فايز سارة لـ “أخبار بووم”: لا حرب أهليّة في سوريا
حاوره: بسّام الطيّارة
اختط المعارض السوري فايز سارة لنفسه نهجاً فريداً في التعاطي مع واقع الأزمة السورية، حتى أنه اخذ لنفسه مسافة من قوى المعارضة البارزة حالياً سواء في الداخل أو الخارج. في هذا المقابلة مع صحيفة “أخبار بووم” الإلكترونية يؤكّد سارة أن الحرب الأهلية مستبعدة في سوريا، وأن النظام يدفع بحله الأمني نحو التدخل الخارجي، القائم فعلياً على يد النظام نفسه.
كيف ترى الوضع في سوريا اليوم، والى اين تتجه الامور؟
ببساطة شديدة، يبدو الوضع سائرأً نحو الاسوأ نتيجة التصعيد الذي يسير فيه النظام بشن الحرب على مدن وقرى، كما يحدث في حمص وادلب وريف دمشق. وترفع معاناة السوريين في هذه المناطق وغيرها مستويات الغضب السوري من جهة، وتوسع خطر اللجوء الى السلاح، ما يسمح بانتشار اكبر لاستخدام السلاح وحدوث تحولات تؤسس لمرحلة جديدة في الواقع السوري الحالي، وما لم يحدث تحول سياسي كبير في توجه النظام او جزء فاعل منه نحو حل سياسي، فسيكون التدخل العسكري هو النتيجة الطبيعية لما يحصل الان.
سلمية الثورة خيار واقعي وضروري
هل خيار سلمية الثورة لا يزال واقعياً؟
نعم سلمية الثورة هو شعار واقعي وضروري لأنه يعطي الثورة بعدها الاخلاقي، ويعطيها قوة لا يمكن أن تقارن بأية قوة اخرى، وخصوصاً أن السلمية تضمن مشاركة قطاعات واسعة من الشعب، بمن فيهم النساء وكبار السن وغيرهم. غير ان ذهاب النظام الى العنف يلحق اضراراً كبيرة بالعمل السلمي باخراج قسم من مؤيديه منه، ولا سيما اصحاب القناعات والمواقف السياسية، ويدفع البعض نحو اللجوء الى العنف المضاد.
هل ترى ان الحرب الاهلية قريبة؟
اجزم ان سوريا لن تذهب الى حرب اهلية في ظل معطيات تاريخية وثقافية. بل ان المعطيات السياسية الراهنة تؤكد في تقديري ان موضوع الحرب الاهلية مستبعد. لكن ثمة خشية من حصول تطورات خارقة، يمكن ان تدفع السوريين للدخول في هذه الحرب.
هل تخشى من تقسيم سوريا رسمياً او تقسيمها رمزياً لـ”غيتوهات” طائفية؟
لا ان اعتقد ان موضوع تقسيم سوريا ممكن، ويمثل احتمالاً بعيداً ليس لاسباب تاريخية، بل لاسباب سياسية حديثة ومعاصرة. تتعلق بتجربة السوريين في كيانهم السياسي الراهن، لكن تطورات دراماتيكية قد تحدث تبدلات في المعطيات المحيطة بتقسيم سوريا فتدفع الموضوع الى الواجهة ويعزز فرص تحققه.
ما رأيك بتوصيف سوريا بانها “رجل مريض” لم يعد هناك امل في علاجه؟
نعم يمكن القول إن سوريا رجل مريض في الوقت الحالي، غير ان المرض في ايامنا يمكن الشفاء منهم، وسوريا علاجها الاساسي هو الخروج من عهد الاستبداد الذي لا حدود لمساوئه والانتقال الى الديموقراطية التي ستعطي الناس القدرة على معالجة مشاكلهم.
أداء المعارضة مربك لثلاثة أسباب
كيف ترى اداء المعارضة السورية؟
لا شك ان اداء المعارضة السورية مرتبك. الجزء الاهم في الارتباك ناجم عن ارث المعارضة وما فعله النظام فيها، وجزء ناتج عن تدخلات متعددة المستويات في شؤونها، والجزء الثالث والاخير يتصل بتركيب المعارضة وطريقة مقاربتها لمختلف المسائل وهي مقاربات لا تخلو من مشاكل، وكله يؤثر بطريقة سلبية على اداء المعارضة.
هل تؤيد التدخل الخارجي بغض النظر عن مسماه، سواء حماية مدنيين او منطقة عازلة؟
التدخل الخارجي في الوضع السوري امر قائم. بل هو مستدعى حتى من جانب النظام الحاكم الذي يحصل على دعم من قبل بعض الدول ويتشاور مع بعضها في امور تهم سوريا والسوريين حاضراً ومستقبلاً. الاعتراضات تتم حول التدخل الخارجي العسكري بمعنى استخدام القوات المسلحة في عمليةاسقاط النظام في سوريا، والتي يمكن ان توقع مزيداً من الضحايا وتلحق اذى سياسياً بسوريا، وهذه تجد اعتراضات سورية واسعة.
الحل الأمني سيؤدي إلى تدخل عسكري لضرب النظام
إلى اين سيودي الحسم الامني الذي يعتمده النظام؟
لا شك ان استمرار المسار الامني– العسكري في معالجة الازمة في سوريا، سوف يقود البلاد الى تدخلات عسكرية اجنبية، بما في ذلك القيام بعمليات مباشرة ضد النظام القائم. ليس فقط لانه يغلق بوابات الحل السياسي والمعالجة السياسية للازمة، انما ايضا لان استمرار الحل الامني– العسكري يعيد هيكلة الاوضاع والاوراق الخاصة بالازمة مما يمكن ان يطيل عمر النظام.
المسلحون و”الإرهابيون” لا علاقة لهم بالقائمين على الثورة
الى اي مدى تصح الرواية الرسمية عن وجود مسلحين وارهابيين؟
انا اعتقد ان الرواية بالمعنى الذي يطرحه النظام عن مسلحين وارهابيين، لم تكن صحيحة منذ بداية الازمة وحتى وقت قريب. لكن اليوم يمكن القول ان ثمة وجود لمسلحين وربما “ارهابيين”، لكن ثمة شكوكاً في ان هؤلاء محسوبون على المعارضة او على القائمين بالثورة من السوريين. بعض هؤلاء من مجرمين تم اطلاق سراحهم من السجون في وقت سابق، وبعض هؤلاء ممن يوصفون بعناصر الشبيحة، وقد يكون هناك افراد من الذين اختطوا لانفسهم نهج الانتقام بسبب ما لحق بهم وباقرباء لهم من اذى النظام واجهزته.
ماذا عن دمشق وحلب، هل سيحركهما الوضع الاقتصادي المتردي؟
اعتقد ان التحرك في حلب بدأ يأخذ مساراً جديداً، وقبله فإن التحرك في دمشق حدث وبصورة يمكن القول إنها ملموسة. الوضع الاقتصادي له تأثير خاص في المدينتين، بسبب وجود طبقة من الميسورين ورجال المال والاعمال، ووجود الفئات الوسطى المدينية، وكل هذه الفئات لها مخاوف اكثر وتحفظات ازاء اي تطورات سياسية واقتصادية جديدة. واضافة الى ما سبق يمكن القول، ان الوجود الكثيف لالة النظام الامنية والعسكرية ذات اثر ملموس في اجبار المدينتين على عدم الخروج الواسع على النظام.