سيناريو الحرب في سوريا
خاص – «أخبار بووم»
بدأ الأمل في حصول تغيير من داخل سوريا يغيب، خصوصاً بعد أن بدأت بوادر الحل الأمني القمعي تعطي نتائج تتمثل إما بخروج بعض المسلحين نتيجة تفاوض مع الجيش عبر أعيان مدن وشيوخ القبائل (الزبداني)، أو بالانكفاء في أحياء متقوقعة أفرغت من سكانها نتيجة القصف العنيف (حمص)، أو بانسحاب المقاتلين تكتيكياً نحو مناطق تجمّع مع أسلحتهم (أدلب). كما أن «فشل» مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس يقود بعض الأطراف إلى الالتفات إلى ما يحدث على الأرض عسكريا داخل سوريا بموازاة عمل المعارضة ونشاط جيش سوريا الحر. ويتفق بعض الخبراء على أن مسألة تواجد قوات أجنبية أو عربية داخل الأراضي السورية لم يعد سراً وإن رفض أي مصدر مسؤول تأكيده أو نفيه.
مصادر متقاطعة تتحدث عن وجود «عسكري أجنبي في شمال سوريا وعلى تخوم الحدود اللبنانية السورية». صحيفة «لوكنار أنشينيه» الفرنسية لم تتردد من الإشارة إلى وجود عسكري بريطاني وقطري داخل الأراضي السورية «لتدريب أفراد الجيش السوري الحر» مع تلميح إلى إمكانية تواجد بعض المدربين الفرنسيين، كما دار الحديث عن توقيف عشرات الضباط الأتراك داخل الأراضي السورية من دون إمكانية التأكد من هذه المعلومات.
بعض الخبراء في عمان والقاهرة لا يستبعدون حدوث تدخّل عسكريّ سعودي ـ أردني ـ تركي يعقب الاعتراف برئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون كـ«ممثل شرعي للسوريين الساعين الى احداث تغيير ديموقراطي سلمي». وقد أثار إلانتباه حديث وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل حول «ضرورة تسليح المعارضة للدفاع عن نفسها» وهو ما عده البعض «تحضيراً نفسياً للتدخل».
ويقول خبير في باريس كان على صلة بالملف السوري أن صيغة التدخل بدأت تأخذ شكلاً ملموساً في ظل الحديث عن طائرات أميركية من دون طيار تجوب في سماء سوريا وعن بدء التشويش الإلكترومغناطيسي والتنصت على الأجهزة الأمنية من محطة بريطانية سرية في قبرص. كما أن إجراءات بدأت تتخذ على الحدود التركية حول مخيمات اللاجئين المواجهة لمنطقة جبل الزاوية.
مصدر أمني تركي رفض تأكيد خبر دخول قوات أجنبية عبر الحدود التركية، إلا أنه قبل «رسم صورة لتواجد قوى المعارضة المسلحة»، وقد قسم خلال وصفه المنطقة الحدودية إلى ثلاث أقسام تتواجد في القسم الشرقي قوات تابعة للضابط رياض الأسعد وتبدأ هذه المنطقة من «حسة» حتى «الريحالي» المواجهة لأدلب. ويقول إن أهميتها أنها تقع على مقربة من «تشابك طرق تؤدي إلى العمق السوري» وتصل الحدود بمدينة «حلب». القسم الثاني يمتد من الريحالي حتى زواية «يايالداغي» في تركيا وهي مناطق مواجِهة لـ«جسر الشغور» هي «مناطق حصرية للقوات التركية» يمنع فيها أي تواجد لأي قوى معارضة مسلحة ولكن مع تواجد للاجئين والمنظمات الإنسانية. أما القسم الثالث فهو يغوص في أنطاكيا ويقول المصدر «إن في هذه المنطقة التي تصل حتى البحر فيها بعض قوى المعارضة السورية المسلحة التي يسيطر عليه مصطفى الشيخ» والمدعومة من السعودية بشكل غير مباشر. ولكنه يقلل من «فعاليتها حالياً».
مصادر أخرى في أوروبا بدأت تتكلم من دون مواربة عن «عملية عسكرية مشتركة عربية تركية»، وفي التفاصيل أن حصولهاسوف يتم عبر سعي تركيا او غيرها الى إقامة ممرّات آمنة للمساعدات الإنسانية او مناطق عازلة للاجئين، وهو ما يمكن أن يؤدي الى عمل عسكري، ويضيف الخبير بأن أي مسار في هذا الاتجاه لن يتم إلا بعد «إقامة حظر جوّي» وهو ما يمكن أن يؤدي الى الاصطدام العسكري مع النظام. وفي حال حصول هذه العملية فقد تتم عبر «القسم الثاني» التي تتحول مع الوقت إلى منطقة عسكرية حصرية. بالطبع في ظل الموقف الروسي والصيني فإن هذا قد يتم من دون غطاء دولي، علماً بأن بعض المصادر تقول بإمكانية الوصول إلى «توافق مع موسكو حول حظر جوي لتأمين ممرات إنسانية».
ويأتي هذا في الوقت الذي بدأ الحديث عن «سيناريو أميركي للتدخل في سوريا» يبدأ أيضاً في محاولة إيجاد منطقة آمنة لإيواء اللاجئين داخل الأراضي السورية في مواجهة الحدود مع تركيا، بهدف تقديم مساعدات إنسانية لهم. وتأمين ممرات لمنظمة الصليب الأحمر الدولية.
وبسبب المعارضة الروسية والصينية في مجلس الأمن يرى الخبراء أن «القانون الدولي يمكن أن يجيز التدخل لتقديم معونات إنسانية» ما يفتح الباب أمام تأمين حماية جوية لهذه القوافل من طائرات عربية تنطلق من الأردن أو طائرات تركية ويتم كل ذلك تحت «غطاء لوجيستي أطلسي» من دون أي تدخل للقوات الأطلسية مباشرة. ولا يتحدث هذا السيناريو عن إرسال قوات أرضية إلى داخل الأراضي السورية.
ويحاكي هذا التدخل بشكل جزئي تدخل الحلف الأطلسي في كوسوفو بعد منع موسكو صدور أي قرار من مجلس الأمن يجيز التدخل. فكان التدخل من دون موافقة مجلس الأمن حين استهدفت القواعد العسكرية والجوية الصربية لوقف عمليات القمع داخل كوسوفو.