آلاف المدنيين يفرون من جحيم الغوطة
واصل آلاف المدنيين الفرار من مناطق محاصرة في سوريا يوم الجمعة مع دخول معركتين كبيرتين في الحرب المتعددة الأطراف مراحل حاسمة ووجود مئات الآلاف محصورين في طريق الهجومين.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ضربات جوية قتلت عشرات الأشخاص في الغوطة الشرقية، بينما استمر تدفق السكان المنهكين سيرا على الأقدام لليوم الثاني مع تكثيف القوات الحكومية بدعم روسيا حملتها للسيطرة على آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق.
وعلى جبهة قتال أخرى، أفاد المرصد وقوات كردية سورية إن قوات تركية ومقاتلين متحالفين معها من المعارضة السورية قصفوا بكثافة مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة الأكراد في الشمال مما أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصا.
وقالت وحدات حماية الشعب الكردية التي تدافع عن عفرين، إنها تخوض معارك ضد القوات التركية والمقاتلين السوريين المتحالفين معها الذين يحاولون اقتحام المدينة من الشمال.
وأظهر الهجومان، اللذان تدعم روسيا أحدهما وتقود تركيا الآخر، كيف تعيد الفصائل السورية وحلفاؤها من الخارج إعادة رسم خريطة السيطرة في سوريا بعد أن سقطت العام الماضي دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية.
ودخلت الحرب السورية عامها الثامن هذا الأسبوع وأزهقت حتى الآن أرواح نصف مليون شخص وأدت لنزوح أكثر من 11 مليونا عن منازلهم، بينهم ستة ملايين تقريبا فروا إلى خارج البلاد في واحدة من أسوأ أزمات اللجوء في العصر الحديث.
وبدأت الحكومة هجومها على الغوطة الشرقية قبل نحو شهر وبدأت تركيا حملتها عبر الحدود في عفرين في يناير كانون الثاني. وهناك مئات الآلاف من المدنيين محاصرين بسبب الهجومين.
وقالت ليندا توم المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا إن ما يتراوح بين 12 ألفا و16 ألف شخص غادروا الغوطة في الأيام القليلة الماضية بينما تحدثت تقارير عن أن القتال في منطقة عفرين شرد أكثر من 48 ألف شخص.
بدعم من روسيا وإيران، توغلت قوات الحكومة السورية في الغوطة الشرقية على مشارف العاصمة وقسمت المنطقة إلى ثلاثة جيوب منفصلة. وتعتقد الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 400 ألف شخص محاصرون في المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية التي تضم مزارع وبلدات دون إمكانية للحصول على الغذاء أو الدواء.
وقال الجيش السوري الجمعة إنه استعاد مع القوات المتحالفة معه 70 بالمئة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة المسلحين في الغوطة الشرقية.
وقال بيان الجيش إن السلطات زودت آلاف المدنيين بعد خروجهم بالرعاية الطبية والمأوى. ودعت القيادة العامة للجيش السكان في البيان إلى الخروج.
وتتهم موسكو ودمشق المعارضة المسلحة بإجبار السكان على البقاء كدروع بشرية. وتنفي المعارضة ذلك وتقول إن الحكومة تهدف لتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة من سكانها.
وقال المرصد السوري إن هجمات جوية بالغوطة الشرقية أدت إلى مقتل 80 شخصا بينهم 14 طفلا في بلدات كفر بطنا وسقبا وحرستا يوم الجمعة.
وبث التلفزيون الرسمي السوري لقطات لرجال ونساء وأطفال يسيرون على طريق مترب قرب حمورية يحمل أكثرهم حقائب للفرار من مناطق المعارضة. ولوح بعضهم للكاميرا وقالوا إن المعارضة منعتهم من الرحيل.
ولأول مرة منذ أن بدأت الحكومة هجومها على الغوطة، الذي يعد أحد أسوأ الهجمات في الحرب، يفر السكان بالآلاف حاملين أطفالهم ومتعلقاتهم سيرا على الأقدام للخروج من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى مواقع حكومية.
وقال جاسم المحمود رئيس بلدية بلدة عدرا التي يسيطر عليها الجيش إن حوالي خمسة آلاف شخص يحتمون بالبلدة ومن المتوقع وصول ما يصل إلى 50 ألفا آخرين سيتم تقديم المساعدة الغذائية والطبية لهم.
وقال متحدث باسم فيلق الرحمن، وهو جماعة من المعارضة المسلحة تسيطر على الجيب الذي خرج منه النازحون، إنه لا يمكن ضمان سلامة المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وقال المتحدث وائل علوان إن الجماعة رفضت مقترحا من روسيا لإجراء محادثات داخل سوريا بشأن مغادرة الجيب.
وقال علوان، ومقره تركيا ”ما يطلبه الروس من الاستسلام عبر التفاوض الداخلي مرفوض“.
وقالت الفصائل الرئيسية في الغوطة بما فيها فيلق الرحمن في بيان إنها مستعدة لإجراء محادثات مباشرة مع موسكو في جنيف حول وقف إطلاق النار.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن لديها خططا للتعامل مع نزوح 50 ألفا من الغوطة الشرقية.
وبدأ النزوح الجماعي يوم الخميس بفرار آلاف من الطرف الجنوبي بالغوطة. .
وفي حملات لاستعادة مناطق أخرى سيطرت الحكومة السورية على أراض عن طريق توفير ممر آمن لمقاتلي ونشطاء المعارضة للتوجه إلى مناطق خاضعة للمعارضة على الحدود مع تركيا. وعرضت روسيا ممرا آمنا مماثلا لمقاتلي المعارضة للخروج من الغوطة الشرقية لكنهم رفضوا حتى الآن.