الاسلاميون في الأردن: توجهات نحو برلمان ظل ومقاطعة الانتخابات
تسعى الحركة الاسلامية المعارضة في الاردن لتشكيل حكومة وبرلمان ظل وسط توجهات لمقاطعة الانتخابات النيابية المرتقبة نهاية العام الحالي اثر اقرار قانون انتخاب لا يلبي مطالبها.
وتؤكد جماعة الاخوان المسلمين في الاردن نيتها مقاطعة الانتخابات النيابية المبكرة المقبلة الامر الذي اعتبر محللون انه سيضع المملكة امام “مأزق سياسي جديد”.
وقال زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام للجماعة، لوكالة فرانس برس ان “هناك تواصلا مع قوى وطنية وحتى قوى حزبية وسطية للاعداد لمجلس نواب ظل وحكومة ظل ما يعني مقاطعة اكيدة للانتخابات المرتقبة نهاية العام الحالي”.
وتوقع بني ارشيد “مقاطعة كبيرة للانتخابات النيابية القادمة اذا جرت بموجب هذا القانون”، مشيرا الى ان “كل من يراهن على مشاركة الحركة الاسلامية في الانتخابات المقبلة يكون مخطئا وواهما وهما كبيرا”.
واقر مجلس النواب الاردني الثلاثاء مشروع قانون انتخاب جديد الغى الصوت الواحد واعتمد مبدأ الصوتين: الاول للدائرة الانتخابية المحلية والثاني لقائمة وطنية خصص لها لأول مرة 17 مقعدا، كما زاد مقاعد النساء في المجلس من 12 الى 15.
ورفع مشروع القانون الجديد عدد مقاعد مجلس النواب الى 140 بدلا من 120، وبحسب الدستور يصبح قانونا نافذا بعد اقراره من مجلس النواب ثم الاعيان ثم صدور ارادة ملكية بالموافقة عليه ونشره بالجريدة الرسمية.
وتطالب المعارضة وخصوصا الحركة الاسلامية بقانون انتخاب عصري يفضي الى حكومات برلمانية منتخبة ويلغي نظام الصوت الواحد المثير للجدل والمعمول به منذ تسعينات القرن الماضي.
ورأى بني ارشيد ان القانون الذي اقر “متخلف ورجعي عاد بالاردن الى الوراء وهو غير قادر على انتاج مجلس نواب يعبر عن الشعب او يكون ممثلا حقيقيا له”.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي لبيب قمحاوي، ان “هذا القانون يعني تزويرا للانتخابات المقبلة بقوة القانون لانه اقصائي”.
واضاف لفرانس برس ان “القانون يؤكد استهتار النظام بمطالب القوى الشعبية التي تخرج الى الشارع منذ عام ونصف وحتى بكل الاتصالات والحوارات التي تمت مع المعارضة وغيرها”.
ورأى ان “المقاطعة هي احد ردود الافعال لكن يجب ايضا ان يكون هناك موقف عام ضاغط ومتواصل من قبل جميع الفعاليات الشعبية لسحب اي شرعية يوحى بها للانتخابات المقبلة ان جرت على اساس هذا القانون”.
واعتبر بني ارشيد ان “القانون يشكل استفزازا لمشاعر الاردنيين وتحديا للقوى الوطنية التي طالبت بقانون عادل وعصري ديموقراطي، ويشكل كذلك تحديا لارادة الملك الذي اراد قانونا ديموقراطيا توافقيا، فهو قانون لا ديموقراطي ولا توافقي”.
واضاف ان “من شأنه ان يستمر بقتل الحياة الحزبية او التنمية السياسية في الاردن وسيشكل عبئا على الدولة والنظام، فبدلا من ان تكون الانتخابات مخرجا وحلا ستصبح مشكلة وازمة جديدة”.
واتفق الباحث في مركز الدراسات السياسية في الجامعة الاردنية محمد المصري مع بني ارشيد واكد ان “مقاطعة الانتخابات المقبلة ستفقد المجلس النيابي المقبل شرعيته وبالتالي تضع الاردن امام مأزق سياسي جديد”.
وقال لوكالة فرانس برس “القانون لم يختلف عن سابقه، كنا نأمل ونتوقع قانونا افضل بكثير خصوصا في مرحلة انتقالية في ظل الربيع العربي”.
واشار المصري الى ان “قانون الانتخاب افقد بصورته هذه المجلس المقبل جزءا من شرعيته، وان قاطعت القوى السياسية الانتخابات سيفقد جزءا آخر”.
واضاف “نحن بحاجة الى مجلس نواب يمثل الشعب وذي شرعية قوية والى حكومة شرعيتها قوية والى مؤسسات دولة ذات شرعية قوية والى قوى سياسية مشاركة بحيث يحصل كل قرار على اجماع وتوافق في المراحل الانتقالية”.
لكن النائب المستقل خليل عطية اعتبر ان “قانون الانتخاب هو قانون جدلي لا يمكن ان يرضي جميع الاطراف”.
واوضح لفرانس برس ان “خيار المقاطعة ليس سليما لانه لا يغير شيئا، بل على العكس عبر المشاركة ومن تحت قبة مجلس النواب يمكن تعديل القوانين مستقبلا”.
واكد عطية انه “اذا اصرت هذه القوى على المقاطعة فلا داعي لحل مجلس النواب فالانتخابات المقبلة ستكون من دون معنى”.
واكد العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني اكثر من مرة ضرورة اجراء انتخابات نيابية وفق قانون انتخابي جديد قبل نهاية العام الحالي.
وقال الملك في مقابلة مع صحيفة “الحياة” اللندنية الاربعاء ان “المطلوب والمؤمل من جميع القوى السياسية دون استثناء المشاركة والمساهمة في الاصلاح من داخل المنظومة السياسية ومن تحت قبة البرلمان”.
واضاف ان “الانتخابات المقبلة ستكون خير اختبار على صدق النيات والتوجهات”.
وحض العاهل الاردني “جميع الأحزاب والقوى السياسية الى الارتقاء بادائها السياسي الى المستوى الذي تتطلبه هذه المرحلة الحاسمة والدقيقة من مسيرة الوطن الاصلاحية”.
ودعا الى جعل “الايجابية والاقبال على المشاركة والابتعاد عن منطق المصالح الخاصة والضيقة عناوين المرحلة”.
وتجري الانتخابات النيابية بحسب الدستور الاردني كل اربعة اعوام الا ان الانتخابات الاخيرة جرت عام 2010 بعد ان حل الملك البرلمان.
وقاطعت الحركة الاسلامية انتخابات عام 2010 معتبرة ان الحكومة “لم تقدم ضمانات لنزاهتها” بعد ان اتهمتها ب”تزوير” انتخابات 2007، الى جانب اعتراضها على نظام “الصوت الواحد”.
وافرزت الانتخابات السابقة غالبية ساحقة من الموالين للحكومة في مجلس النواب الحالي.
ويشهد الاردن تظاهرات منذ كانون الثاني/يناير من العام الماضي تدعو الى اصلاحات سياسية واقتصادية شاملة والقضاء على الفساد.