انقلاب في لبنان – ما هو دور حزب الله ؟ (الحلقة ٤)
شخصيات الرواية بتسلسل ظهورها:
نريمان: سيدة مجتمع ثرية زوجة مصرفي لبناني
سامي: ضابط عضو في الأركان
جورج: ضابط في الشرطة
حسن: ضابط في الأمن العام
محمد: ضابط سلاح مدرعات
مروان: ضابط في أمن الدولة
فارس: عقيد في الدرك
انطوان: عقيد في فوج المشاة
خارج حلقة الانقلاب
فرانسوا: رجل مخابرات فرنسي
دونالد: رجل مخابرات أميركي
ناصيف: زوج ناريمان
روبير: مخابرات فرنسية مدير العمليات الخارجية
رولان: مدير الأمن العسكري اللبناني
في طريق عودته إلى المدينة شغلت مسألة مشاركة حزب الله في الانقلاب عقل فرنسوا بشكل مزعج. لقد أرسل تقاريره وفيها الكثير من المديح للانقلاب والانقلابيين. ويذكر أن روبير مدير العمليات نقل له انطباع الرئيس في الإليزيه بأنه إيجابي بعد أن شدد على جملة باتت تحمل معان كثيرة «في حال صحت تقاريرك حول استقلالية المجموعة الانقلابية». سأل فرنسوا نفسه هل يوصل تساؤلاته إلى روبير أم ينتظر حتى تتوضح الصورة؟
في الشاليه ترك السؤال حول مشاركة حزب الله ثقلاً على الأجواء بين المجتمعين.
سامي كان أول المتحدثين:
– حزب الله يأخذ حيزاً كبيراً من النقاش حول مستقبل لبنان في كافة الأوساط الاستخباراتية، وكان من الطبيعي أن يطرح رجل المخابرات الفرنسية هذا السؤال.
وافقه مروان وحسن. ولكن جورج، وهو معروف بعلاقاته القوية مع مسؤول أمني في الحزب، قالا وكأنه يدفع بالشكوك بعيداً عنه:
– السؤال هو هل نضع الحزب في أجواء ما نقوم به أم لا؟
سؤال تفجر مثل القنبلة الصوتية في وسط المتحلقين في الشرفة، كلهم بقيت أفواههم نصف مفتوحة من دون أي تعبير على سحناتهم غير تعابير الدهشة.
جورج كعادته يستقبل المفاجآت بالضحك: قهقه على صوت عال وتابع:
– ليس فقط حزب الله… كل الأحزاب علينا أن نأخذ باب الحيطة… نحن في لبنان … لا توجد أسرار! قالها وهو ينظر إلى ناريمان ويبتسم لها مطمئناً.
– معك حق جورج! قال سامي. بشكل تلقائي التفت الجميع ناحية حسن رجل الأمن العام الذي ابتسم لمروان رجل أمن الدولة ومد نحو يده يدعوه للحديث. ابتسم مروان بدوره وقال موجه كلامه لحسن: «أبدأ أنا … أم أنت؟». «تفضل» أجاب حسن وهو يضع ساق فوق ساق.
– لقد تدارست مع حسن هذه المسألة. ونستطيع أن نقول لكم من دون كشف أسماء أنه لدينا جرذان في كافة الأحزاب….
قاطعته ناريمان: «جرذان؟ … يعني جواسيس؟».
ضحك حسن ومروان بشكل مثير لاستفزاز الجميع ثم تابع مروان:
– الجاسوس يعمل خارج البلاد، داخل البلاد يكون مخبر.
قالها ثم تابع الضحك. بعد أن علت الابتسامة كل الوجوه عاد إلى الكلام:
– نعم لدينا مخبرين في كافة الأحزاب…
استوقفه حسن:
– وضح الوجوه الجديدة …
– صحيح معك حق. لقد أقمنا شبكة جديدة غير التي كانت موجودة قبل أن نستلم مهامنا حسن وأنا. بالطبع اخترنا الأفضل ضمن المجموعات السابقة ولكن الجديد هو تبادل المعلومات بين وبين حسن حول المجموعتين، بمعنى أني أعطيت حسن اسماء مجموعتي وهو أعطاني اسماء مخبريه، وهذا لم يكن يحصل في السابق. نتحدث فقط عن المجموعة الملفة بمراقبة مسألة المعلوات حول النقلاب داخل الأحزاب. كل مخبر مسؤول عن حزب واحد لا غير. هكذا يكون لدينا مخبرين في كل حزب لا يعرفا بعضهما البعض ونحاول شبك معلوماتهما لنفصل الصالح عن الطالح منها. بالمقابل بقيت الفرق الأخرى تعمل كسابق ومن ضمن مهماتها أيضاً مراقبة الأحزاب بشكل عام. أريد التشديد على أن أفراد الخليتين ليسوا على علم بما نحن نخطط له عليهم فقط استدرار معلومات حول ما إذا كانت الأحزاب التي يعملون ضمنها على بينة من مسألة انقلاب أو مشاركة في مسألة انقلاب،
سألت ناريمان:
– وكيف يمكنهم معرفة ما يدور داخل الأحزاب… بغض النظر من أن اللبنانيين ثرثارين ولا يحفظون أسرار وأن الجميع يعرف كل شيء في هذا البلد؟
ابتسم مروان ونظر إلى حسن قبل أن يجيب:
– انهم اعضاء في الأحزاب… كل مخبرينا أعضاء في ينتمون إلى الأحزاب التي يراقبونها…
– حلو !
قالت ناريمان وهي تبتسم.
هنا استلم سامي الكلام:
– وماذا يقولون عن حزب الله؟
فكر مروان قليلاً وهو يحدق في نقطة معينة من الطاولة وكأنه يبحث عن ورقة في علبة دون أن يلمسها، ثم بلع ريقه وقال:
– يقول الصبي …
قاطعته ناريمان :
– أي صبي؟ !
– اسمه الحركي لمخبري في الحزب…
ضحك ثم تابع:
– يقول الصبي أن أركان الحزب يشعرون بأنه هناك شيئاً ما يتحضر ولكنهم يجهلون ما هو. ويقول أيضاً أنهم أنشأوا خلية صغيرة لمحاولة معرفة ما يدور…
هنا تدخل أنطوان العسكري:
– معنى ذلك انقطاع الأخبار عن… الصبي!
ضحك جورج، وكذلك ابتسم مروان وحسن. وقال مروان بجدية وهو يشد بيديه على ركبتيه:
– الصبي ضمن الخلية…
سكت الجميع. تابع مروان:
– إذا عرفوا شيئاً نكون أو العارفين.
ضحك جورج بصوت عال وهو يتوجه إلى حسن:
– والصبي عندك …
قاطعه حسن:
– الصبي عندي اسمه الشيخ…وهو أيضاً في الخلية ولكنه لا يعرف … الصبي ولا مهمات الصبي … والعكس بالعكس.
انفرجت أسارير سامي:
– والأحزاب الأخرى؟
– في كل الأحزاب لدينا صبيان وشيوخ … قال مروان وهو ينظر إلى حسن.
لم تستطع ناريمان أن تمنع نفسها من القول عالياً ما دار في خلدها:
– بمعنى أن البلد كله مراقب… أكان هناك انقلاب أم لا…
أحرجت سيكارة من علبتها وقبل أن تضعها بين شفتيها سألت بتهكم:
– وعندي في المنزل هل عندك صبيان أن شيوخ أم ماذا…؟
ضحك الجميع ما عدا حسن الذي انتظر هدوأ عاصفة الضحك ليقول:
– في منزلك فيليبينيات ولكن واحدة منهن ليست امرأة … ولكنها رجل وهو زوج إحداهن… هذه معلومة من الأمن العام وليس نتاج تجسس…
– رجل متخفي بزي امرأة في المنزل … يعني يراقبني ؟
– كنت أمزح معك يا ناريمان…
ضحك الجميع بصوت عال وبدأو يستعدون للخروج من الشاليه عندما رن هاتف مروان، فرفع يده يطلب الصمت.
بعد محادثة دامت أقل من دقيقتين، التفت مروان وقال:
– دونالد الأميركي يريد أن يرانا هنا غدا … كلنا … لا أعرف كيف عرف بمسألة الشاليه…
قال سامي:
– ليحضر. إذا حضر إلى هنا فرانسوا بالطبع يكون دونالد على علم…
– المسألة ليست بتلك السهولة… غدا سيحضر الأساتذة ليشاركوا بالتحضيرات… ولا أريد بأي شكل أن نفضح أسماء هولاء الثلاثة…
– ماذا نفعل؟ سألت ناريمان.
سأحاول أن انقلهم غدا إلى فندق آخر . نجتمع مع دونالد ثم نتفرق ونعود للقاء في الفندق الذي سأختاره… قال مروان.
في هذه الأثناء كان حسن يقرأ رساءلة النصية على هاتفه، هز برأسه وقال:
– أصدقائي علمت الآن أن رولان حجز على طائرة الغد ليأتي إلى هنا…
– رولان مدير الأمن العسكري!!؟ قال سامي وانطوان في آن واحد.وتابع انطوان:
– ماذا يفعل هنا ؟ هذا يشكل خطر على كل مشروعنا …
رد حسن :
– غريب هذا الأمر حسب أجندته كان عنده لقاء مع شخصيات أجنبية في القصر غدا لماذا يأتي إلى هنا… علينا الانتباه فإن مديرية الأمن العسكري قوية جداً … ولهم آذان كبيرة.
راستطرد مروان الحديث:
– وهم على علاقة جيدة بالجهازين الفرنسي والأميركي…
وأضاف حسن:
– وبحزب الله. عندنا عمل كثير الليلة. قالها وخرج مسرعاً دون أن يودع رفاقه ولحق به مروان. بينما وقف الباقون في وسط الشرفة وكل منهم يحاول فك لغز وصول رجل الأمن العسكري اللبناني إلى لارنكا…
(يتبع)