرياض من أن واشنطن لا تأبه بمخاوف المملكة.
ولم تظهر أي أنباء على الفور عما إذا كان أوباما والملك سلمان قد تطرقا إلى تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وذكر أن السعودية هددت ببيع أصولها الأمريكية التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات إذا أقر الكونجرس مشروع قانون قد يجعل المملكة مسؤولة قانونيا عن أي دور في هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001.
وقال أوباما إنه يعارض مشروع القانون لأنه قد يعرض الولايات المتحدة لقضايا يرفعها مواطنون من دول أخرى.
وقبل أن يلتقي أوباما مع الملك سلمان أجرى وزير الدفاع الأمريكي كارتر محادثات مع نظرائه في دول الخليج العربية بشأن سبل تحجيم نفوذ إيران ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية قبل بضع ساعات من وصول أوباما إلى السعودية.
واتفقوا على تعاون مشترك لتحسين الدفاع الصاروخي والقوات الخاصة وأمن الملاحة البحرية في الخليج لكن لم يعلن عن إبرام اتفاقات جديدة.
وقال عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إن المجلس والولايات المتحدة سيبدآن دوريات بحرية مشتركة لوقف تهريب السلاح إلى إيران. وقال مسؤولون أمريكيون إن هذه الدوريات تجرى بالفعل ولا تمثل خطوة جديدة.
وفي الفترة الأخيرة نقلت مجلة أمريكية عن أوباما وصفه لبعض دول الخليج والدول الأوروبية بأنها “مستفيدة دون عناء” إذ تطلب عملا أمريكيا في حين لا تقوم هي بما يكفي من عمل.
ونقل عنه كذلك في تصريحات انتقدت على نطاق واسع في الخليج لكن لم يرد عليها بشكل رسمي مباشر قوله ردا على سؤال عما إذا كانت السعودية دولة صديقة لأمريكا “هذه مسألة معقدة.”