المعرض الدولي للفن المعاصر FIAC في دورته ٤٦: تخصيص مساحة للاعمال العربية
باريس – برس نت
افتتاح المعرض الدولي للفن المعاصر (فياك) في دورته السادسة والأربعين في القصرين الكبير والصغير وفي حديقة التويلري وساحة الفاندوم، تحت عنوان القضايا الإنسانية منها البيئة وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والاقتصاد ولقمة العيش والهجرة والحوار بين الأزمان والموت.
المعرض العريق، الذي يستضيف 199 جاليري من أنحاء العالم، خصص لأفريقيا وآسيا وجنوب أفريقيا والشرق الأوسط هذا العام مساحة كبيرة على حساب المساحة التي تُعطى لفرنسا.
وتقول مديرة المعرض النيوزلندية جينيفر فلاي لرويترز ”هذا العام أردنا أن يحمل المعرض عناوين متنوعة مثل الدهشة والغرابة والتوهج والحوار بين الثقافات والانفتاح على تقاليد الآخر، وقد حافظنا على تقليد عريق بترسيخ (فياك) كمكان لاكتشاف مواهب ناشئة وجاليريهات جديدة، الأمر الذي يؤمن حواراً بين أجيال مختلفة من الفنانين الكبار والصغار في السن والقيمة“.
وأضافت ”كما حافظنا على تميزنا بين الفن الحديث والفن المعاصر الكلاسيكي وفنون البلاستيك في نفس الوقت“.
وتابعت قائلة ”هناك 25 جاليري جديدا منها له اسم عالمي لامع مثل جاليري ليفي جورفي من نيويورك، وهوبكينس من باريس، وجاليري جرين آرت من دبي، وهناك بلدان تشارك صالات عرضها للمرة الاولى مثل إيران وساحل العاج“.
وعن المشاركات العربية قالت ”المعرض يوسع رقعته الجغرافية عاما بعد عام، نحن اليوم في (فياك) منفتحين عن سابق إصرار وتصميم على الثقافات الأخرى أكثر من أي وقت مضى خصوصا في مجال الفن البلاستيكي المعاصر، ونحن فضوليون ومتحمسون لاستضافة وتقديم فنانين من الشرق الأوسط والعالم العربي وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية“.
وعلى عكس الأعوام السابقة، كان للفنانين العرب مساحة كبيرة لم تقتصر على الجزائريين والمغاربة والتونسيين المقيمين في أوروبا بل تعدتها إلى فنانين من مصر مثل معتز نصر وحسن خان، ومن السعودية مثل أحمد ماطر، ومن لبنان مثل لورانس أبو حمدان وجوانا حاجي توما وخليل جريج ومها ملوح وشربل بطرس ووليد رعد، ومن فلسطين منى حاطوم، ومن المغرب يونس رحمون، ومن الجزائر عادل عبد الصمد وغيرهم.
وأصر القائمون على المعرض على استضافة أعمال عربية من خلال جاليريهات عالمية مثل (كونتينيوا) و(شانتال كروسيل) و(بولا كوبر) و(مور شاربيتيه) و(إن سيتو- فابيين ليكليرك) و(غرين آرت) و(طرينزينغر) و(جي أم دي).
لكن كان للتجهيز الفني (مراكب الشمس) بتوقيع الفنان المصري معتز نصر المعروض ضمن مشروع ”خارج الأسوار“ في صدر حديقة التويلوري، وقع مميز لفت انتباه رواد المعرض لضخامته وطرحه قضية الهجرة من أجل لقمة العيش، كما قال لرويترز.
وقال نصر، المقيم في القاهرة والمعروف بانشغاله بفكرة التنمية الجيوسياسية والاجتماعية في أفريقيا، إن هذا العمل الذي عرض سابقا في معرض (فن أبوظبي) طُلب بالاسم من قبل معرض (فياك).
واستطاع نصر صنع قرص الشمس من 350 مجدافاً مصنوعة من الخشب يتصل كل منها بالآخر في شكل دائري لتوضيح الحركة البشرية اللانهائية المترابطة على الأرض سعيا للاستمتاع بحياة أفضل.
وقال إنه يحاول عبر هذا العمل ”تصوير أساس هذه الحركة البشرية باستخدام مجارف الخبز التي يصادف تطابقها مع مجاديف القوارب الحالية“.
ولفت هذا العمل وغيره من إبداع الفنانين العرب نظر النقاد الفرنسيين. وقالت الصحفية الفرنسية سيلين مارشان (41 عاما) لرويترز ”ما يلفت انتباهي في الأعمال العربية ومنها عمل معتز نصر، وهو فنان عالمي اليوم، أنها تحمل هما سياسيا واقتصاديا في مجملها“.
وقد أثار عملان عنوانهما (الزمن إلى الأمام) و(دوّار) للبنانيين جوانا حاجي توما وخليل جريج الحائزين على جائزة مارسيل دو شان 2017 جدلاً بين متابعي هذه الأنواع من الفنون.
يدور العملان حول العينات الجيولوجية والاركيولوجية، فيبدو للناظر إلى الصور وإلى التجهيز الفني المتدلي من السقف حاملاً بين طياته الزجاجية صخرات من أزمنة مختلفة، أنه عمل يبحث في تاريخ الأرض وتحولاتها، لكن مع قليل من التركيز تتضح بقايا حروب ونفايات وبلاستيك ورمال من مختلف الألوان والأشكال.
وقال خليل جريج لرويترز ”أردنا من خلال هذا العمل طرح الأسئلة حول ماذا يقبع تحت أقدامنا؟ ماذا يخلف التاريخ من آثار؟ فقمنا على مدار سنوات بجمع عينات تربة تكشف عن أطلال المدن المطمورة الخفية في لبنان وتحديداً في طرابلس، والقابعة تحت المدن الراهنة“.
وأضاف ”تُستخرج تلك العينات من مواقع البناء قبل أن يتم التخلص منها، بيد أنها تكشف عن صدوع الزمان وعن رسوبات الصراعات والحروب وعن الكوارث الطبيعية وعن التعافي والبعث“.
وتابع قائلا ”تغدو الأحجار علامات تؤشر إلى الزمن السرمدي، تستحوذ على مخيلتنا فتقذف بنا بعيداً على نحو يثير الدوار.. من الصورة العامة إلى الميكروسكوبية، من الخارطة إلى اللقطة المقربة، من الخلود إلى الانقطاع“.