بومبيو منع إدراج السعودية على قائمة أمريكية للدول التي تستخدم الأطفال جنودا
قال أربعة أشخاص مطلعون إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو منع إدراج السعودية على قائمة أمريكية للدول التي تستخدم الأطفال جنودا، رافضا ما توصل إليه خبراء من أنها تستخدم أطفالا للقتال في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن.
ومن شأن هذا القرار، الذي صدر بعد نقاش داخلي محتدم، إثارة اتهامات جديدة من جانب أنصار حقوق الإنسان وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكي بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تضع المصالح الأمنية والاقتصادية على رأس أولوياتها فيما يتصل بالعلاقات مع السعودية الغنية بالنفط والتي هي أحد أكبر حلفاء الولايات المتحدة وأحد أكبر مشتري الأسلحة منها.
وجاء قرار بومبيو بينما يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران المنافس الرئيسي للسعودية في المنطقة.
وقالت المصادر الأربعة إن خبراء في وزارة الخارجية الأمريكية أوصوا بإدراج السعودية على القائمة التي ستعلن قريبا والتي استندت جزئيا إلى تقارير إخبارية وتقديرات جماعات حقوق الإنسان التي ذكرت أن السعودية استأجرت مقاتلين أطفالا من السودان للقتال لصالح التحالف المدعوم من الولايات المتحدة في اليمن.
ووفقا لثلاثة من المصادر واجهت التوصية اعتراضا من مسؤولين آخرين في وزارة الخارجية الأمريكية رأوا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت القوات السودانية تعمل تحت إمرة ضباط سودانيين أم أنها تتلقى التعليمات من التحالف بقيادة السعودية.
وكان تقرير في صحيفة نيويورك تايمز نقل عن مقاتلين سودانيين قولهم إن قادتهم السعوديين والإماراتيين يوجهونهم من مسافة آمنة لقتال أعداء التحالف من ميليشيات جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.
وقال العقيد الركن تركي المالكي المتحدث باسم قوات التحالف ”الادعاءات بتجنيد الأطفال غير صحيحة مطلقا ولا ترتكز على أي أدلة وإثباتات واقعية“. واتهم المالكي أعداء السعودية باستخدام الأطفال جنودا في اليمن.
وقالت المصادر الأربعة، التي طلبت عدم نشر أسمائها، إن بومبيو رفض توصية الخبراء الذين يعملون بمكتب وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الاتجار بالبشر. وللمكتب دور رئيسي في التحري عن تجنيد الأطفال حول العالم.
وردا على أسئلة من رويترز، قال مسؤول في وزارة الخارجية ”تندد الولايات المتحدة بالتجنيد غير القانوني للأطفال أو استخدامهم كجنود. ونؤكد أهمية وقف مثل هذه الممارسة أينما كانت“. لكن المسؤول لم يشر على وجه الخصوص إلى القرار المتعلق بالسعودية أو ما إذا كانت علاقات الرياض الأمنية مع واشنطن أُخذت في الاعتبار.
وقالت ثلاثة مصادر إنه بدلا من إدراج السعودية سيتم إعادة إدراج السودان الذي كان خرج من القائمة العام الماضي.
وقال متحدث باسم قوات الدعم السريع في السودان، والتي شاركت بجنود في حرب اليمن، إن الجنود السودانيين تابعون للجيش السوداني. وأضاف أنه وفقا للقوانين السودانية، لا يجند الجيش قُصرا. ولم يرد المتحدث بشكل مباشر على سؤال بشأن من يسيطر على القوات السودانية في اليمن.
وستصدر قائمة الدول التي تستخدم الأطفال جنودا ضمن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي العالمي بشأن الاتجار بالبشر. وقالت المصادر إن من المتوقع نشر هذا التقرير بحلول يوم الخميس.
ويطالب قانون حظر تجنيد الأطفال لسنة 2008 وزارة الخارجية الأمريكية بإصدار تقرير سنوي يتضمن البلدان التي تستخدم الأطفال جنودا. ويحدد هذا القانون الطفل المقاتل بأنه ”أي شخص عمره أقل من 18 عاما ويشارك بشكل مباشر في الأعمال القتالية كفرد في قوات مسلحة حكومية“.
ولا يُسمح للجيوش الأجنبية المدرجة على هذه القائمة بتلقي أي معونة أو تدريب أو أسلحة من الولايات المتحدة إلا بعدما يصدر الرئيس الأمريكي قرارا بالإعفاء الجزئي أو الكلي من عقوبات ذات صلة استنادا إلى ”مصلحة قومية“. وأصدر ترامب ورؤساء أمريكيون سابقون مثل هذه القرارات لصالح دول تربطها علاقات أمنية وثيقة مع الولايات المتحدة.
وقال السناتور بوب مينينديز كبير الأعضاء الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي على تويتر ”هذا أمر يستحق الشجب… هل لا توجد حدود لما تريد أن تفعله إدارة ترامب للتستر على انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان وخرق المعايير الدولية؟“.
وقالت سارة مارجون مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش بواشنطن ”يظهر القرار بجلاء أن إدارة ترامب تلجأ للتلاعب السياسي ورفض الأدلة، على حساب الأطفال، حتى تحمي السعودية“.
وقال ثلاثة من المصادر المطلعة إنه على الرغم من أن النقاشات الداخلية لمسائل مثل انتهاكات قانون حظر تجنيد الأطفال تدور عادة قبيل إعلان قائمة وزارة الخارجية السنوية، فإن النقاشات كانت هذه المرة محتدمة بشدة.
وذكر تقرير نيويورك تايمز أنه منذ نهاية عام 2016 أرسل التحالف بقيادة السعودية ما يصل إلى 14 ألف جندي سوداني منهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما للقتال في اليمن وأن التحالف دفع ما يصل إلى عشرة آلاف دولار مقابل المجند الواحد. واعتمد التقرير على إفادات من مقاتلين سودانيين عادوا إلى وطنهم ومن أعضاء في البرلمان السوداني.
وفي واشنطن يمثل الصراع اليمني قضية مثيرة للخلاف تتجاوز حدود وزارة الخارجية.
وأرسل السودان آلاف الجنود إلى اليمن ضمن التحالف بقيادة السعودية الذي تدخل في الحرب الأهلية عام 2015 ضد الحوثيين الذي سيطروا على غالبية المناطق المأهولة بالسكان في اليمن وأجبروا الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار إلى المنفى.
ومنذ بدء القتال تقريبا طاردت أطراف الصراع الدامي اتهامات استخدام الأطفال جنودا.
وأفاد تقرير قدمه خبراء مستقلون إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أغسطس آب 2018 بأنه لا يوجد في حرب اليمن طرف بريء من ”تجنيد أو ضم الأطفال إلى القوات أو الجماعات المسلحة أو استغلالهم للمشاركة بنشاط في الأعمال العدائية“.