كيلو لـ “أخبار بووم”: لا حلّ ليبياً… ونرى نموذجاً يمنيّاً
– أنان فتح لبشار جبهة دولية لنر كيف يمكنه أن يقفلها
– الفيتو الروسي غلطة تاريخية كبرى
– لو جاء المسيح اليوم لوقف مع الشعب ونزل إلى الشارع ولم يركب في دبابة
– أهم درس للشعب السوري هو أن هذا النظام لم ينجح في إلحاق هزيمة بالشعب
– على المعارضة إيجاد قواسم مشتركة عريضة، وليس التوحد على كل قضية سياسية
– مع حق الشعب أن يدافع عن نفسه ولكن ضد إخضاع مبدأ الحرية للسلاح
– سوريا الديموقراطية خطرة على الخليج وإسرائيل
– بشار الأسد رمى سوريا في أحضان إيران
– حزب الله أحسن مما يعتقد المعارضون السوريون
باريس ــ بسّام الطيارة
عندما تلتقي بالمعارض ميشال كيلو في مقهى باريسي وأمامه فنجان شاي يرشف منه بتأن كبير، تظن عن بعد أن هذا الرجل «وحيد». ما أن تبدأ الاستماع إليه وهو يتحدث بتلك اللكنة السورية المحببة لآذان العرب جميعاً، حتى تتلائى لك سوريا كاملة وكأنها حاضرة. حين يقول «نحن» لا ترى وراء هذه الكلمة طائفة ولا فريق معارضة ولا قسماً من السوريين. حين تسأله من «نحن» يجيب ببساطة نفس الإجابة التي نطق بها منذ انطلاقة الثورة السورية:«كل شخص يتكلم باسمه الشخصي». إلا أنه يكشف أيضاً أن المنبر الديموقراطي الذي يديره سوف يجتمع قريباً لتكوين أسس تنظيمية. أما الهاتف المحمول فلا يتوقف عن الرنين بين موعد مقابلة و«دردشة أهل الشام» تنتهي دائماً بـ«متى نراك في باريس؟» وبالطبع «سلامات حبيبي».
لحظة انهيار النظام
سألت «أخبار بووم» ميشال كيلو: تقول دائماً إنه في لحظة ما سوف ينهار النظام فهل تصف لنا اللحظة التي تلي هذه اللحظة؟
يجيب «سوف تتراكم الضغوط إلى أن يترك أحد النظام لينهار لا أعرف قد يكون… الرئيس أو عائلة الأسد لا أدري». وبعد برهة يضيف «وفي اللحظة التالية سوف نمد يدنا لجزء من أهل النظام الذين عندهم رغبة بإنقاذ البلد من المأزق». وفي حال رفض قسم من المعارضة هذه السياسة؟ يجيب بسرعة «نقول له أنت غلطان ونطلب منه الاتفاق على حل ومرحلة انتقال يمكنه المعارضة خلالها».
لا حل أمنياً
يهزأ كيلو مما يعتبره النظام «الحل العسكري لقمع الثورة»، فيقول «ما هو هذا الحل العسكري؟ تكون قوات السلطة في منطقة ما يكون هناك حل عسكري. ولكن ما أن تخرج حتى تعود المظاهرات عشرة أضعاف، ويكونون مسلحين في المرات التالية». ويتسائل «فهل هذا حل عسكري؟».
ويعطي كيلو مثلاً قول «أحد أفراد المعارضة الرسمية» كما يصفه «في الغوطة الشرقية انتهت المظاهرات» ولما سألته (يقول كيلو) «على أي أساس تمت التهدئة؟ يجيبني: انتهى الأمر ودخل الجيش إلى المنطقة». فيقول كيلو«قلت له يا حبيبي لا يمكن حل مسألة سياسية اجتماعية اقتصادية بواسطة العسكر لا يوجد حل عبر العنف». يتابع كيلو وكأنه يحدث نفسه ويرد على ادعاءات النظام «يكون الحل بالعنف في حال كانت مؤامرة أو عصابات ولكن إذا كان الشعب بقول أريد الحرية أريد حقوقي».
أنان فتح جبهة جديدة لبشار
يهز كيلو رأسه ويغوص في مسألة ميزان القوى عبر البيان الرئاسي لمجلس الأمن ويقول «بشار أقفل المدخل السوري لكوفي أنان» عندما طرح مجموعة أسئلة، ويضيف «ولكن أنان فتح لبشار جبهة دولية لنر كيف يمكنه أن يقفلها، فقد بات الآن يوجد وجهة نظر دولية موحدة على الأقل ضمن حدود دنيا». ويتابع «هذا ما أسميناه في السابق /بيئة تفاوض/ أي وقف العنف وسحب الجيش وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي والتفاوض حول مستقبل النظام حول مرحلة انتقالية، قد وردت في البيان ووافق عليها الروس والصينيون ماذا يستطيع أن يفعل تجاه ذلك بشار/أفندي/الأسد»؟ ويتابع «هذا سوف يعزز النضال في سوريا بشكل هائل».
وعندما نلحظ: “ولكن هذا البيان ليس إلزاميا”. ينتفض كيلو «لا علاقة لإلزامية البيان» ويتابع «الآن روسيا تقول أوقف العنف واسحب الجيش والسماح بالتظاهر السلمي وتطلب تفويض شخص ضمن صلاحيات مطلقة لحل الأزمة باعتبارها أزمة سياسية وليست مؤامرة».
وحول سبب تغيير موقف روسيا «التي ارتكبت في السابق أخطاء»، لدى كيلو تفسير «إذا قُدِمَ لها شيء مقبول يضمن مصالحها، وإذا دخلت على حل تشرف عليه وتضمنه، فهي قالت أكثر من مئة مرة لسنا متعلقين بالأسد، لسنا حلفاء النظام، في حال توافرت هذه الظروف يمكن لروسيا أن تقول للأسد /مع السلامة/».
النظام السوري خطر على النظام الدولي
وإذا جاء سؤال حول ما ذا كان الفيتو الروسي الصيني قد خدم المعارضين؟ يسارع كيلو بالإجابة بحدة «إن الفيتو الروسي غلطة تاريخية كبرى». ويضيف موجهاً كلامه لروسيا وكأنها حضارة أمامه «إن وضع الفيتو يعني أن النظام من حصة روسيا، وبالتالي فهذا يعني أن الشعب من حصة أميركا… فهل تستطيع هزم الشعب؟». ويضيف كيلو «بعد هذا الفيتو عرفت أن الشعب السوري لن يهزم لأن هزيمته تعني هزيمة أميركا مع روسيا».
ويرفض كيلو مقولة أن الفيتو هو محاولة روسيا والصين لمحاكاة «استيعاب الغرب للربيع العربي عبر البوابة السورية»، فيقول إن أميركا لا تعمل على مدى طويل في مسألة الثورات العربية، «يحصل تحرك هنا فتتحرك لتدخل بشكل من الأشكال على آلياته من دون أن تأخذ موقفاً نهائيا منه. بينما الروس في لشرق الأوسط يعملون بعقلية الماضي». ويعطي مثلاً على أن الروس «ما زالوا يعتقدون بأن الشعب السورية بغالبية مع بشار الأسد». وينهي بأنهم ما زالوا يعيشون بعقلية ثمانينات القرن الماضي. يشرح بأن عقلية الروس التي ترى أهمية في موقف «الجيش والمخابرات» وليس في موقف الشعب. ويتابع بأن «النظام /مثله مثل النظام الروسي/ أنتج مجتمعاً انطلاقاً من السلطة، وعندما اندلعت الثورة تساءل النظام كيف يمكن لما أنتجته أن يتمرد علي؟ وهكذا يرى الروس بأن المجتمع يجب أن يكون مجتمع سلطة وليس الحرية ولا الديموقراطية» ويتابع بأن «دورنا الآن هو فتح عيون الروس إلى الواقع الحالي».
الكنيسة ليست مع النظام
وفي هذا السياق، نفى كيلو أن «تكون الكنيسة الأورثوزكسية مع الروس». ويضيف «في البداية كانت متخوفة من الإسلاميين بعد أن لوح النظام بالخطر والفوضى». ويتابع «اليوم الكنيسة الأورثوزوكسية وغيرها من الكنائس تقول إن هذا العنف الفظيع سيكون كارثي النتائج، هذه الكنائس خائفة من نتائج العنف على البلد». ووجه كيلو نداء إلي البطريرك هزيم (الذي زرته مرتين حسب قول كيلو) «عليك أن تقف اليوم مع الشعب، لو جاء المسيح اليوم لوقف مع الشعب ونزل إلى الشارع ولم يركب في دبابة. لا تدافع عن النظام، أنت ترى أن الشعب لا يريد هذا النظام». وأضاف «نحن في سوريا لم نكن يوماً طائفة، كنا فقط سوريين، ليس لنا حزب خاص فينا ولا مدارس خاصة بنا، مدارسنا كانت مفتوحة لجميع أبناء الشعب السوري، كل تاريخنا يشهد نحن جزء من الجسم السوري ولسنا طائفة. نحن لسنا كلبنان».
وما الحلول الممكنة؟ هل ما يسمى الحل اليمني ممكن علماً بأنه قام على الدعم الخارجي؟
يجيب كيلو:«إن الذي طرح الحل اليمني هو لافروف، وأنا مباشرة صرحت عبر صحيفة /السفير/ وقلت نعم نريد حلاً يمنياً. نعم نؤيد حلاً يمنياً بإشراف روسي». ويتابع في سوريا بعكس اليمن «إن تغيير رأس النظام يعني تغيير النظام. عندما نقول الحل اليمني يعني لا نريد تدخلاً خارجياً. ولكن هذا لا يعني قالباً مماثلاً للحل اليمني غير قابل للتكييف». ويشرح بأنه «تفاعل بين آليات خارجية مواقف خارجية ومصالح خارجية والعوامل الداخلية». وهنا يقول كيلو «في الداخل نقبل أن يعين فاروق الشرع بصلاحيات واسعة كمفاوض على مرحلة انتقال بعد فترة زمنية محددة للوصول إلى نظام ديموقراطي …أو لنقل نظاماً بعيداً عن النظام الحالي، لنتقدم رويداً رويداً نحو نظام ديموقراطي …بعد بضع سنوات. ويبنى هذا على ضمانات داخلية بيننا وبين النظام مدعومة عربياً ودولياً …وهكذا كان الحل اليمني. الفارق عندنا هو أن روسيا تتولاه ونحن مستعدون للذهاب معها حتى النهاية». ويتابع كيلو متسائلاً حول المطالب الروسية «ماذا يريدون؟ ضمانات مستعدون أن نعطيهم ضمانات لخمسين سنة: المطلوب تفويض (الشرع) مرحلة انتقالية».
سؤال: وما هو تصوركم للمرحلة الانتقالية؟ هل هي مبنية على طمأنة الأجهزة الأمنية؟ يجيب كيلو بعودة إلى ٢٠٠١ فيقول «لقد وضعنا تصوراً آنذاك لمرحلة انتقالية… وقد أُوصِلَت لبشار الأسد». وشرح «قلنا فيها تعالوا نجلس مع بعضنا البعض ونضع مشاكل البلد على الطاولة بينما نضع السلطة جانباً نتفق على حل وفق آليات مشتركة ونحلها على أساس أننا وطنيين سوريين ولسنا معارضة، تعترفوا فينا وبحقنا بالعمل ونعترف بشرعيتكم، وبعد أن نشخص مشاكلنا ونبدأ بحلها وقد يدوم هذا سنة أو سنتين أو أكثر نبحث بمسألة السلطة وانتقال السلطة». تنهد ميشال كيلو المعارض بعد أن عاد من ذكريات أرض وطنه اليوم قبل الانتفاضة، وتابع متناولاً هذا الحل الذي «قدمه المجلس الوطني السوري، والذي هو حلنا. ولكنه أضاف عليه شيئاً مضحكاً: “البند الأول يريد اسقاط المؤسسات السلطة بكل رموزها وفي البند الآليات يدعو لتأليف حكومه منه ومن الؤسسة العسكرية أي من أبرز رموز النظام».
مطلوب رجل من النظام لقيادة الحوار
سؤال: فما العمل؟
يبتسم كيلو «نحن اليوم نقول مطلوب شخص من داخل النظام مفوض أم غير مفوض من أي كان وهذا ليس مهماً، حتى يمكن أن يفوضه بشار الأسد طالما المطلوب حل سياسي. هذا يعني ضرورة الإقرار بحل سياسي سوف يقود نحو الابتعاد عن النظام». ويشرح «الخلاف مع المجلس الوطني» بأنهم يريدون «أن يبدأ الحل بتنحي بشار أي بمجرد أن نتفق يتنحى»، فكر قليلاً وأنهي هذه النقطة بالقول «هذا يستأهل أن تدخل الشعب في مذبحة لها أول وليس لها آخر».
سؤال: هل تراهنون على تسوية تستند إلى توافق روسي عربي؟ الجواب جاء سريعاً: «أنا أتمنى أن يكون مثل هذا الحل»، وبسرعة أيضاً تابع «أنا سوف أعمل على هذه القصة، إذا مصلحة سوريا تقتضي أن أذهب إلى تفاهم مع الروس مع ضمانت منهم». وبحزم شديد يضيف «أنا ذاهب في هذا الاتجاه أياً كان الموقف العربي».
سؤال: وما هي هيكلية هذه التسوية، هل ما زلت تقول إن الجيش السوري الحر هو ابن الحراك الشعبي، وكيف يمكن المحافظة عليه؟
الإجابة كانت حاضرة: «في سوريا المقبلة سوف يعود أفراد الجيش الحر إلى الجيش الوطني ويقبض كل حقوقه، وسوف يكون له لدى الشعب عرفان بالجميل نظراً للخدمات التي قدمها في الثورة حيث حمى الناس». ويستدرك كيلو «ولكن فقط لمن حمى الناس، إذ توجد مناطق لم يحم بها أحد». فكر برهة كيلو وأضاف «الجيش الحالي لن يبقى على وضعه وذلك ظاهر مثل عين الشمس». وتابع «هذا جيش وطني سوف يعاد تأهيله».
والعلويون …؟ الإجابة سبقت نهاية السؤال «الجميع، والعلويون سوف يبقوا في الجيش، لما لا؟ فهم قاتلوا في فلسطين وقاتلوا من أجل سوريا وحاربوا في الجزائر وقاتلوا في العراق مع رشيد علي الكيلاني وذهبوا أيضاً إلى اليمن». وتابع «هناك رموز للفساد، هناك رموز للعنف وهؤلاء سوف يخرجون من الجيش من دون أي شك، أم العلوي فله حقوق مثله مثل أي مواطن سوري. ليس لدينا حل عراقي ولا أحد يريد حلاً عراقياً». وأنهى «نحن نقدم تنازلات للنظام للابتعاد عن العنف. لا نريد عنفاً».
سؤال ما هي الدروس والاستنتاجات بعد سنة على الثورة؟
انشرحت أسارير كيلو وكأنه ينتظر هذا السؤال وأجاب: «أهم درس للشعب السوري هو أن هذا النظام لم ينجح في إلحاق هزيمة بالشعب». وتابع «رغم استعماله لكل القوى لم ينجح، ما زال التوازن قائماَ لم يستطع أن يخرج الناس من الشارع». وتوسع كيلو بالشرح، “الصراع مع فريق أقوى فإن الاستراتيجية تقضي بمنعه من أن يلحق بك هزيمة، وليس من المنطقي وضع استراتيجية انتصار غير ممكن عليه، إذ أن الانتصار هو بمثابة عملية نمو والمطلوب الآن هو خلق هذا النمو لكسر ميزان القوى، إذ أن الظروف الدولية والعربية الداخلية تتيح تحقيق هذا النمو وبالتالي كسر ميزان القوى، وللوصول إلى هذا فإن من الضروري أن نضبط أنفسنا وأن نتوحد كمعارضة».
وبالنسبة لوحدة المعارضة، فإن كيلو ليس له مطالب أكثر من إيجاد «قواسم مشتركة عريضة، فليس من الضروري التوحد على كل قضية سياسية». ويدعو إلى إيجاد «أسس تبنى عليها الوحدة، ثم تبنى عليها سوريا القادمة، وحدة الدولة ووحدة الشعب واحترام الحريات، المصالح العليا للدولة والالتزام بعروبة سوريا وما يترتب على ذلك من مهام كالإلتزام بالصراع ضد الصهيونية والمحافظة على حرية سوريا وتنمية البلد» على سبيل المثال.
كيف انعكست هذه السنة الأولى على مسار المجلس الوطني، وخصوصاً أنه كان قائماً على الحل الليبي؟
«كان قائماً على الحل الليبي والحل الليبي لم يعد قائماً. الحديث، كما قلت، قائم حول حل يمني، ومن هنا أرى المجلس مضطراً للتراجع خطوات مثل القبول بالآخر والاعتراف بالآخر». ويعطي كيلو المجلس نصيحة بقوله «أظن أن عليه أن يتواضع وأن لا يعتبر نفسه ممثلاً للشعب، فهو لم يكن مرة واحدة معبراً عن الشعب وممثلاً له». ويوضح فكرته حتى لا تشمل جميع أعضاء المجلس على ما يبدو، فيقول «إن الذين قالوا أنهم يعبرون عن الشعب قد عينوا أنفسهم تعييناً وليسوا منتخبين من أحد». ثم استطرد ليعلن ثقته بأن «المرحلة المقبلة سوف تكون مرحلة تفاعل بين المجلس الوطني والآخرين، سوف تكون مرحلة تواضع في السياسة». وتابع «أرجو أن تكون مرحلة مراجعة لأن نشوء المجلس الوطني، الذي لعب الخارج فيه دوراً كبيراً، أسهم في تراجع الحراك الشعبي وانتفت فكرة السلمية وتعززت فكرة السلاح وفكرة التطرف، وتراجع دور المجتمع الأهلي ودخلنا في مرحلة مغايرة جداً عما كانت عليه عند انطلاقة الثورة كتجربة حريات وديموقراطية وجعلوها ثورة إسلامية». وأنهى «على المجلس أن يصحح هذا وإذا لم يصحح فإن أموره لن تصلح».
(ملاحظة هذه المقابلة تمت قبل انعقاد اللقاء التحضيري للمعارضة السورية في أنقرة الذي دعت إليه تركيا للتحضير لمؤتمر أصدقاء الشعب السوري، والهادف إلى محاولة توحيد المعارضة، والذي قالت التسريبات أنه سوف يقترح وثيقة على المعارضات الأخرى للاندماج في المحلس الوطني، ويبدو هنا ميشال كيلو وكأنه يضع خطوطاً عريضة لما يمكن أن تقبل به معارضات الداخل التي لن تحضر اللقاء التمهيدي يوم السبت في ٢٤ و٢٦ آذار/مارس)
أنا ضد العسكرة
وما رأيكم بعسكرة النزاع؟
«أنا ضد العسكرة بالمطلق». وبعد تردد بسيط تابع يقول «أنا مع حق الشعب أن يدافع عن نفسه إذا اعتدي عليه، ولكني ضد إخضاع مبدأ الحرية ومبدأ السياسة للسلاح. يجب أن يخضع السلاح بكل أشكاله للسياسة».
سؤال: كيف يكون المخرج والفريقين رهائن لدى الخارج، المجلس الوطني مرتبط بقوى خارجية تدعمه والنظام مرتبط بالخارج الروسي، فكيف ترى الخروج من هذه التوازن؟
«النظام بات خطراً يتهدد النظام الدولي كله، لأن النظام السوري يأخذ موقف التحدي من النظام الدولي، فهو لا يكتفي بقهر الشعب ولكنه يعمل أيضاً على قهر المنظمات الدولية. فهو يضع النظام الدولي أمام إكراه وتحدي إما أن يدخل الصراع بكامل قواته وأما أن تنسحب، وكأنه يقول للمجتمع الدولي إذا تريد أن تدخل الصراع /تفضل وتدخل عسكرياً بشكل مباشر/ وإذا لم يكن بمقدورك ذلك عليك أن تنسحب» من الملف، أي رفع اليد عن الملف السوري. وهو بنظر كيلو «نظام يعمل من خارج الشرعية الدولية». وتابع «لا أظن أن المجتمع الدولي يستطيع أن يتحمل لفترة أطول هذا النمط من السياسة، وليس حباً بسوريا بل من أجل مصالح القوى التي يتهددها هكذا نظام لا يؤمن إلا بالعنف».
وكشف هنا كيلو أن «الرئيس الروسي ميدفيديف أرسل رسالتين للأسد يرجوه أن يوقف العنف أو أن يخففه ولكنه لم يرد عليه، وحتى بوتين تكلم معه أكثر من مرة على الهاتف». وتابع بأن الملك السعودي نصحه و«حتى حسن نصرالله قدم له نصائح وقال له يا سيادة الرئيس لا نريد هذه الدرجة من العنف وعليك أن تحقق بعض الإصلاحات… ولكنه لم يستجب».
مطلوب رأس سوريا دولة ومجتمعاً
أما حول التدخل الأجنبي، فإن كيلو لم يتردد من القول «أنا واثق من أن الأميركيين لن يتدخلوا إلا إذا تأكدوا أن سوريا سوف يقوم فيها نظام ديموقراطي، ولكن ليس الآن، لأنه مطلوب تدمير سوريا دولة ومجتمعاً». ومن دون تردد هذه المرة يقول «إن النظام يلعب دوره في ذلك وهو ما يكسبه عطف بعض القوى الإقليمية خصوصاً إسرائيل». ويفاجئ كيلو رداً على سؤال حول «مصلحة أميركا» بقوله «لم تتوفر شروط سقوط النظام بالنسبة لأميركا، الآن تغير الأمر إذ أن سوريا مطلوب رأسها كدولة ومجتمع إسرائيلياً وخليجياً، فسوريا الديموقراطية خطرة على الخليج وسوريا الديموقراطية خطرة لأبعد حد على إسرائيل». من هنا يرى كيلو أنه في حال «تم تقويض الدولة في سوريا فإن إعادة بناء دولة جديدة حتى في حال انتصار المعارضة فإن هذا البناء سوف يتم بدلالات اسرائيلية وأميركية، ونكون عندها قد صنعنا ما هو أشنع من ليبيا». ويضيف متحدثاً عن الأميركيين «يريدون ضمانات طويلة الأمد لإسرائيل تماماً كما أعطاهم النظام الحالي ضمانات طويلة الأمد ويريدون ضمانات بأن الإسلاميين لن يأتوا إلى السلطة». وذكر كيلو بأنه طالب الإسلاميين بتعهد «بالمشاركة ولكن من دون استلام السلطة وذلك لفترة انتقالية على الأقل». من هنا فإن اسرائيل تريد «استمرار هذا النزيف».
وهل حصلت على جواب؟ يجيب بسرعة «نعم حصلت على جواب، بعض الإسلاميين مستعدون لتقديم تعهد إذا التقينا وتحدثنا». وأضاف «توجد جهات مستعدة لذلك ومنها قسم من الإخوان».
سؤال: إذا انتهى دور سوريا؟
يسرع كيلو ليحدد أن «سوريا كان لها دور في السابق»، ويعود بالذاكرة إلى عهد حافظ الأسد فيقول «في عهده إذا كان أحد يريد أن يزور طهران كان عليه أن يزور دمشق قبلها، لم يكن حافظ الأسد حليفاً لإيران، كان ممسكا بها». ويستطرد بالحديث عن الابن بشار فيقول أنه بعكس والده «هو رمى سوريا في أحضان إيران، وبتنا مرتبطين بالملف النووي الإيراني، وبتنا ملزمين بها وباتت الأوامر تأتي من طهران … بواسطة الإذاعة… بات أحمدي نجاد يصرح بالنيابة عنا». ويرى كيلو أن سياسة النظام مبنية على إقامة تحالفات من نوع سد النقص: «ذهب الروس فتم التحالف مع إيران مع تنازلات كبيرة خوفاً من أن يبطش بهم الأميركيون». ويقول أنه اقترح سابقاً على أهل النظام أن «يعتمد على المجتمع السوري للاحتماء من الأميركيين، عندما تكون هناك حريات سياسية يصبح هناك توازن بين سوريا كدولة إصلاحية وبين الخارج». يتسائل لماذا «اللهاث وراء إيران؟»
وماذا تريد إيران؟ الجواب سريع «إيران تريد انتصار النظام لأنها ترى أن الصهيونية والامبريالية وراء الشعب السوري.»
ويتوسع إلى الشأن الاقتصادي، فيقول إن «عبد الله الدردري أجرى اصلاحات أفقر فيها الشعب»، وينهي بالقول «هذه الثورة هي نتيجة هذه الإصلاحات التي أفقرت الشعب».
بعد برهة يرتفع صوت كيلو وهو يؤكد بأن «سوريا سوف تستعيد دورها كقلب العروبة النابض، سوف تعود كما كانت في الستينات عندما كان عبد الناصر في مصر وشعبه في سوريا… لقد قضى البعث على المجتمع السوري، لهذا استطاع أن يحكم طويلاً».
يوجد دستور قد أقر وتحدث بشار الأسد عن إصلاحات فما رأيك؟
“لقد ذهبت في الشهر الثاني من الثورة إلى القصر الجمهورية وقابلت بثينة شعبان وقلت لها توجد ثلاث حقائق لا يجب تجاهلها البتة الأولى، هي أن هذا النظام لم يعد مرجعية لأحد، الثانية أن الأزمة سياسية ولا يمكن حلها إلا بالسياسة، والثالثة أنتم عليكم دفع الثمن الآن، لأن الشعب لم يعد يملك ما يعطيه. من هنا سيفشل الحل الأمني ولو أنزلتم آلاف الجنود».
تقول بسمة قضماني بضرورة الانتقال إلى حرب عصابات والابتعاد عن المواجهة المباشرة مع الجيش فما رأيك؟
“لست خبيراً عسكرياً، ولكن أتمنى من كل قلبي عدم الوصول إلى حرب عصابات». ويشدد كيلو على أن الأمور قد وصلت إلى حد على النظام أن يعرف أنه «انتهى كنظام» وأن الشعب يطالب بحريته وأن هذا لا يعني الانتقام. ويضيف مخاطباً أهل النظام «سوف تضمن حرياتكم كحزب وأفراد ولن يتم الانتقام من أحد ولا محاسبة أحد». وأضاف «إن العلويين أيضاً أصابهم الظلم، لا أحد يريد الانتقام». ولكنه استدرك بأن «الوصول إلى المجابهة أمر حتمي» في حال دامت الأمور على ما هي، والأمر «لا يعود اختيار استراتيجية ولكن للدفاع عن النفس لأن العنف زرعته سياسة النظام الأمنية».
العسكر لعب دوراً في الانفتاح على إيران
ويتطرق كيلو إلى خطاب الأسد في عام ٢٠٠٦، ويقول «إن خطاب أشباه الرجال وضع سوريا بالفعل بمواجهة العالم العربي وكأن بشار قرر وضعها في مواجهة العالم العربي».
وفي عودة إلى العلاقة مع إيران، يقول كيلو إن «إن الانفتاح على إيران ليس فقط سياسياً إذ إن العسكر لعب دوراً كبيراً فيها». هنا يقفز سؤال بديهي لكل متابع: وحزب الله؟ «لا أحب أن أتكلم عن حزب الله لأني أحبهم كثيراً».ولكن ما رأيك بموقف حسن نصرالله الأخير؟ «إن حزب الله أحسن مما يعتقد المعارضون السوريون». ويكشف هنا «إن أي مبادرة من الحزب لوقف إطلاق النار مرحب بها». ويضيف «أني احترم كثيراً نصرالله». ويضيف «يمكن أن يكون لحزب الله دور في حماية سوريا في حال انهيار الجيش». ويشدد كيلو «في حماية سوريا وليس النظام، سوريا المقبلة الديموقراطية بانتظار إعادة بناء هيكلية الجيش». وبالنسبة لكيلو من الأهمية أن يظل دور حزب الله كبيراً في مواجهة اسرائيل «لأنه يوفر علينا كثير» وإن هو يرى أنه من الأفضل «أن يتقلص دوره اللبناني الداخلي العسكري ويبقى سياسياً».
وهل يوجد دور فعلي لحزب الله على أرض الثورة السورية اليوم؟ «أنا شخصياً لا أعتقد وفي حال كان له دور فهو أقل بكثير عما يحكى. ولكن الذين يتكلمون عن القبض على عناصر في الواقع لا توجد أدلة». ويرى كيلو ضرورة أن «يضغط الحزب من أجل الإصلاح في سوريا لأن لا مصلحة له في أن يدوم الصراع».
وإلى متى يمكن أن يدوم الصراع؟ «أرجو أن ينتهي قبل نهاية هذه السنة، إذ تبلورت أجواء عربية ودولية لن يحتملها النظام طويلاً».
هل يوجد تواصل مع المجلس الوطني السوري؟ يقاطع سريعاً «يوجد تواصل دائم مع برهان غليون» وأنا أنتظر الوثيقة التي سوف تطرح على المعارضات وفي حال تضمنت ما سبق أن طالبنا به من قواسم مشتركة سيمكننا التفاهم».