ثلاث إمكانيات لوقف نار «حزب الله» في الشمال
اليكم الاخبار نستهلها بالموجز: ليس لإسرائيل، او الولايات المتحدة خطة مرتبة في حال عدم وجود صفقة مخطوفين. بالنسبة للاميركيين هذا واضح تماماً. يوم الأربعاء أيضا، حين رفضت حماس عملياً مقترح إسرائيل/الرئيس بايدن، قال الأميركيون للسنوار وماذا بعد؟ وعندها أعلنوا انه يوجد ما يمكن الحديث فيه. هذا موضوع ثابت في واشنطن، التعلق التام بالاتفاق مع حماس. السفير الأميركي في إسرائيل قال لي في مقابلة معه ان الصفقة في واقع الامر هي المسار الوحيد الى الامام. البيت الأبيض يريد للنار أن تتوقف. كل ما تبقى – ثانوي. هذا ليس بالضبط سلوك امبريالي، لكن بعد أن أعطوا اسناداً على مدى نحو نصف سنة، وهو زمن اكثر بكثير مما تلقته إسرائيل من واشنطن في كل حرب أخرى في الماضي، فان للرئيس بايدن أيضا توجد اعتبارات سياسية. مشكلة حادة اكثر هي ان ليس للولايات المتحدة – حتى دون صلة بالانتخابات – أي استراتيجية بعيدة المدى للتصدي لإيران وحلفائها في المنطقة. «تحدث برقة وخذ معك عصا غليظة»، قال الرئيس تيدي روزفيلت. اما باقي الجملة فهو معروف أقل: «انت ستصل بعيداً هكذا». الولايات المتحدة لن تصل بعيداً في الشرق الأوسط فقط مع حديث رقيق ومناشدة الى صفقة، تطبيع وسلام.
بمقابل الولايات المتحدة، تتظاهر إسرائيل وكأنه توجد لها الامكانيتان: استمرار الحرب و «النصر المطلق» الذي يطل ظاهراً، حسب نهج بيبي وتساحي هنغبي أو صفقة إعادة المخطوفين. من جهة يوجد مؤيدو الصفقة ومن الجهة الأخرى رجال رئيس الوزراء نتنياهو. في اكثر من مفهوم، هذا جدال نظري. حماس نفسها تعطي الانطباع بانها ليست مستعجلة للصفقة؛ ففي هذا الأسبوع نشرت في «وول ستريت جورنال» رسائل اطلقها يحيى السنوار من مكان اختبائه. وهذه جسدت بانه يؤمن بان حماس تنتصر في الحرب وان الضحايا الفلسطينيين «سيضخون دماً في عروق الأمة بحيث تتسامى الى عظمة المجد والشرف». جنون في ذروته. من اكتسب لقب «الجزار من خان يونس» لم يكسبه عبثاً.
بالتوازي لا يوجد في الجانب الإسرائيلي مؤشرات على تفكير حقيقي في بديل بعيد المدى ليس الصفقة. فما هي «العصا الغليظة» خاصتنا؟ مثلا، كيف سيعرف الانتصار في قطاع غزة. هل مثل هذا الانتصار لن يعلن الا بعد تصفية السنوار وشركائه؟ وسؤال فوري أكثر: اذا كان حزب الله يواصل اطلاق النار في الشمال، وإسرائيل تخرج الى حرب أوسع، كيف سيكون ممكناً مواصلة القتال المكثف في الجنوب؟ هذا سؤال جوهري. اذا شرع الجيش الإسرائيلي في حملة مع دخول بري الى لبنان وتلقى حزب الله ضربة قاسية، فهل بعدها سيوقف نصرالله النار ويقطع الرابط بين غزة ولبنان؟
القصة كبيرة: ساحة المعركة الأساس تنتقل من الجنوب الى الشمال. وزير الدفاع غالنت هو الذي يوجه كل المنظومة لأن توجه المقدرات شمالاً اكثر فأكثر. هو وجهاز الامن مصممان على محاولة إعادة السكان الى الشمال، قبل بدء السنة الدراسية. هذا يستدعي محاولة عنيدة، عسكرية أو غيرها، لوقف نار حزب الله. وهاكم ثلاث إمكانيات:
إمكانية أولى، لا يستطيبها الجيش هي أن تتوقف الحرب في الجنوب، فيوقف حزب الله النار في الشمال «والهدوء يجاب بالهدوء». او تتقرر تسوية ما هي خدعة «انسحاب قوات حزب الله لثمانية كيلومترات». نتنياهو، على مدى الحرب تطلع الى هذا الوضع. اعرب عن مخاوف هائلة من حرب مع حزب الله بما في ذلك في محادثات اجراها بعد قرار الكابنت في 11 أكتوبر عدم شن هجوم مفاجئ على حزب الله. قرار اتخذ بخلاف موقف رئيس الأركان ووزير الدفاع غالنت. المشكلة هي انه لا يوجد أي مؤشر لوقف الحرب في الجنوب – وقف يسمح لحزب الله بالنزول عن الشجرة. يمكن الإعلان من طرف واحد عن النصر في الحرب، والانهاء. فهل هذا سيكون كافيا لنصرالله؟ ليس مؤكدا.
إمكانية ثانية، هي اتفاق في الجنوب، بما في ذلك إعادة المخطوفين واستغلال النافذة الزمنية للمبادرة الى حملة عسكرية في لبنان – تفرض تطبيق قرار 1701 وابعاد حزب الله بشكل كبير عن الحدود. في الجيش يحبون هذه الامكانية لان الصفقة ستفرغ لهم القوات من الجنوب. الاحتمالية السياسية لتحقق هذه الامكانية متدنية. فمن يوقف الحرب في الجنوب لا يفعل هذا كي يبدأ بالاجمال حربا اشد في الشمال.
الامكانية الثالثة، وهي التي تبدو الأكثر معقولية هي انه لن يكون اتفاق في الجنوب لكن الحرب هناك ستنتهي عملياً. الجيش الإسرائيلي ينقل القوات والمقدرات الى الشمال ويتطلع الى حملة مركزة تضرب حزب الله بشدة وتؤدي – أملا – الى ابعاده عن الحدود. هذا تحدٍ حاد وخلاصته في السؤال التالي: هل التسوية التي ستتحقق بعد هذه الحملة ستكون أفضل من كل تسوية محدودة اليوم؟ ينبغي إيضاح المعاني: في مثل هذه الحملة، سيطلق حزب الله آلاف الصواريخ الثقيلة والدقيقة نسبياً في كل ارجاء الشمال، انتهاء بحيفا. وحتى عندما يلجم الطرفان إسرائيل ونصرالله، نفسيهما، ستشهد إسرائيل دمارا لم تشهده من قبل. تقدر محافل استخبارات بان ايران ستميل الى الانضمام وتهاجم إسرائيل في حرب واسعة مع حزب الله. «اذا كانت الفرضية حتى الآن بان حزب الله سينضم اذا ما هاجمنا ايران، فان آخر التقديرات هو ان ايران ستنضم اذا ما هاجمت إسرائيل حزب الله عميقاً. كما توجد تحديات مادية: المنشورات التي تقول ان الولايات المتحدة تواصل تأخير وصول الذخائر الى إسرائيل، الآن أيضا. أفترض أن هذه قنابل لازمة للحرب في لبنان.
إرخاء الحزام
انتبهوا لما يحصل هنا، حقاً: انهاء الحرب في الجنوب ليس قضية بالنسبة لكبار مسؤولي جهاز الامن. فمنذ اكثر من شهر والجيش يقول للكابنت بان هزيمة الذراع العسكري لحماس قريبة جداً. فقد فقدت المنظمة اكثر من ثلث قوتها المقاتلة، حسب تقدير الجيش نحو 15 الفاً من رجالها. نحو 60 في المئة من البنية التحتية العسكرية لحماس دمرت. ليس لحماس قدرة على اصدار هجوم يقترب من حجوم 7 أكتوبر. كتائب رفح على شفا التفكك. الأسبوع الماضي عملت قوات الجيش في قلب النصيرات، بكثافة وبمفاجأة، في قلب منطقة مبنية لم تتواجد فيها في الماضي؛ تجسيد للسيطرة العسكرية الإسرائيلية في ارجاء القطاع. إسرائيل حققت إنجازاً تكتيكياً مبهراً، يقول مصدر امني كبير في محادثات مغلقة، «لكن لا يهم كم إنجازات تكتيكية نحقق، يجب أن يكون هدف استراتيجي واضح، والا سنواصل التنقل من نقطة الى نقطة دون حسم».
في الجيش الإسرائيلي يعتقدون بان الإنجاز التكتيكي الممتاز للفرق في قطاع غزة يسمح لإسرائيل «بالانتقال الى مرحلة أخرى»، وفي واقع الامر لانهاء الحرب في الجنوب من خلال اتفاق لاعادة المخطوفين. المصلحة الإسرائيلية حسب جهاز الامن، مثلما هي حسب الأغلبية المطلقة في هيئة الأركان هي الاعتراف بان إسرائيل هزمت حماس، الانتقال الى مرحلة «القتال». «في اطار صفقة، لا حاجة للتخوف من القول بوضوح: هذه نهاية الحرب»، تقول محافل امنية، «نهاية الحرب ليست نهاية القتال. المعلومات الاستخبارية ستواصل التدفق وكذا أيضا إمكانية الهجوم من الجو او البر. ستكون شرعية تامة للعمل حتى بعد نهاية الحرب اذا ما حاولت حماس العمل ضدنا. ونحن بالطبع نعرف جيدا أنهم سيحاولون ذلك».
لا يوجد أي محفل في الساحة السياسية – يئير لبيد، بيني غانتس، يوآف غالنت وبالتأكيد بنيامين نتنياهو – مستعد لأن يقول أموراً واضحة في موضوع نهاية الحرب. رئيس الوزراء نجح في تحويل هذه المسألة الى الوصية الـ 11: الحرب لن تنتهي قبل النصر المطلق الذي لا يعرفه على الاطلاق. لكن من خلف الكواليس تبدو الساحة السياسية مختلفة تماماً. الموضوع هو أنها تخشى رد فعل الجمهور، تخشى بث الريح في اشرعة حماس وأساساً تخاف من أن تدين آلة السم كل قول يدعو الى وجوب إنهاء الحرب.
عن «يديعوت أحرونوت»