تعزيزات تصل إلى «جبهة حلب» وانشقاق في المعارضة
رغم المعارك المحتدمة على «جبهة حلب» إلا أن المعارضة في الخارج ما زالت «تزيد انقساماً» كما وصف أحد الديبلوماسيين الوضع. فقد اعلن في القاهرة الثلاثاء عن ولادة ائتلاف جديد للمعارضة السورية يحمل اسم «مجلس الامناء الثوري السوري». وقد كلف المجلس الجديد المعارض هيثم المالح تشكيل حكومة سورية انتقالية.
فقد عقد مجلس الامناء الثوري السوري مؤتمره التاسيسي. وفي ختام اعماله، اعلن هيثم المالح ان الائتلاف الذي يضم معارضين مستقلين غير حزبيين، طلب منه تشكيل حكومة انتقالية مقرها القاهرة.
وقال المالح «كلفني الاخوة بقيادة حكومة انتقالية وان ابدأ بالتشاور مع المعارضة في الداخل والخارج»، معتبرا ان “المرحلة الحالية تتطلب منا التعاون (…) لتشكيل حكومة انتقالية”.
وكان المالح استقال من المجلس الوطني السوري المعارض في ١٣ آذار/مارس الماضي منتقدا اداء المجلس.
وكما كان متوقعاً أثار إعلان ائتلاف جديد للمعارضة عزمه على تشكيل حكومة انتقالية برئاسة المعارض هيثم المالح استياء المجلس الوطني السوري الذي وصف هذه الخطوة بـ”المتسرعة” التي من شأنها “اضعاف المعارضة”.
ووصف المجلس الوطني السوري المعارض الثلاثاء بـ«المتسرع”» اعلان فصيل جديد للمعارضة السورية في القاهرة عزمه على تشكيل حكومة انتقالية، معتبرا ان من شأن هذه الخطوة «إضعاف المعارضة».
وقال رئيس المجلس الوطني عبد الباسط سيدا ردا على سؤال لوكالة فرانس برس «هذه خطوة متسرعة كنا نتمنى الا تكون»، مضيفا ان “تشكيل هذه الحكومة او غيرها بهذه الطريقة امر يضعف المعارضة».
ويعد المالح (81 عاما) من ابرز المعارضين للنظام السوري منذ ايام الرئيس السابق حافظ الاسد وامضى سنوات طويلة في السجن.
وقالت وجوه في المعارضة إن دخول مسلحين من العشائر العربية مثل «آل بري» أمس الثلاثاء على خط القتال الى جانب النظام يدل على أن النظام يريد ان يوصل البلاد الى «حرب اهلية»، في اشارة الى وضع مدنيين مسلحين في مواجهة المعارضين. واتهمت المعارضة «مسلحين من عشائر عربية اخرى بالمشاركة في المعارك الى جانب القوات النظامية».
وفي كردستان العراق، اعلن مسؤول كردي عراقي كبير ان قوات كردية قامت بتدريب اكراد سوريين في مخيمات اقليم كردستان العراق «لملء اي فراغ امني بعد سقوط النظام السوري».
وعلى «جبهة القتال» تصاعدت حدة المعارك في حلب أمس الثلاثاء، واعلن الجيش السوري الحر استيلاءه على ثلاثة اقسام للشرطة في المدينة وسط حشود متبادلة من قوات النظام والجيش السوري الحر اللذين استقدما مزيدا من التعزيزات الى المدينة تمهيدا ل”معركة طويلة الامد” بحسب مصدر امني سوري.
وبلغت حصيلة الضحايا بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان المقرب من المعارضة ٦١ قتيلا هم ٤٠ جنديا نظاميا وثمانية مقاتلين من المعارضة في حلب، و13 مدنيا في مناطق اخرى. وذكر المرصد السوري في بيان مساء الثلاثاء ان «مقاتلين من الكتائب الثائرة قاموا بالاستيلاء على اقسام الشرطة في هنانو وباب النيرب والصالحين بعد اشتباكات عنيفة مع القوات المتحصنة داخلها».
واشار الى مقتل ما لا يقل عن ثمانية مقاتلين معارضين في المعركة واربعين عنصرا من الشرطة.
كما اشار الى سقوط عدد من المقاتلين لم يتم توثيق عددهم واسمائهم بعد في «اشتباكات عنيفة في حي باب النيرب بين مسلحين من ال بري الموالين للنظام ومقاتلين من الكتائب الثائرة».
وذكر صحافي في وكالة فرانس برس في حلب ان الاستيلاء على مركز حي الصالحين المركزي بعد معركة استمرت ١٠ ساعات يهدف الى «وصل المناطق التي يسيطر عليها المتمردون داخل المدينة ببعضها»
من جهة أخرى ذكرت صحيفة “الوطن” السورية أمس الثلاثاء ان القوات السورية واصلت عملياتها في العديد من أحياء مدينة حلب مدعومة بالمروحيات التي تقوم بجولات استطلاعية فوق المناطق التي يتمركز فيها «مسلحون ينضوي تحت صفوفهم مقاتلون من جنسيات عربية وأجنبية ممولة من الخارج وتتلقى تعليماتها من غرفة عمليات في تركيا».
في ريف حلب، افادت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان «الجهات المختصة» اشتبكت اليوم مع «مجموعات ارهابية مسلحة تستقل سيارات دفع رباعي مجهزة برشاشات دوشكا كانت تعتدي على المواطنين وتقوم بأعمال قتل وتخريب وقطع للطرق في دارة عزة وقبتان الجبل». واوضحت ان الاشتباك اسفر عن «تدمير تسع سيارات ومقتل من فيها من الإرهابيين». وافاد مصدر امني في دمشق وكالة فرانس برس الثلاثاء ان «الجيش والمجموعات الارهابية يرسلون تعزيزات من اجل معركة حاسمة في حلب قد تستمر اسابيع عدة». ولفت الى ان «الجيش النظامي يحاصر الاحياء التي يسيطر عليها الارهابيون ويقوم بقصفها، لكنه لا يستعجل شن هجوم على كل من هذه الاحياء»، موضحا ان المقاتلين المعارضين يستقدمون تعزيزات من تركيا الى حلب بعد ان تمكنوا من السيطرة على «حاجز عسكري استراتيجي» في عندان التي تبعد نحو خمسة كيلومترات شمال غرب المدينة.
واوقعت اعمال عنف في مناطق سورية اخرى ١٣ قتيلا.
واعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة الثلاثاء ان الاف المدنيين الذين لا يستطيعون مغادرة حلب ثاني مدن سوريا التي تشهد معارك عنيفة، يلجأون الى الجامعات والمساجد في العاصمة الاقتصادية للبلاد. وقالت المفوضية في بيان “مع تعرض حلب اكثر مدن سوريا اكتظاظا لعنف اعمى يلجأ الاف السكان المذعورين الى مدارس ومساجد ومبان عامة”. ويسجل الهلال الاحمر العربي السوري ومنظمات اخرى يوميا نزوح حوالى 300 اسرة تحتاج الى مساعدة عاجلة بحسب المفوضية. ففي 32 مدرسة تم تسجيل ما بين 250 و350 شخصا، في حين لجأ سبعة الاف شخص الى مساكن الطلبة في الجامعات، اي ما مجموعه ما بين 15 و 18200 شخص حاليا في المدارس والجامعات.
ودانت المتحدثة باسم المفوضية ميليسا فليمنغ استمرار اعمال العنف في حلب. وقالت ان بعض المدنيين يفضلون البقاء في المدينة ويحاولون اللجوء الى المدارس والجامعات لانهم يعتبرون ان مغادرة المدينة محفوفة بالمخاطر بسبب انتشار القناصة والحواجز على الطرقات.
ودفعت التطورات الميدانية المفوضية الاوروبية الى المطالبة الثلاثاء باقرار “هدنة” في سوريا لاجلاء الجرحى والمدنيين، واصفة ما يجري في هذا البلد ب”المأساة الانسانية”. وقالت المفوضة المكلفة المساعدة الانسانية وادارة الازمات كريستالينا جورجييفا في بيان “ان سوريا بصدد الوقوع في ماساة انسانية تذكر بمآسي يوغوسلافيا السابقة”. واضافت “يجب علينا عدم السماح بتكرار ذلك” مضيفة انه “ينبغي ان يتمكن المدنيون من مغادرة مناطق المعارك بدون خوف على حياتهم”.
دبلوماسيا، اكد البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بحثا في “تنسيق الجهود لتسريع الانتقال السياسي في سوريا”. واوضح ان اوباما واردوغان اللذين تحادثا هاتفيا مساء الاثنين اتفقا على ان تشمل العملية الانتقالية رحيل الرئيس السوري، معبرين عن “قلقهما المتصاعد تجاه الهجمات الوحشية التي يشنها النظام السوري على شعبه واخرها في حلب”.
في طهران، اعلن نائب رئيس اركان الجيش الايراني الجنرال مسعود جزائري ان ايران “لن تسمح للعدو بالتقدم في سوريا”، لكنها لا ترى ضرورة للتدخل في الوقت الحالي، حسبما نقلت عنه صحيفة “شرق” الثلاثاء. وصرح جزائري “في الوقت الحالي ليس من الضروري ان يتدخل اصدقاء سوريا وتقييمنا هو انهم لن يحتاجوا الى ذلك”. وكانت صحيفة “الوطن” القريبة من النظام السوري اوردت الاثنين ان ايران حذرت تركيا من رد “قاس” في حال تدخلها عسكريا في سوريا و”تغيير قواعد اللعبة”.