عبد الله الثاني يحذر من تفكك سوريا
اتهم العاهل الاردني، الملك عبد الله الثاني، اسرائيل بالعمل على “اعاقة” البرنامج النووي السلمي الاردني، محذرا في الوقت نفسه من تفكك سوريا وانتقال الصراع الى دول الجوار.
وقال الملك عبد الله، في مقابلة مع وكالة فرانس برس الاربعاء، ان “المعارضة الاشد لبرنامج الاردن النووي تأتي من إسرائيل”، مضيفا “عندما بدأنا الاعداد للحصول على طاقة نووية لاغراض سلمية، تواصلنا مع بعض الدول ذات المستوى المتقدم من العمل المسؤول في هذا المجال ليتعاونوا معنا”، غير انه “لم يمض وقت طويل حتى ادركنا ان اسرائيل تمارس الضغط على هذا الدول لاعاقة اي شكل من التعاون معنا”.
واوضح انه “في كل مرة يتوجه وفد أردني للاتصال بشريك محتمل، نجد وفدا إسرائيليا يتوجه للشريك نفسه بعد اسبوع، ويطلب من الطرف الذي نتفاوض معه عدم دعم خطط الاردن للحصول على الطاقة النووية”.
لكن مسؤولا اسرائيليا نفى هذا الاتهام واصفا اياه بـ”العذر الواهي”، وقائلاً “اعتمدنا نهجا ايجابيا في كل مرة جرت استشارتنا فيها عن هذا الموضوع”. واضاف ان “اتهامات الملك تبدو عذرا واهيا”، مؤكدا انه “جرت استشارتنا وقلنا دائما انه بالطبع ان تم القيام بذلك وفقا لقوانين معاهدة حظر الانتشار النووي واشرافها وكل ما الى هنالك فعندها حسنا، لن يكون لدينا اي اعتراض”.
واكد الملك عبد الله الثاني انه “في ضوء ما ذكرت، فإنني اشعر ان من يعارضون برنامجنا النووي السلمي لاسباب مغلوطة، هم يحققون المصالح الاسرائيلية بنجاح يفوق قدرة اسرائيل على ذلك لوحدها”. وكانت ارتفعت اصوات تطالب بالتخلي عن الطاقة النووية في الاردن بعد حادث محطة فوكوشيما شمال شرق اليابان في 11 آذار/مارس 2011 الذي يعتبر الاخطر منذ كارثة تشرنوبيل قبل 25 عاما.
ودافع الملك عن البرنامج النووي الاردني الذي يلقى معارضة داخلية، وقال “أنا أتفهم الناشطين ومخاوفهم المتعلقة بالسلامة العامة، وهذا حقهم، لكن الاردن لن يختار الا أحدث جيل من المفاعلات النووية وأكثرها أمانا”.
واضاف ان “الاردن يمتلك 3 بالمئة من مصادر اليورانيوم في العالم، وعليه فإننا نملك موردا طبيعيا يجعل من خيار الطاقة النووية قابلا للتطبيق وذا جدوى، وسوف يمنحنا درجة من الاعتماد على الذات”.
وتستورد المملكة 96% من احتياجاتها من المشتقات النفطية، وتشير الدراسات الى ان الطلب على الكهرباء سيتضاعف بحلول عام 2020.
كما تعد المملكة واحدة من افقر عشر دول في العالم بالمياه حيث يتجاوز العجز المائي 500 مليون متر مكعب سنويا بحسب تقديرات المسؤولين.
من جانب آخر، حذر العاهل الاردني من احتمال تفكك الجارة الشمالية سوريا مع ارتفاع وتيرة العنف الطائفي فيها ما قد يقود لامتداد الصراع الى دول مجاورة. وقال “انا قلق جدا من احتمالية تفكك سوريا، فقد شهدنا في الشهور القليلة الاخيرة زيادة في وتيرة العنف الطائفي”.
واوضح ان ذلك “لا يهدد وحدة سوريا فقط، بل قد يكون مقدمة لامتداد الصراع الى دول مجاورة ذات تركيبة طائفية مشابهة، وقد شهدنا بالفعل اشارات على ان هذا الخطر يقترب اكثر فأكثر”.
ودعا الملك الى ايجاد “صيغة لعملية انتقال سياسية من شأنها ان تجعل جميع مكونات المجتمع السوري، بمن فيهم العلويون، يشعرون بأن لهم نصيباً ودوراً في مستقبل البلاد”. واكد ان “عملية الانتقال السياسي الشاملة هي الوسيلة الوحيدة لوقف التصعيد، وهي في مصلحة الشعب السوري ومن شأنها ان تحفظ وحدة اراضي سوريا وشعبها”، مشيرا الى ان “هذه العملية تصب كذلك في مصلحة الاستقرار الإقليمي والمجتمع الدولي”.
وفي ما يتعلق بمعلومات حول ضبط “خلايا سورية” في المملكة التي استقبلت نحو 200 الف سوري بين لاجىء ومقيم من بداية الأزمة، قال الملك ان “عددا منهم لم يأت بحثا عن ملاذ آمن بل لتنفيذ مهام أخرى، منها جمع معلومات استخبارية عن اللاجئين، او لتنفيذ مخططات تستهدف استقرار الأردن وامنه”. واضاف انه “كان من المستحيل علينا التدقيق امنيا على كل شخص يعبر إلى الأردن وقد استقبلنا الجميع على أساس انساني”، مشيراً الى ان “الطريقة التي تتعامل بها سوريا مع جيرانها تشكل تصعيدا محتملا، نراقبه عن كثب”.
من جهة اخرى، اكد الملك عبد الله ان “الأردن لم يفكر بفرض منطقة عازلة (في سوريا)، لكننا نحتفظ بحقنا السيادي في وضع كل الخيارات الممكنة في الاعتبار بما يضمن حماية مصالح وامن المملكة”.
من جانب آخر، اعتبر العاهل الاردني ان “الاخوان المسلمين (في الاردن) يسيؤون تقدير حساباتهم بشكل كبير” عبر اعلانهم مقاطعة الانتخابات النيابية. وقال “لقد بدأ العد التنازلي للانتخابات فعلا وعملية التسجيل تسير على قدم وساق، وقد تجاوزنا حد المليون بالنسبة لعدد المسجلين، وسيتم حل البرلمان، وسيعلن موعد الانتخابات، وسوف يكون لدينا برلمان جديد بحلول العام القادم”.
واكد ان “قانون الانتخاب الحالي تم إصداره بدرجة من الاجماع، ليست مثالية، ولكنه يتمتع بأعلى درجة من الاجماع الممكن في ظل تركيبة البرلمان في الوقت الراهن”، مشيرا الى ان “استطلاعات الرأي العام اظهرت أنه يحظى بدعم من أغلبية جيدة قاربت ثلثي الاردنيين”.
وتابع “لا يمكن تفصيل قانون على مقاس حزب سياسي واحد أو مجموعة تشكل أقلية، لكن صوتها هو الأعلى”. واضاف “رسالتي الى كل الاحزاب والقوى السياسية ان كنتم تريدون تغيير الاردن نحو الافضل، فهناك وسيلة وفرصة لذلك، أما الوسيلة فهي من خلال البرلمان القادم، وأما الفرصة فتتأتى عبر الانتخابات القادمة”، مشيرا الى “انها لحظة تاريخية لان الانتخابات لن تقرر تركيبة البرلمان الجديد فحسب، بل ستحدد الحكومة البرلمانية ايضا”. وتوجه الى الاخوان المسلمين قائلاً: “هناك خيار أمامكم، إما أن تبقوا في الشارع أو تساهموا في بناء أردن ديمقراطي جديد”.
وكانت اعلنت جماعة الاخوان المسلمين في الاردن في 12 تموز/يوليو الماضي رسميا مقاطعتها هذه الانتخابات في خطوة قد تنذر بدخول البلاد في ازمة سياسية.