نحو اتفاق شراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل
باريس – بسّام الطيارة
هل توجد علاقة بين اللقاء الحادي عشر لدمج إسرائيل في الاتحاد الأوروبي وبين التفجير الانتحاري في بلغاريا؟ بهذا السؤال علقت صحيفة «لوموند» على تسريع التقارب والتعاون بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي الذي سوف يقر في اليومين المقبلين في بروكسل، متجاوزاً كافة التحفظات التي كانت تضعها السياسة الأوروبية الخارجية.
ظاهرياً لا علاقة بين بين التفجير وبين توقيع سلسلسة «ّامة» من الاتفاقيات في عاصمة الاتحاد الأوروبي، إلا أن السلطات الإسرائيلية اختارت أن تستغل هذا التفجير الذي أودى بحياة أربعة سواح إسرائيليين لدفع أوروبا خلال اللقاء الذي يحصل غداً لزيادة تعاونها مع الدولة العبرية.
وقد وصل إلى بروكسل «أفيغدور ليبرمان» الاثنين الى بروكسل في محاولة لاقناع الاتحاد الاوروبي بادراج اسم حزب الله الشيعي اللبناني في لائحته للمنظمات الارهابية، إلى جانب فريق كبير من المفاوضين لتأكيد إقرار الاتفاقات الموقعة بين الاتحاد وإسرائيل في ٢ أيار/مايو السابق والتي تشمل ٦٠ اتفاقية في المجالات العلمية والبحث. وقد علمت «برس نت» أن ١٥ اتفاقاً هي بصدد الإقرار ويسعى الإسرائيليون لإقرارها «كاملة». وينبع «الخوف» الإسرائيلي من «ربط هذه الاتفاقيات بتقدم ملموس في المسار التفاوضي مع الفلسطينيين». إلا أن مصدراً مسؤولاً في الاتحاد الأوروبي أكد لـ«برس نت» أن القادة الأوروبيين «قد تجاوزوا هذا الربط بسبب الجمود التام في الممفاوضات» وأن الضغوط قوية من الساسة الأوروبيين للذهاب قدما في تمتين التعاون مع إسرائيل. من هنا لا يستبعد البعض أن يتم «رفع مستوى العلاقات» مع الدولة العبرية بشكل غير مسبوق»، وهي الخطوة اتي جمدها «آلهجوم الإسرائيلي على غزة» في نهاية ٢٠٠٩ ومطلع ٢٠١٠، إلى جانب ارتفاع وتيرة استعمار الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات في الضفة الغربية.
ويعني هذا بشكل ما «تراجع مواقف الاتحاد الأوروبي الداعم للمسيرة التفاوضية» والكف عن الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وفك القيود عن الاقتصاد الفلسطيني، رغم أن الحجج التي سوف يقدما الأوروبيون سوف تكون بأن هذه «الاتفاقات هي لتوفير أدوات ضغط على إسرائيل».
ويرى البعض أن «خوسيه مانويل باروسو» رئيس المفوضية الأوروبية عمل بقوة في السنة الأخيرة على تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وقد شدد في خطاب له في جامعة حيفا قبل أيام (١٠ تموز/يوليو) بمناسبة استلامه «دكتوراه فخرية» على تعزيز التعاون في مجال التعليم والبحث والابتكار ووصف التعاون في هذه المجالات بأنها «واحدة من أكبر الإنجازات» التي حققتها شراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وقد ألقى باروسو هذا الخطاب غداة توقيع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على مذكرة تفاهم لتعميق تعاونهما العلمي في مجالات الطاقة، مع التركيز بشكل خاص على الطاقة النظيفة، وتحلية المياه.
وأكد رئيس المفوضية الأوروبية أن إسرائيل والاتحاد الأوروبي شيدا علاقات حيوية مبنية على القيم المشتركة، وروابط تاريخية وقرابة متينة. وأضاف «في كل يوم، نعمل معا من أجل منفعتنا المتبادلة حول طائفة واسعة من المجالات، من الاتفاقات التي وقعت مؤخرا بين إسرائيل ووكالة الفضاء الأوروبية، إلى التعاون في عدد من وكالات الاتحاد الأوروبي مع نظرائهم الإسرائيليين».
وأوضح باروسو أن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين تعتبر قوية، كما أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لإسرائيل، حيث ارتفع التبادل التجاري بينهما السنة الماضية إلى حوالي 29.4 مليار يورو.
وركز باروسو بصفة خاصة على التعاون في مجال البحث والعلوم والتكنولوجيا حيث أشار إلى أنه :«إن هذا المجال يعتبر بكل تأكيد من أكبر النجاحات التي حققتها شراكتنا. إن قارة مثل أوروبا، التي تستثمر بكثرة في مجال الابتكار بحاجة لروابط وثيقة مع أمة ناشئة مثل إسرائيل ». وأوضح أن إسرائيل تعتبر من الدول خارج الاتحاد الأوروبي المرتبطة بالبرنامج ـــ الإطاري الأوروبي الحالي للبحث الأكثر نجاحا، حيث تبلغ عدد المشاريع الممولة في إطار هذا البرنامج في جامعة حيفا وحدها أكثر من 25 مشروعا ، إلى جانب مشاريع تعليمية في إطار برنامج «تيمبوس».
وتشارك إسرائيل حاليا في أكثر من 800 مشروع للبرنامج الإطاري الأوروبي للبحث في مجالات تمتد من الأبحاث العلمية المتقدمة، وتكنولوجيا التقنيات المتناهية الصغر، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى الطاقة، والصحة. وهو ما يجعل الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر ممول لإسرائيل في مجال البحوث العامة بعد مؤسسة إسرائيل للعلوم.
وشدد باروسو على أن الاتحاد الأوروبي يتعهد بالاستثمار في مجال الابتكار، والبحث، والتعليم، وأوضح أمام مستمعيه أنه في إطار برنامج التمويل المقبل في مجال البحث «أفق 2020» اقترحت المفوضية الأوروبية مجموعة من الإجراءات في مجال البحث والابتكار لفترة 2014ــــ2020، بقيمة 80 مليار يورو، أي بزيادة 46٪ بالنسبة للبرنامج الحالي.
شراكة في الاتحاد الأوروبي
وصرح «أشيد بالاهتمام الذي أبدته إسرائيل لهذا البرنامج»، مضيفا: «علينا تمهيد الطريق، وعندما يتم وضع الأساس القانوني لمشاركة إسرائيل في برامج الاتحاد الأوروبي، يمكننا التفاوض حول إشراك إسرائيل في” أفق 2020».
أضاف يمكننا أيضا بذل مزيد من الجهود بشأن مشاركة إسرائيل في البرامج التعليمية مثل «يراسموس موندوس» أو «جان مونيه» وهي برامج مخصصة للأوروبيين بشكل عام، وأضاف «سيكون لبرنامج يراسموس للجميع بعدا دوليا قويا، وبشكل خاص في مجال التعليم العالي والشباب، وسوف تمنح مكانة متميزة للدول المجاورة، مثل إسرائيل».
وتكشف أرقام المفوضية الأوروبية التي نشرت مؤخرا أن ثلاث جامعات إسرائيلية ـــــ الجامعة العبرية للقدس (الرابعة)، ومعهد وايزمان (الثامن)، ومعهد لتخنيون الإسرائيلي للتكنولوجيا (الثاني عشر) ــــ توجد ضمن قائمة ال 18 مؤسسة للتعليم العالي التي تضم مالا يقل عن 20 مستفيد من منحة المجلس الأوروبي للبحوث. ويعتبر هذا الأخير العنصر الأساسي “لبرنامج أفكار” للبرنامج الإطاري السابع للبحوث للاتحاد الأوروبي . ويتم تقديم المنح من خلال منافسة مفتوحة للمشاريع التي يشرف عليها باحثون مبتدئون أو قدامى ـــ مع مراعاة التفوق العلمي كمعيار وحيد للاختيار.