فلسطين المحتلة: إعفاء اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية
أثارت المحكمة العليا الاسرائيلية غضب اليهود المتدينين المتشددين بعد حكم اصدرته الثلاثاء يقضي بالغاء الاعفاء الذي كان يتمتع به طلاب المدارس الدينية اليهودية من الخدمة العسكرية، ما ادى مرة اخرى الى توتر بين المتدينين والعلمانيين في اسرائيل.
وعلى الرغم من امكانية ان يؤدي هذا القرار الى تعقيدات سياسية وغضب اليهود المتشددين، فأن المعلقين اتفقوا على ان الائتلاف اليميني الحاكم بقيادة بنيامين نتانياهو، والذي تشكل احزاب اليهود المتشددين جزءا منه، ليس في خطر.
وأظهرت وثائق صادرة عن المحكمة اطلعت عليها وكالة فرانس برس، أن المحكمة العليا الاسرائيلية المؤلفة من تسعة قضاة الغت تعديلا على قانون الخدمة العسكرية كان اقر عام 2015 لارجاء تنفيذ قرار يعود الى العام 2014 قضى بالغاء استثناء المتدينين من الخدمة العسكرية.
وتم الغاء هذا الاستثناء عام 2014 بضغط من حزب “يش عتيد” الوسطي العلماني، الذي كان وقتها عضوا في الحكومة.
وكان القانون الذي اقر في عام 2014 يتيح زيادة عدد المجندين في صفوف اليهود المتدينين الذين كانوا يستفيدون من اعفاءات بحجة التفرغ للدراسة في المدارس الدينية.
والتجنيد مفروض على الاسرائيليين اليهود عند بلوغهم 18 عاما، حيث يخدم الرجال لعامين وثمانية اشهر والنساء لعامين.
ومنذ قيامها في 1948 واجهت اسرائيل مسألة تجنيد المتدينين، وعاملهم اول رئيس وزراء ديفيد بن غوريون معاملة خاصة، كونهم كانوا ضامنين لاستمرار دراسة تعاليم الديانة اليهودية.
ومع مرور الزمن والازدياد الكبير لاعداد السكان اليهود الارثوذكس، اعفي مئات الالاف منهم تلقائيا من الخدمة العسكرية، بينما استدعي الشبان الاخرون من ذات الفئة العمرية لادائها.
ويشكل اليهود الارثوذكس حوالى 10% من السكان في اسرائيل ويطبقون الشريعة اليهودية بشكل متشدد في حياتهم اليومية.
وتشير توقعات عدة انه مع استمرار تكاثر السكان من اليهود المتشددين، الذين تعتبر نسبة تزايدهم اكبر من نسبة تزايد العلمانيين، فأنهم قد يشكلون ربع السكان في اسرائيل بحلول عام 2050.
وبالاضافة الى اليهود المتشددين، يعفى العرب في اسرائيل من الخدمة العسكرية.
ويعد الجيش مؤسسة مركزية في الدولة العبرية، ويثير اعفاء اليهود المتشددين استياء اليهود الاخرين.
ويزيد الجدل الدائر حاليا من حدة التوتر بين اليهود المتشددين الملتزمين بقواعد الشريعة اليهودية، وبين العلمانيين المتمسكين بمظاهر الحياة الحديثة الذين لا يمانعون مثلا من العمل يوم السبت.
واعتاد الاسرائيليون على رؤية صور مواجهات جارية بين اليهود المتشددين ورجال الشرطة ضمن احتجاجات ضد تجنيدهم.
ويعتبر المتدينون ان التجنيد يفتح الباب امام الشبان للانحراف بسبب تركهم الصلاة والدروس الدينية، للاهتمام بالحياة العسكرية.
ورحب زعيم حزب “يش عتيد”(هناك مستقبل) يائير لابيد، والذي كان عضوا في حكومة بنيامين نتانياهو السابقة، في منشور على صفحته على موقع فيسبوك بقرار المحكمة العليا.
واعتبر لابيد ان التجنيد “لجميع الناس، وليس فقط للمغفلين الذين ليس لديهم اي حزب في الائتلاف” الحكومي الحاكم.
بينما اثار القرار غضبا وسلسلة من ردود الفعل المعادية للمحكمة العليا من جانب المسؤولين اليهود المتشددين.
واتهم وزير الصحة ياكوف ليتزمان في حديث مع الاذاعة العامة المحكمة العليا بمحاولة قلب الحكومة واحد القضاة بانه “دائما ضد اليهود المتشددين”.
بينما قال وزير الداخلية ارييه درعي في تغريدة على موقع تويتر ان المحكمة العليا “منفصلة تماما عن تقاليدنا (اليهودية)”.
واوردت الاذاعة العامة ان المسؤولين الرئيسيين في الاحزاب الدينية المتشددة سيعقدون اجتماعا الاربعاء لبحث وتحديد استراتيجية مشتركة.
ولكن من غير المتوقع اندلاع ازمة حكومية في الائتلاف اليميني الذي يقوده نتانياهو، بحسب المعلقين.
وكتبت صحيفة جيروزاليم بوست التي تصدر باللغة الانكليزية، ان الازمة الحكومية مستبعدة لان نتانياهو وقف بالفعل الى جانب الوزراء المتشددين في مواضيع حساسة تتعلق بالتحول الى اليهودية، والصلاة المختلطة امام حائط المبكى او العمل في ايام السبت، وانه قام دائما “بالاصطفاف الى جانب الاحزاب الدينية المتشددة”.
ومن جانبها، اكدت المحكمة العليا في قرارها ان الغاء الاعفاء سيدخل حيز التنفيذ بعد عام “من أجل اعطاء الوقت الكافي لتطبيق التعديلات” الجديدة.
وستمنح هذه المهلة الجيش والسلطات الأخرى الوقت الكافي لاعداد قانون موسع بهذا الشأن.
كما ستمنح فرصة للسياسيين لايجاد صيغة بديلة تكون مرضية للمحكمة والاحزاب السياسية لليهود الارثوذكس المتطرفين، الذين يبقى دعمهم مهما لتأمين الغالبية البرلمانية البسيطة للائتلاف الحاكم