سوريا: القتال الاسوأ منذ بدء الانتفاضة
ما أن انتشر خبر مقتل ثلاثة من كبار المسؤولين العسكريين السوريين يوم الأربعاء بينهم صهر الرئيس بشار الأسد، حتى توسعت رقعة القتال في أطراف العاصمة. وقال احد السكان في اتصال عبر الهاتف ان القتال وهو الاسوأ منذ بدء الانتفاضة استمر في العاصمة دون هوادة بعد ساعات من دخول الليل. نشطاء إن مدفعية الجيش السوري بدأت بعد حلول الليل في قصف العاصمة من الجبال المطلة عليها.
رغم أن تفجير الخلية الأمنية شكل في ضربة قوية للدائرة المقربة من الأسد مع تعهد المعارضة “بتحرير” العاصمة. وكان آصف شوكت صهر الأسد أحد الشخصيات الرئيسية في النخبة الحاكمة التي تقاتل لاخماد الانتفاضة المستمرة منذ 16 شهرا ضد حكم أسرة الأسد.
وقتل ايضا وزير الدفاع وضابط كبير واصيب مسؤولون أمنيون كبار في الهجوم الذي وقع خلال اجتماع لكبار المساعدين الأمنيين للأسد عقد مع احتدام المعارك قرب قصر الرئاسة.
وذكر مصدر أمني إن المفجر كان حارسا خاصا يقوم بحماية افراد من دائرة المقربين من الأسد.
وأعلنت جماعتان سوريتان مسؤوليتهما عن تفجير يوم الاربعاء. وقالت جماعة لواء الإسلام المعارضة في بيان نشرته بصفحتها على فيسبوك إنه تم “استهداف مكتب الأمن القومي والذي يضم مكتب ما يسمى خلية إدارة الازمة في العاصمة دمشق.” وأكد متحدث باسم الجماعة اعلان المسؤولية عبر الهاتف. بينما أعلن قاسم سعد الدين المتحدث باسم الجيش السوري الحر المعارض مسؤولية جماعته أيضا عن الهجوم مضيفا أن هذا هو البركان الذي كانوا تحدثوا عنه وأنه بدأ للتو.
وقال التلفزيون الرسمي إن الانفجار نتج عن هجوم انتحاري. وأعلنت جماعتان مناهضتان للأسد مسؤوليتهما عن الهجوم. وتوعدت الحكومة بالرد وقال سكان إن طائرات هليكوبتر فتحت نيران مدافعها الرشاشة واطلقت في بعض الأحيان صواريخ على عدة أحياء سكنية. وأظهرت لقطات فيديو معارضين مسلحين يقتحمون مقرا أمنيا في جنوب دمشق.
ومكان الأسد غير معلوم حيث لم يظهر علنا أو يدلي بتصريح بعد الهجوم. وقال البيت الأبيض إنه لا يعلم مكان الرئيس السوري.
وكان الانفجار على ما يبدو جزءا من هجوم منسق في اليوم الرابع من معارك في العاصمة قال المعارضون إنها عملية “لتحرير دمشق” بعد اشتباكات على مدى شهور قال نشطون إنها اسفرت عن مقتل اكثر من 17 الف شخص.
وبدأ الهجوم في ساعة مبكرة يوم الاربعاء بمعارك قرب ثكنات عسكرية في حي دمر على بعد مئات الأمتار من قصر الرئاسة وأعقبه انفجارات قرب قاعدة الفرقة الرابعة المدرعة في جنوب غرب المدينة. وكان لتلك الفرقة التي يقودها ماهر شقيق الأسد دور فعال في سحق الاحتجاجات في أنحاء سوريا.
وقد أجل مجلس الأمن الدولي تصويتا كان مزمعا يوم الاربعاء على قرار بشأن سوريا. وتحدث الرئيس الأمريكي باراك اوباما هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الأزمة.
وتزايدات الجهود الدبلوماسية مع تحدث دول عن دخول الصراع مرحلة حاسمة. وقالت واشنطن التي تخشى انتشار الصراع إلى دول مجاورة إن الوضع يخرج عن السيطرة على ما يبدو. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن “المعركة الحاسمة” تدور حاليا.
وقال التلفزيون الرسمي إن شوكت ووزير الدفاع داود راجحة قتلا في “تفجير ارهابي” وتعهد بيان عسكري “بالقضاء المبرم على عصابات الاجرام” المسؤولة عن الهجوم. وقال في وقت لاحق إن العماد حسن التركماني وزير الدفاع السابق والمسؤول العسكري الكبير توفي متأثرا بجروحه في حين أصيب رئيس المخابرات هشام بختيار ووزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار لكن حالتيهما “مستقرة”. ويشكل هؤلاء المسؤولون قلب وحدة عسكرية لإدارة الأزمة يقودها الاسد مسؤولة عن سحق الانتفاضة. وقالت مصادر امنية إن الأسد لم يكن مشاركا في الاجتماع الذي استهدفه الهجوم. وعلى الفور تم تعيين رئيس أركان القوات المسلحة فهد جاسم الفريج وزيرا للدفاع لتجنب أي انطباع بحدوث شلل رسمي. وقال الفريج على التلفزيون الرسمي إن هذا العمل “الارهابي” لن يثني رجال القوات المسلحة عن مواصلة مهمتهم بملاحقة بقايا “العصابات الاجرامية الارهابية المسلحة”. وتوعد بقطع أي يد تحاول النيل من أمن الدولة أو مواطنيها.
وألقى وزير الاعلام السوري عمران الزعبي باللوم في الأزمة على حكومات غربية وعربية قال إنها “تتحمل المسؤولية عن كل نقطة دم سورية أهدرت … وسنحملهم المسؤولية.” وقال للتلفزيون الرسمي إن هذه هي المعركة الحاسمة في كل سوريا.
وفي المقابل قال رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا لرويترز في العاصمة القطرية الدوحة ان هذه هي المرحلة الاخيرة وان النظام سيسقط قريبا جدا. واضاف ان يوم الاربعاء يمثل نقطة تحول في تاريخ سوريا وسيزيد الضغوط على النظام ويحقق نهاية سريعة جدا في غضون اسابيع او شهور.
وقال وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا يوم الاربعاء إن الوضع في سوريا “يخرج عن السيطرة” على ما يبدو وأضاف أن المجتمع الدولي بحاجة إلى “ممارسة أقصى درجات الضغط على الأسد لكي يفعل الصواب ويتنحى ويسمح بانتقال سلمي” للسلطة. وقال بانيتا إن حكومة الأسد ستتحمل المسؤولية إذا فشلت في تأمين الأسلحة الكيماوية التي قال مسؤولون غربيون وإسرائيليون إنها نقلت من مواقع تخزينها.
وقال المبعوث الدولي كوفي أنان إنه ينبغي للقوى العالمية التحرك لوقف إراقة الدمار.
وأظهر فيديو بثه نشطاء على الانترنت وقالوا إنه صور في حي القدم الجنوبي جثتين اثنتين على الأقل راقدتين وسط برك من الدماء وقائد للمعارضين يقول إن 45 مدنيا على الأقل قتلوا في دمشق اليوم. ولا يمكن تأكيد العدد ولم يذكر القائد المعارض عدد قتلى المعارضين او قوات الأمن. وتقيد الحكومة السورية دخول الصحفيين الأجانب.
ويخشى زعماء غربيون أن يزعزع الصراع الذي انضم إليه متشددون إسلاميون استقرار جارات سوريا إسرائيل ولبنان وتركيا والعراق والأردن.
وقال معارضون مسلحون إنهم جلبوا تعزيزات من خارج العاصمة للاطاحة بالأسد من خلال مهاجمة قاعدة سلطة النخبة الحاكمة للمرة الأولى. وهاجمت القوات الحكومية مواقع المعارضة المسلحة في أنحاء العاصمة بعد الهجوم على الاجتماع الأمني وقال نشطون إن قوات حكومية وميليشيا موالية للحكومة تتدفق على العاصمة.
وبث التلفزيون الحكومي لقطات قال إنها صورت اليوم تظهر رجالا يرتدون ملابس عسكرية يحتمون من إطلاق النار ويطلقون النار وهي المرة الأولى التي يعرض فيها الاعلام الرسمي اشتباكات في قلب العاصمة.
واندلعت اشتباكات خلال الليل أيضا في حيي العسالي والقدم وفي الحجر الأسود والتضامن وهما حيان تسكنهما اغلبية سنية ويضمان سكانا من دمشق ولاجئين فلسطينيين.
وقال مسؤول تركي اليوم الأربعاء إن ضابطين سوريين كبيرين برتبة عميد بين نحو 600 سوري فروا إلى تركيا ليلا ليرتفع عدد الضباط السوريين الكبار الذين فروا لتركيا إلى نحو 20 بينهم لواء متقاعد.
وفي دمشق استخدمت القوات الحكومية رشاشات ثقيلة ومدافع مضادة للطائرات ضد المعارضين الذين انتقلوا إلى عمق أحياء سكنية مسلحين في الغلب بأسلحة صغيرة وقذائف صاروخية. ووصف بعض المقاتلين المعارضين تكثيف الهجمات في الايام الماضية بمعركة “لتحرير سوريا”.
لكن بعض المعارضين لا يتوقعون نصرا سهلا. وقال فواز تللو وهو نشط معارض بارز من اسطنبول ان الحفاظ على خطوط الامداد سيكون صعبا وان مقاتلي المعارضة ربما يضطرون في وقت ما الى القيام بانسحاب تكتيكي مثلما فعلوا في مدن اخرى. لكنه اضاف أن الواضح هو ان العاصمة السورية انضمت الى الانتفاضة.