اشتداد العصب القبلي عشية الانتخابات الكويتية
آلاف الرجال بثيابهم التقليدية وكوفياتهم التي تغطي وجوههم من لفحة برد الصحراء يهتفون لنصرة قبيلتهم أو يحتفون بأبناء قبيلة أخرى أتت لنصرتهم. إنها ليلة انتخابية بامتياز في ضواحي الكويت عشية الانتخابات التشريعية وفي ظل اشتداد واضح للعصب القبلي.
وبعد هذا التجمع الضخم مساء الثلاثاء، اقتحم مئات من رجال القبائل الغاضبين مقر قناة تلفزيونية خاصة، بعد أن كانوا احرقوا ليلة الاثنين مقر مرشح يتهمونه بإهانة القبائل.
وبعد أن وضعت الحملات الانتخابية تحت شعاري الإصلاح ومحاربة الفساد، دخل موضوع الدفاع عن القبيلة بقوة إلى الخط مع توجيه المرشح محمد الجويهل المتهم من قبل المعارضة بتقلي الدعم من شخصيات مقربة من الحكومة السابقة التي كان يرأسها الشيخ ناصر المحمد الصباح، إهانات إلى قبيلة المطير، ثاني أكبر القبائل الكويتية وتضم مئة ألف نسمة.
ولم يختف قط في الكويت خط التماس القبلي- الحضري، إلا أن العصبية القبلية التي ارتفعت مؤخراً حرّكت أكثر من عشرين الف رجل ليل الثلاثاء، تجمعوا لنصرة القبائل والمطالبة بمحاسبة المرشح محمد الجويهل الذي يكرر منذ سنوات الإهانات لأبناء القبائل، وهو «مدفوع» للقيام بذلك بحسب المعارضة.
وتوالى المرشحون وشيوخ القبائل على المنبر للتضامن مع المطير في ما يشبه الفزعة القبلية، وطالبوا جميعاً الاسرة الحاكمة وأمير البلاد بالتدخل لمحاسبة الجويهل حفاظاً على الوحدة الوطنية، كما طالبوها بـ «حل صراعاتها الداخلية» التي غالباً ما يعزو المراقبون إليها مشاكل الكويت السياسية.
وقال المرشح الإسلامي والنائب السابق مسلم البراك، الذي استضاف اللقاء في مقره الانتخابي: «نقول للأسرة الحاكمة: نحن شركاء في الحكم والمال العام ونحن أحرار»، مؤكداً أنه يملك الأدلة من الذي يمول قناة الجويهل، في إشارة إلى قناة «سكوب» التي تخصص مساحة واسعة لأشخاص يوجهون سهامهم إلى القبائل بما يغذي التوتر القبلي- الحضري في الكويت.
من جهته، قال المرشح ضيف الله بورمية إن على الحكومة «شطب الجويهل» قبل أن يحذر من أنه “إذا تحركت مطير لا أحد يردها”.
وعند سماع هذه الكلمات ارتفع التصفيق الحار والهتافات بين أبناء القبائل الذين تحدوا المطر الغزير والهواء البارد في شتاء الصحراء الكويتية.
وبدا محيط خيمة مسلم البراك كبحر من سيارات الدفع الرباعي. ولم يتمكن قسم من الحاضرين من الاحتماء تحت الخيام وظل الآخرون في العراء وتحت المطر.
أما المرشح القبلي المعارض الصيفي مبارك الصيفي فاعتبر أن «من هو خلف الجويهل يريد إحراق البلد بأكمله»، فيما شدد المرشح نواف ساري المطيري على أن “المواجهة ليست مع الجاهل والصعاليك إنما المواجهة مع الجاهل الكبير الذي أضاع البلاد والعباد”.
وصعد المرشح القبلي علي الدقباسي (معارضة) اللهجة وقال “إن من يرش المطير بالماء نرشه بالدم”.
وفي هذا الإطار، قالت أحدى الشخصيات القبلية البارزة من المطير على هامش التجمع “إن المشكلة تكمن في أن هناك من يدفع هؤلاء الصغار للتهجم على القبائل، وخصوصاً على المطير، لأننا أصبحنا رأس الحربة في مواجهة الحكومة”. وأضاف مفضلاً عدم الكشف عن اسمه «لقد تبين لأيتام الحكومة السابقة» التي استقال رئيسها تحت ضغط الشارع “إنهم خسروا كل شيء وبالتالي يريدون إن يخربوا البلد”.
أما البرلماني المخضرم احمد السعدون فقال في تصريحات نشرت في الكويت إن “الصراع غير عادي بكل المقاييس، والأطراف التي تأكد أنها لن تعود تريد تخريب العملية الانتخابية”.
وفي أعقاب التجمع القبلي، اشتبكت شرطة مكافحة الشغب الكويتية في وقت متأخر الثلاثاء مع شباب قبليين اقتحموا مقر قناة الوطن الخاصة التي كانت تستضيف المرشح نبيل الفضل.
ويعتبر أبناء القبائل، الفضل انه من اقرب المقربين سياسياً من عدوهم المعلن المرشح محمد الجويهل.
وذكرت صحيفة القبس أن 14 عنصراً من الشرطة وثلاثة صحافيين أصيبوا بجروج ونقلوا إلى المستشفى في أعقاب هذه المواجهات.
كما تتقاطع المسألة القبلية جزئياً مع الطائفية إذ أن الجويهل مدعوم من بعض الشخصيات الشيعية الموالية للحكومة.
وانتقد الجويهل خلال حملته بشكل متكرر أبناء القبائل الذين يشكلون حوالي 55% من المواطنين الكويتيين، متهماً قسماً منهم بأنهم ليسوا «كويتيين حقيقيين» إذ قال إنهم يحملون جنسيتين، الأمر الممنوع في القانون الكويتي. ورفع لافتة كبيرة على مقره الانتخابي كتب عليها «الكويت للكويتيين» واعتبر أن بعض حاملي الجنسية الكويتية ليسوا كويتيين ويجب أن تخضعهم الحكومة لفحص الحمض النووي (دي ان ايه).
وسبق للجويهل أن أعلن مواقف مشابهة قبل سنتين خلال برنامج تلفزيوني ما أدى إلى احتجاجات قبلية.
وقد ادان الديوان الأميري الثلاثاء أحداث ليلة الاثنين و«المس بالقبائل» على حد سواء، وقال إنها تعد «خروجاً سافراً عن أخلاقيات الشعب الكويتي» داعياً في نفس الوقت إلى نبذ الروح الطائفية والقبلية والفئوية. كما أكد الديوان اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة «المحرضين» و«المساهمين» في هذا الهجوم.