عودة إلى ميدان التحرير:«يسقط حكم العسكر»
تجمع عدة آلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة احتجاجا على ما اسموه “الانقلاب الدستوري” للمجلس العسكري الحاكم الذي منح لنفسه بموجب اعلان دستوري مكمل مساء الاحد صلاحيات واسعة تتيح له البقاء سيد اللعبة حتى بعد انتخاب رئيس جديد لمصر.
واكد كل من المرشحين للانتخابات الرئاسية التي دارت جولتها الاخيرة السبت والاحد الماضيين بين مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي وآخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك احمد شفيق، انه هو الفائز فيها وذلك في انتظار الاعلان عن النتائج الرسمية الخميس.
ودعت حركات شبابية وجماعة الاخوان المسلمين اكبر القوى السياسية في مصر والمنافس التاريخي للجيش الذي يهيمن على النظام منذ الاطاحة بالملكية في 1952، الى هذه التظاهرات للتعبير عن رفض حل مجلس الشعب واستعادة المجلس العسكري الحاكم منذ اسقاط مبارك سلطة التشريع بموجب الاعلان الدستوري المكمل.
وهتف المتظاهرون الذين قدرت اعدادهم بنحو 20 الف شخص ورفع عدد كبير منهم صور محمد مرسي، “يسقط حكم العسكر” و “حكم العسكر باطل” و”الشعب يرفض الاعلان الدستوري” و”الشعب يريد صلاحيات للرئيس” و”يا مشير اسمعنا كويس الشرعية هي الشعب”. وازدادت اعداد المتظاهرين بحلول المساء بالنظر الى الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة والرطوبة في العاصمة المصرية نهارا.
وقال مجدي منصور (57 عاما) الاستاذ بجامعة عين شمس الذ قدم وزوجته المحجبة الى الميدان “احنا واثقين من فوز مرسي ونعرف ان المهزوم ما يسلمش بسهولة. لكن في النهاية هي مش حرب لينتصر فيها الجيش وضغط ميدان التحرير هو الاقوى”.
وتداول عدد من الخطباء على مكبر الصوت وسط الهتافات واطلاق الالعاب النارية احتفاء ب “فوز” مرسي. وقال احدهم “الصعايدة وصلوا (..) وحنكمل المشوار”.
ونظم تجمع امام مقر مجلس الشعب على بعد مئات الامتار من ميدان التحرير بحضور نواب، احتجاجا على حله قبل ان يلتحق النواب بميدان التحرير.
وقرر المجلس العسكري بموجب الاعلان الدستوري المكمل الصادر مساء الاحد، ان يتولى التشريع والميزانية اضافة الى صلاحيات اخرى لحين انتخاب مجلس جديد.
ورفع بعض الشباب لافتة كتب عليها “بعد ان انتخب الشعب البرلمان والرئيس ارفض احتلال بلطجية المجلس العسكري للبلاد”.
واكد حزب الحرية والعدالة مساء الاثنين اصراره على شرعية مجلس الشعب الذي تم حله اثر قرار اصدرته الخميس المحكمة الدستورية العليا.
وقال الحزب في بيان ان “مجلس الشعب قائم ومستمر ويمتلك سلطة التشريع والرقابة ويمكن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية من دون الاخلال ببقائه”.
واكد المجلس العسكري الاثنين انه يعتزم تسليم السلطة التنفيذية للرئيس المنتخب في احتفالية تقام في 30 حزيران/يونيو.
الا ان سلطات الرئيس المنتخب ستكون مقيدة اذ انه لن يستطيع تمرير اي قانون من دون موافقة المجلس العسكري الذي سيحتفظ، وفقا للاعلان الدستوري المكمل، بسلطة التشريع الى حين الانتهاء من وضع دستور جديد للبلاد ثم اجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب .
واعتبر الحركات الشبابية وجماعة الاخوان الاعلان الدستوري المكمل بمثابة “انقلاب دستوري” لصالح الجنرالات يحد من صلاحيات الرئيس الجديد وجردته خصوصا من اي سلطة على كل ما يتعلق بشؤون الجيش.
وبموجب هذا الاعلان الدستوري المكمل فان المجلس العسكري سيشكل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد اذا ما “قام مانع يحول” دون استكمال الجمعية التي شكلت في 12 حزيران/يونيو الجاري لعملها.
واوضح عضو المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين الاثنين ان هناك طعون امام المحكمة الادارية تطالب ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية، مضيفا انه اذا تم قبولها فان المجلس العسكري سيشكل جمعية جديدة.
كما ان الجيش يبقى صاحب اليد الطولى في الجانب الامني حيث منح ضباط مخابراته وشرطته صلاحية الضبطية العدلية للمدنيين، بمموجب قرار اصدره وزير العدل.
ونص الاعلان الدستوري المكمل على حصانة للمجلس العسكري “بتشكيله القائم” اي باعضائه الحاليين ما يعني عدم قدرة الرئيس القادم على ادخال اي تغيير على تركيبته.
واعلن محمد مرسي منذ فجر الاثنين انه فاز في الانتخابات على اساس نتائج اولية منحته 52 بالمئة من الاصوات.
لكن حملة احمد شفيق استنكرت هذا الاعلان واكدت ان مرشحها آخر رئيس وزراء في عهد مبارك هو المتقدم.
واوضح احمد سرحان احد المتحدثين باسم الحملة خلال مؤتمر صحافي “نحن متاكدون من ان الفريق احمد شفيق هو الرئيس القادم لمصر” وانه فاز ب 51,5 بالمئة من الاصوات.
واضاف مسؤولو الحملة انهم تقدموا بطعون بشان انتهاكات سجلوها اثناء العملية الانتخابية. وقال سرحان “ان هذه الطعون خطيرة جدا ويمكن ان تؤثر في مليون صوت”.
ودعت اللجنة الانتخابية الثلاثاء الجميع “الى التوقف عن التعرض لنتائج الانتخابات واذاعة اية ارقام متعلقة بها الى ان تصدر اللجنة النتائج الرسمية في وقت قريب”.
واثرت هذه التطورات السياسية على البورصة المصرية التي شهد مؤشرها الرئيسي اليوم تراجعا حادا بنسبة 4,2 بالمئة.
في هذه الاثناء دعت فرنسا الثلاثاء الى نقل “سريع ومنظم” للسلطة التي يتولاها العسكريون في مصر الى “سلطات مدنية منتخبة ديموقراطيا”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في لقاء صحافي “نعبر عن قلقنا حيال القرارات التي اتخذت وتؤثر في استمرار الانتقال الديموقراطي”. وتريد باريس انتقالا “سريعا ومنظما للسلطة كاملة الى سلطات مدنية منتخبة ديموقراطيا”. وكانت واشنطن اعربت عن “قلقها البالغ” ازاء الصلاحيات التي منحها المجلس العسكري لنفسه وطالبت بنقل “السلطة كاملة الى حكومة مدنية ديمقراطية”.