تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا العظمى
ستصبح وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي رئيسة للوزراء يوم الأربعاء لتقود البلاد خلال مرحلة الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد انسحاب مفاجئ لمنافستها الوحيدة.
وبعد أن تأكد فوزها بزعامة حزب المحافظين الحاكم يوم الاثنين ستخلف ماي البالغ عمرها 59 عاما رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون الذي أعلن أنه سيترك المنصب بعد تصويت البريطانيين على نحو غير متوقع لصالح الخروج من الاتحاد في قرار أصاب التكتل بالضعف وخلق موجة هائلة من عدم اليقين في مجالات التجارة والاستثمار وسبب هزة في أسواق المال.
وساد ترقب لمنافسة بين ماي ووزيرة الدولة لشؤون الطاقة أندريا ليدسوم في تصويت لنحو 150 ألفا من أعضاء حزب المحافظين وكان مقررا أن تعلن النتيجة في التاسع من سبتمبر أيلول. لكن ليدسوم انسحبت فجأة يوم الاثنين لتنعدم الحاجة لانتظار تسعة أسابيع قبل إجراء استفتاء على القيادة.
وأعلن جراهام بريدي رئيس اللجنة الحزبية التي تولت إدارة التصويت على الزعامة أن ماي انتخبت زعيمة جديدة بأثر فوري.
وقال كاميرون للصحفيين أمام مقر رئيس الوزراء إنه يتوقع أن تنعقد الحكومة لآخر مرة برئاسته غدا الثلاثاء على أن يجيب أسئلة في البرلمان يوم الأربعاء قبل تقديم استقالته للملكة إليزابيث.
وأضاف “سيكون لدينا رئيس جديد للوزراء في هذا المبنى الذي أقف أمامه بحلول مساء الأربعاء.”
وستصبح ماي ثاني امرأة تتولى رئاسة وزراء بريطانيا بعد مارجريت ثاتشر.
وسيعني انتصارها أن تتولى شخصية أيدت بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي عملية الخروج منه. وقالت إن بريطانيا تحتاج لبعض الوقت للاتفاق على استراتيجية للتفاوض ويجب ألا تبدأ الإجراءات الرسمية للخروج قبل نهاية العام لكنها أيضا أكدت أن “الانفصال عن الاتحاد الأوروبي يعني الانفصال عنه.”
وفي خطاب ألقته يوم الاثنين في مدينة برمنجهام استبعدت ماي عقد استفتاء ثان ورفضت أي محاولة للانضمام مرة أخرى للاتحاد.
وقالت “حين أصبح رئيسة للوزراء سأعمل جاهدة على تنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبي.”
لم يسبق لليدسوم (53 عاما) شغل أي منصب وزاري ولم يعرفها الشعب إلا حين شاركت بقوة في الدعوة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وواجهت ليدسوم انتقادات كبيرة بسبب مقابلة صحفية بدت فيها وكأنها تلمح لأحقيتها- كأم- في حصة أكبر من مستقبل البلاد عن ماي التي لم ترزق بأي أبناء. وقال بعض أعضاء حزب المحافظين إن تعليقاتها أصابتهم بغضب شديد قبل أن تعتذر عنها في حين قال آخرون إنها أظهرت سذاجة وسوء تقدير.
وقالت ليدسوم للصحفيين إنها انسحبت من السباق لتجنيب البلاد تسعة أسابيع من عدم اليقين في وقت تحتاج فيه بشدة لزعامة قوية. وأقرت بأن ماي ضمنت الأسبوع الماضي تأييدا أكبر بين نواب الحزب في البرلمان.
وبعد حسم قضية زعامة الحزب قبل الوقت المتوقع تعافى الجنيه الاسترليني الذي تراجع لأدنى مستوياته في 31 عاما منذ الاستفتاء الذي جرى في 23 يونيو حزيران الماضي وسط مخاوف من أثر ذلك على الاقتصاد البريطاني.
وقال وزير المالية جورج أوزبورن عبر تويتر “نرحب بالأنباء عن وجود مرشحة واحدة تحظى بتأييد واسع لتصبح رئيسة الوزراء التالية. تيريزا ماي تتمتع بالقوة والنزاهة والتصميم على القيام بالعمل المطلوب.”
وبدا كاميرون في حالة مزاجية جيدة وهو يضع جدولا زمنيا لرحيله عن المنصب.
والتقطته ميكروفونات التلفزيون لدى عودته إلى مقر رئيس الوزراء وهو يدندن بصوت خفيض قبل أن يغلق وراءه الباب الأسود الشهير للمقر في 10 داونينج ستريت.
وأصاب تصويت البريطانيين بنسبة 52 بالمئة مقابل 48 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي صدمة للساسة البريطانيين خاصة كاميرون الذي حذر من كارثة اقتصادية في حالة الخروج.
لكن البريطانيين تجاهلوا تحذيراته وأنصتوا لشعارات حملة الخروج بأن ذلك سيمكنهم من استعادة “الاستقلال” عن مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل والحد من مستويات الهجرة العالية وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل قوانين الاتحاد التي تسمح لأي شخص بالعيش والعمل في أي بلد من أعضائه.
وبدت آمال ماي في زعامة الحزب في خطر بعد فشلها كوزيرة للداخلية في السيطرة على موجة الهجرة وكذلك بعد فشل حملة البقاء في الاتحاد التي كانت أحد أصواتها.
لكن آمالها تعززت بخروج أبرز منافسيها على الزعامة من بين أعضاء حملة الخروج من المنافسة وهما مايكل جوف وزير العدل وبوريس جونسون رئيس بلدية لندن السابق.
وفي خطابها اليوم ببرمنجهام حددت ماي ملامح رؤيتها للاقتصاد ودعت “لبلد يناسب الجميع وليس فقط لقلة محظية.”
وقالت إن الأولوية ستكون لبناء منازل والتصدي للتهرب الضريبي من قبل الأفراد والشركات ولخفض تكلفة الطاقة وتقليص الفجوة “الضارة” بين رواتب الموظفين وأرباح الشركات.
وأضافت “تحت قيادتي سيصبح حزب المحافظين نفسه بشكل كامل ومطلق في خدمة الفئة العاملة العادية.. وسنجعل من بريطانيا بلدا يناسب الجميع.”
وقع أكثر من 1000 محام بريطاني بارز خطابا لحث رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على السماح للبرلمان بالبت في مسألة انسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي. وبعد تعيين ماي طالب نواب المعارضة في البرلمان بانتخابات عامة.
وقال جون تريكيت منسق الانتخابات العامة بحزب العمال “من الضروري بالنظر لحالة عدم الاستقرار التي سببها التصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي أن ينتخب البلد رئيسا جديدا للوزراء بصورة ديمقراطية.”
وتأثر حزب العمال هو الآخر بنتيجة الاستفتاء إذ يواجه زعيمه جيريمي كوربين انتقادات حادة لفشله في الترويج بشكل كاف للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
وقبل دقائق من الإعلان عن انسحاب ليدسوم أعلنت النائبة البرلمانية عن حزب العمال أنجيلا إيجل أنها ستنافس كوربين على زعامة الحزب.
وقالت “جيريمي كوربين عاجز عن توفير الزعامة التي يحتاجها هذا الحزب. أعتقد أني أملك القدرة على ذلك.”