“عيد الشهداء”: بين الوطنية والطائفية
نقطة على السطر
بسّام الطيارة
يحتفل لبنان وكذلك سوريا بعيد الشهداء الموافق السادس من أيار/مايو من كل سنة. ولكن لنسأل أي عابر سبيل عن هذا اليوم وما معناه في مسيرة تاريخ البلدين. تأتينا الإجابة «حسب منطقة سكن المجيب وميوله السياسية وطائفته ومذهبه»، وتأتي الإجابة بعيدة جداً عن الحقيقة التاريخية للأحداث التي قادت إلى هذا الذكرى.
لنترك جانباً التفسير «السيميائي» لمعاني شهيد وشهداء بعد أن اقتحمت التفسيرات السياسية والسوسيولوجية علم الألسنية، ولنأخذ فقط المعاني التاريخية للحدث ومواكبته لأحداث وأخبار اليوم.
ولكن قبل الولوج في «العيد» لنذكّر بالذكرى تاريخياً: يصادف هذا اليوم ذكرى «إعدامات بالجملة» نفذتها تركيا بين عامي ١٩١٥ و١٩١٦ عندما كان يشار إليها بـ«العثمانية» وقبل سنتين من خسارتها للحرب العالمية الأولى والتقوقع في داخل حدودها الحالية.
تأتي هذه المناسبة في «وقت غير مناسب» للعديد من الجهات اللبنانية والإقليمية وحتى الدولية. فلنبدأ من أقصى مروحة الأفرقاء المحليين مروراً بوسطها الإقليمي وصولاً أقصاها الغربي والأمم المتحدة.
“صفة” هذا العيد بحد ذاتها باتت محل جدل، فالبعض «وضع يده دينياً» على الصفة. والبعض يخاف من استعمال صفة شهيد بسبب هذا «الاستملاك الديني» لمعنى الشهادة. وبعض آخر يخاف النهر الدولي من استعمال كلمة «شهيد» بعد أن ربط الغرب هذه الصفة بالإرهاب.
رغم أن الاحتفال بهذا «العيد» اليوم في لبنان يعني الكثير، إذ يكفي النظر إلى «مناطق الشهداء ومشاربهم السياسية وطوائفهم ومذاهبهم» لنرى أن المستعمر العثماني لم يحدق بهويتهم ولا جادل أفكارهم السياسية ولا بحث في أصولهم المناطقية عندما علق لهم حبل المشنقة. فعل فعلته جمال باشا الجزار فقد لأنهم «وطنيون». (انظر إلى نهاية نص الافتتاحية تجد الأسماء والمناطق واستنتج الطوائف والمذاهب… إذا كنت من هواة هذا البحث).
في هذه اللائحة أسماء من لبنان وأسماء من سوريا عندما كان لبنان وسوريا وفلسطين يشار لها بـ «بلاد الشام»، ولكن كان بين الشهداء «أغراب» عرب وعجم اختاروا العيش في كنف لبنان، منهم حفيد «المجاهد الأكبر» الأمير عبد القادر الجزائري (عفواً على استعمال كلمة مجاهد في شأن وطني)، وكان بينهم أيضاً من التابعية اليونانية بترو باولي (لا علاقة بينه وبين سفير فرنسا الجديد في لبنان باتريس باولي).
عندما علقت المشانق لم ينظر «الجزار» إلى الهوية ومحل الإقامة، فبيروتي علقت مشنقته في عاليه: الخوري يوسف الحايك، من سن الفيل في بيروت أُعدم في دمشق، البيروتي يوسف سعيد بيضون، من بيروت، أُعدم بعاليه، الشيخ أحمد عارف من مدينة غزة أُعدم في القدس، بينما المقدسي علي بن عمر النشاشيبي أعدم في بيروت. إن قراءة لائحة «الشهداء» تدل إن لزم الأمر إلى أن «أي عدو» لا ينظر في التفاصيل حين يستبد بالقتل.
هذه الذكرى اليوم تأتي كـ «الضيف الثقيل» على الساحة اإقليمية: فهي تذكر بأن «تركيا كانت عثمانية» وأن لها تاريخاً في المنطقة العربية لم يكن ساطعاً البتة. قد يسلط البعض الضوء على هذه الحقيقة التاريخية «المزعجة إعلامياً»، وخصوصاً أن «الأعصاب مشدودة» هذه الأيام على الحدود التركية السورية، حيث تأبط البعض سيف المذهبية إما للدفاع عن نظام سوري لا يدافع عنه أو لتبرير تدخل تركي مشبوه.
في لبنان وفي سوريا تفعل الطائفية والمذهبية فعلتهما وتحضران للمزيد من التشرذم والتراجع والتخلف والضعف والفقر (ونرجو أن لا يصل إلى هذا الأمر إلى فلسطين التي يكفيها ما فيها من مصائب). إن البطش بخيرة النخبة المثقفة والمناضلة في سوريا ولبنان وفلسطين أضعف الثورة العربية التي كانت تتحضر تحت رماد الاستعمار التركي، وساهم في التحضير لحدثين كبيرين: وصول الوهابية إلى حكم بلاد الحجاز نتيجة «سحق الثورة العربية» بتوافق مع الغرب (الإنكليز والفرنسيين) وبـ«مساعدة منقبي النفط في حوض الرياض» في شرق الصحراء من جهة، وأهب لوجود البريطانيين في المنطقة وتقسيم فلسطين بعد تعويض أمير الحجاز بمملكتين فصلتا على مقاس وليده.
عيد الشهداء هذا عيد كبير ولكن يجب الاستعداد لتغيير اسمه لأن «الظروف الدولية» لم تعد تقبل استعمال كلمة شهداء، وتوافقها في هذا المسار «الظروف الدينية”.
من قال لا توجد شراكة حقيقية بين الظرف الدولي والظرف الديني؟
لائحة الشهداء الذين نفذ بهم حكم الإعدام مابين ٢١ آب/اغسطس ١٩١٥ ومطلع ١٩١٧. وقد اتفق على تاريخ السادس من هذا الشهر لأنه اليوم الذي شهد أكبر دفعة للشهداء
شهداء ٢١ آب/اغسطس ١٩١٥
• عبد الكريم الخليل، من الشياح قرب بيروت
• محمد المحمصاني، من بيروت
• محمود المحمصاني، من بيروت
• عبد القادر الخرسا، أصله من دمشق ومقيم في بيروت
• نور الدين القاضي، من بيروت
• سليم أحمد عبد الهادي، من قرية عرّابة بفلسطين
• محمود نجا العجم، من بيروت
• الشيخ محمد مسلّم عابدين، مأمور أوقاف اللاذقيّة من دمشق
• نايف تللو، من دمشق
• صالح حيدر، من أهالي بعلبك
• علي الأرمنازي، من حماة
شهداء٦ أيار/مايو ١٩١٦ في دمشق
• شفيق بك مؤيد العظم، من دمشق
• الشيخ عبد الحميد الزهراوي، من حمص
• الأمير عمر الجزائري، حفيد الأمير عبد القادر الجزائري من دمشق
• سليم الجزائري, من دمشق
• شكري بك العسلي، من دمشق
• عبد الوهاب الإنكليزي، من دمشق
• رفيق رزق سلّوم، من حمص
• رشدي الشمعة، من دمشق
شهداء٦ أيار/مايو ١٩١٦ في بيروت
• بترو باولي، من التابعية اليونانيّة، مقيم في بيروت
• جرجي الحداد، من جبل لبنان
• سعيد فاضل عقل، من الدامور
• عمر حمد، من بيروت
• عبد الغني العريسي، من بيروت
• الشيخ أحمد طبارة، إمام جامع النوفرة في بيروت
• محمد الشنطي اليافي، من يافا
• توفيق البساط، من صيدا
• سيف الدين الخطيب، من دمشق
• علي بن عمر النشاشيبي، من القدس
• محمود جلال البخاري، من دمشق
• سليم الجزائري، من دمشق
• أمين لطفي الحافظ، من دمشق
شهداء آخرون منهم:
• الخوري يوسف الحايك، من سن الفيل في بيروت، أُعدم في دمشق يوم ٢٢ آذار/مارس سنة ١٩١٥.
• نخلة باشا المطران، من أهالي بعلبك أغتيل قرب أُورفه بالأناضول في ١٧ تشرين الأول/أوكتوبر سنة ١٩١٥.
• الشقيقان فيليب وفريد الخازن من جونية بلبنان أُعدما ببيروت يوم الثاني من أيار/مايو سنة ١٩١٦.
• عبد الله الظاهر، من عكار، أُعدم ببيروت يوم الأول من آذار/مارس سنة ١٩١٦.
• يوسف الهاني، من بيروت، أُعدم ببيروت في نيسان/ابريل سنة ١٩١٦.
• محمد الملحم، شيخ عشيرة الحسنة، أُعدم بدمشق في أوائل سنة ١٩١٧.
• فجر المحمود، من عشيرة الموالي، أُعدم بدمشق أوائل سنة ١٩١٧.
• شاهر بن رحيل العلي، ابن الشيخ رحيل بن العلي السليمان شيخ عشيرة التركي، أُعدم بدمشق على أثر إعلان الثورة العربية الكبرى.
• الشيخ أحمد عارف، مفتي غزة، وولده، من مدينة غزة أُعدما في القدس الشريف سنة ١٩١٧.
• الشقيقان أنطوان وتوفيق زريق، من طرابلس، أُعدما بدمشق سنة ١٩١٦.
• يوسف سعيد بيضون، من بيروت، أُعدم بعاليه بلبنان يوم العاشر من شهر آذار سنة ١٩١٦.