اليمن: عشر طائرات مسيرة شاركت في تنفيذ الهجوم على معملين تابعين لشركة أرامكو السعودية
هاجمت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران يوم السبت قلب صناعة النفط السعودية باستهداف معملين تابعين لشركة أرامكو السعودية، أحدهما أكبر معمل لتكرير النفط في العالم، وقالت مصادر إن الإنتاج والصادرات تأثرت بسبب الهجوم.
وقال مصدران مطلعان إن الهجوم أثر على إنتاج خمسة ملايين برميل يوميا من النفط وهو ما يقترب من نصف إنتاج المملكة ويشكل نحو خمسة بالمئة من إمدادات النفط العالمية.
وتسبب الهجوم الذي استهدف بقيق وخريص قبل الفجر في اشتعال عدد من الحرائق لكن المملكة قالت فيما بعد إنها تمكنت من السيطرة عليها.
ولم تشر السلطات السعودية إلى ما إذا كان الإنتاج أو التصدير قد تأثر جراء الهجوم، لكن التلفزيون السعودي قال إن الصادرات مستمرة. ولم يصدر تعليق من أرامكو على الهجوم بعد.
ويأتي الهجوم بطائرات مسيرة على أكبر بلد مصدر للنفط في العالم بينما تستعد شركة أرامكو العملاقة التابعة للدولة لطرح عام أولي لحصة من أسهمها قريبا ربما هذا العام. كما يجيئ في أعقاب هجمات عبر الحدود على مرافق نفطية سعودية وعلى ناقلات نفط في مياه الخليج.
وبدا أن هجوم يوم السبت هو الأكثر جرأة من الحوثيين على السعودية حتى الآن.
واتهمت السعودية، التي تقود تحالفا تدخل في اليمن عام 2015 ضد الحوثيين، إيران بالمسؤولية عن هجمات سابقة، وهو ما نفته طهران. كما تتهمها المملكة بتسليح الحوثيين وهو ما تنفيه الجماعة وطهران.
وذكرت قناة الإخبارية التي تديرها الدولة نقلا عن مراسلها أن الهجوم لم يسفر عن ضحايا لكن لم يصدر بيان رسمي بعد.
وقال شاهد من رويترز في موقع قريب إن 15 سيارة إسعاف على الأقل شوهدت في المنطقة مشيرا إلى وجود أمني مكثف حول بقيق.
وقال بوب مكنالي رئيس مجموعة رابيدان للطاقة، وعمل في مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال حرب الخليج في 2003، ”تنفيذ هجوم ناجح على بقيق سيكون بمثابة نوبة قلبية حادة لسوق النفط والاقتصاد العالمي“.
تقع بقيق على بعد 60 كيلومترا جنوب غربي مقر أرامكو في الظهران بالمنطقة الشرقية ويوجد بها أكبر معمل لتكرير النفط في العالم. وتعالج المنشأة النفط الخام القادم من حقل الغوار العملاق قبل نقله للتصدير إلى مرفأ رأس تنورة، أكبر منشأة لتحميل النفط في العالم، والجعيمة. كما يصل إنتاج هذه المصفاة غربا إلى محطات تصدير على البحر الأحمر.
وقال مصدران إن حقل الغوار يحرق الغاز المصاحب بعد الضربات التي عطلت عمل منشآت المعالجة.
ويوجد في خريص الواقعة على بعد 190 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من الظهران ثاني أكبر حقل نفطي في السعودية.
ويقيم كثير من موظفي أرامكو الغربيين في بقيق. وقالت السفارة الأمريكية في الرياض إنها لا علم لها بإصابة أي أمريكيين في الهجمات.
وندد السفير الأمريكي لدى السعودية جون أبي زيد يوم السبت بالهجوم. ونقلت السفارة عن أبي زيد قوله على تويتر ”تدين الولايات المتحدة بشدة الهجمات التي نفذتها اليوم طائرات مسيرة على منشأتي نفط في محافظة بقيق وهجرة خريص. إن هذه الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية والتي تعرض المدنيين للخطر تصرف غير مقبول، وستفضي عاجلا أم آجلا إلى فقدان أرواح بريئة“.
وقال آندرو موريسون وزير الشؤون الخارجية البريطاني المسؤول عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تغريدة على تويتر ”هجوم غير مقبول بالمرة على منشآت نفط في السعودية هذا الصباح“. وأضاف قائلا ”على الحوثيين وقف تقويض أمن السعودية بتهديد المناطق المدنية والبنية التحتية التجارية“.
وقالت المصادر الثلاثة المطلعة إن أرامكو رفعت مستوى الاستعداد للطوارئ وتعقد اجتماع أزمة بعد الهجوم.
والهجوم هو الأحدث في سلسلة من الضربات الصاروخية والهجمات بطائرات مسيرة على مدن سعودية لكن الدفاعات السعودية اعترضت أغلبها من قبل أما مؤخرا فقد وصلت لأهدافها.
وأصاب الحوثيون حقل الشيبة النفطي الشهر الماضي ومحطتي ضخ في مايو أيار. وأشعل الهجومان حرائق لكنهما لم يتسببا في تعطل الإنتاج.
وقال كمران بخاري المدير المؤسس لمركز السياسة العالمية في واشنطن لرويترز ”هذا موقف جديد نسبيا على السعوديين. لم يكن لديهم أي مخاوف حقيقية لأطول فترة ممكنة بشأن استهداف منشآتهم النفطية من الجو“.
وأشار إلى أن الرياض تمكنت بشكل كبير من قبل من حماية أصولها النفطية من هجمات السيارات المفخخة التي تنفذها جماعات متشددة.
بعد ساعات من ضربة الحوثيين في بقيق قال شاهد من رويترز على مقربة إنه ما زال بالإمكان رؤية الحريق والدخان لكنه بدا أنه أخمد بحلول المساء. وفي وقت سابق أظهر تسجيل مصور، تحققت رويترز من صحته، حريقا متوهجا ودخانا كثيفا يتصاعد في السماء قبل الفجر. وظهرت سيارة طوارئ تهرع للمكان.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية السعودية إن فرق الأمن الصناعي التابعة لأرامكو، والتي كافحت الحريقين بدءا من الساعة الرابعة صباحا (0100 بتوقيت جرينتش)، تمكنت من ”السيطرة على الحريقين والحد من انتشارهما“. ولم يشر المتحدث إلى الجهة مصدر الهجوم لكنه قال إن الجهات المختصة باشرت التحقيق.
وقال شاهد من رويترز إن التحالف بقيادة السعودية شن يوم السبت هجمات جوية على محافظة صعدة بشمال اليمن، وهي معقل للحوثيين. وذكرت قناة المسيرة التلفزيونية التي يديرها الحوثيون أن الطائرات الحربية استهدفت معسكرا للجيش شمالي مدينة صعدة.
وأعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين أن الهجمات أصابت بدقة مصفاتين تابعتين لأرامكو في الموقعين اللذين يبعدان أكثر من ألف كيلومتر من العاصمة اليمنية صنعاء، دون أن يقدم دليلا يثبت هذا.
وقال المتحدث ”نعد النظام السعودي أن عملياتنا القادمة ستتوسع أكثر فأكثر وستكون أشد إيلاما“.
وفي رد فعل نادر على مثل هذه الهجمات على السعودية، أشاد قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني بصمود الحوثيين في تغريدة على تويتر.
وتصاعد التوتر في المنطقة خلال الشهور الأخيرة بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران وجددت العقوبات الاقتصادية عليها.
وعبرت الإمارات والكويت عن دعمهما لأي إجراءات تتخذها السعودية دفاعا عن أمنها.
كما أدانت الرئاسة الفلسطينية ما وصفته بالهجوم الإرهابي وقالت إنها تعتبره تصعيدا خطيرا يزيد من حدة التوتر في المنطقة. وأبدى البيان دعم السلطة الفلسطينية للسعودية في مواجهة الاعتداءات الإرهابية.
وقال مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث في بيان إن التصعيد العسكري الحوثي ”مقلق للغاية“ وحث كل الأطراف على التحلي بضبط النفس.
ويعرقل العنف جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة لتخفيف التوتر بين الحوثيين والسعودية بهدف تمهيد الطريق لمحادثات سياسية تفضي لإنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الألوف ودفعت الملايين إلى شفا المجاعة.
ويُنظر على نطاق واسع إلى حرب اليمن على أنها حرب بالوكالة بين السعودية وإيران.