دعارة في الأحياء الشعبية في ضواحي باريس
نصيرة بلامين (خاص برس نت)
نوع جديد من الدعارة في فرنسا: دعارة أبناء الضواحي. والغرابة أنها تبدو بعيدة جداً عن واقع الإكراه وليست في ظل الشبكات الدولية، ولكنها تعتمد على قاصرين يرون الأمر كـ …هواية.
فال دو مارن: في الخفاء وفي غرف الفنادق في ضواحي باريس، نجد عشرات من البنات القاصرات تخضعن لتجارة الرقيق هذه كل واحدة منهن تستقبل لا أقل نت عشرة زبائن في اليوم الواحد لحساب قوادين أعمارهم لا تتجاوز سن الفتيات إلا بقليل.
أوقفت الشرطة خمسة رجال بالغين ما بين ٢٣ سنة و٣٣ سنة بجريمة إقامة شبكات دعارة منذ عام ٢٠١٢. وتمت محامتهم قبل أيام (مطلع نيسان/ابريل) . وبعد أن بدأت المحاكمة وكأنه تتناول العنف الزوجي ومن هلال الاعترافات، وتبين أن القضية تدخل في نسق الدعارة الجديدة، وحسب قول شرطي فإن هذه الدعارة في مرحلة التطور وتسمى لدى المحققين”تجارة الرقيق الأبيض في الضواحي”، ويديرها بشكل حاص مروجو وفرق من المحتالين الصغار.
وفي السنوات الأخيرة تطورت هذه االتجارة البعيدة عن الشبكات الدولية والتي تقول الشرطة إنها « فرنسية بحتة»، حيث يتم تشغيل البنات الصغار في أماكن لا تخطر على البال مثل بيوت المعونة الاجتماعية أو مراكز الطفولة، ويتم «إلتقاط» الفتيات عند ساعات الخروج من الثانويات، أو على فايسبوك أو سنابشات.
ويشير جون مارك دغوغي، مدير المرصد المركزي لقمع تجارة البشر في لقاء مع جريدة «لوموند الفرنسية» إلى أن: «نصف الضحايا قاصرات بعكس الشبكات الكلاسيكية» للبغاء حيث تعمل الأجنبيات من أفريقيا أو أوروبا الشرقية.
والجديد أن الضحايا التي يستغلها المتاجرون بأجسادها لا تفصح عن تململ كما هو حال المنغمسات في شبكات الدعارة. ويقول أرتور مارل بيرال مستشار الجمعية تعمل في مجال حماية الأطفال إنه «يوجد خوف من الإنتقام ولكن أيضا يشعرن بالعار والرغبة في طي الصفحة إلى جانب غياب التوعية». ولكنه يضيف «أنهن لا يعين خطورة الحادث ولا يعتبرن أنفسهن كضحايا».
في إحدى محاكمات قاصرات مارسن الدعارة في شقةفي الضواحي، برز وجود نوع من الابتذال في تجارة الأجساد. وقد سألت قاضية التحقيق فتاة تبلغ ١٦ عاما «لماذا تشاركين في كل هذا؟» فأجابتها: «صراحة لا أدري، تقريبا كل محيطي كان يمارس الدعارة» وتابعت «كذلك علاقاتي على الشبكات التواصل الاجتماعية يفعلون هذا»فتاة أخرى أجابت ««نرى ذلك في كل وقت، لقد أصبحت الدعارة حدثا عاديا وقد حدثتني عن هذه الامكانية صديقتي فحدث ما حد ث».هذه القاصرة التي انقطعت عن الدراسة وباشرت في إعداد دبلوم مهني، مارست الدعارة مع صديقتها لحساب شاب يبلغ ١٩ سنة ويقطن افي ضاحية باريس.
وحتى لا تتواجد كل واحدة منهن وحدها خلال ممارسة الدعارة تختبئ الواحدة تلوى الأخرى تحت السرير أو في حمام غرف الفنادق أو الشقق. وعملت إحداهن تحت إمرة قواد (اسمه شارلي) أصبح حبيبها بعد ذلك قبل أن تنتقل لتعمل لصالح قواد آخر (اسمه شارلي» وكانت تمارس الدعارة في شقة تملكها سيدة ذو 20 عاما لديها أطفال،وحولت شقتها بـ«أرجونتاي» إلى بيت دعارة.
وسألت القاضية نفسها ضحية أخرى للشبكة واسمها “ليا”: “كيف عايشت خدمات السيطرة التي كنت تمارسينها؟”، فأجابت: “كنت أجده مسليا، كان أي شيء”. ووتحدثت الفتيات عن المطلوب منهن خلال «فترات العمل من شتم وضرب والتغوط والتبول على زبائنهن».
وتقول معظم الشابات انهن يساعدن صاحبة إحدى المنازل حيث تدور الدعارة بأنها كانت تعيش وحدها مع طفلها البالغ ٣ سنوات فهي أرادت أيضا أن تستفيد من هذا المضمار.
وألحت القاضية على إحدى الفتيات قائلة: «كيف ترين اليوم ممارسة الدعارة بالنسبة إليك، بالنسبة إلى جسدك؟»، فردت الفتاةا: «هذا لا يزعجني، الدعارة متواجدة في كل مكان، كما أنها تجلب لي فقط المال السهل».
واعترفت إحداهن خلال الجلسة أنها خضعت للسهولة فلا يوجد «فرص عمل». وهو ما أكدته أخرى قالت بأنها تواجه «الرفض في مكان»، وهي مارست الدعارة في سن الـ ١٦ عاما في شقة أيضاً. وعندما سألتها قاضية التحقيق: «لماذا كنت بحاجة إلى النقود؟»، وتابعت «لأنه كانت لدي مشاكل مع والدتي، وكنت بحاجة لشراء السجاير والثياب والإعتناء بنفسي».
وعندما استطردت القاضية تسألها «أليس بالحل المجازف؟»… أجابت «لا أدري، ستقولين لي كنت قادرة على أن أعمل عند ماكدونالدز، هذا صحيح، لكن الأجور ضئيلة».
معظم فتيات شبكة «شارلي» كما تشير إليها الصحف في وضعية مزرية لا يحسد عليها،فإحداهن لم يكن لديها مستوى دراسة يتجاوز الصفوف التكميلية، دائمة وكانت تفر دائما من البيت العائلي. والدها كان يصفها بالمتشردة والمنفصمة الشخصية.
يقول مفتشو الشرطة : «يتم انتقاء الفتيات بسهولة لأنهن بحاجة إلى المال أو أنهن مولعات بالقواد، هن بحاجة إلى حماية لأنه يوجد الكثير من العنف لدى الزبائن».
فالقواد كان يوفر لهن هواتف نقالة، وحوافظ وقائية (كوندوم)، ونشافات وكريمات مزيتة، وكان هؤلاء الرجال يضمنون الأمن ويقومون بتنظيم الإعلانات والطلبات الهاتفية للزبائن. فما يكون على الفتيات سوى «مرافقة» الزبون في فنادق رخيصة في المنطقة الباريسية أو في أحدى الشقق بالعاصمة، وكن يستقبلن ما بين ١٠ و١٥ زبون في اليوم الواحد من الساعة ١٠ صباحا إلى ١٠ ليلا.
وتعتبر تجارة الرقيق الأبيض تجارة 2.0 تجلب الزبائن من خلال إعلانات على الإنترنيت حتى وصولهم إلى الفنادق. وهذه الظاهرة في البداية لم تكن مكشوفة لأن ممارسة الدعارة كانت في أغلبها غريبة كما أن بنية ممارسة الدعارة ساهمت في جعلها مخفية. حتى أن رجال الشرطة عجزوا في تحديد مسارها.