الرد على الفيلم المسيء للإسلام بين الفتاوى والقضاء
أميركا
حث الرئيس باراك أوباما زعماء العالم الإسلامي يوم الثلاثاء على المساعدة في ضمان سلامة الأمريكيين في بلدانهم بعد موجة عنف استهدفت البعثات الدبلوماسية الأمريكية.
وقال أوباما في مقابلة مسجلة مع ديفيد ليترمان في شبكة تلفزيون سي.بي.إس في نيويورك “رسالتنا الى العالم الاسلامي بعد الهجمات على السفارات الامريكية هي “نتوقع منكم العمل معنا للحفاظ على سلامة أبنائنا.”
ووصف أوباما الفيلم المسيء للإسلام الذي فجر احتجاجات في شتى أنحاء العالم الإسلامي بانه “مهين” لكنه قال انه ليس مبررا للعنف.
مصر
قال النائب العام في مصر يوم الثلاثاء ان سبعة أقباط مصريين يقيمون في الخارج وقسا امريكيا سيقدمون لمحكمة الجنايات بتهمة اهانة الاسلام بشأن فيلم انتج في كاليفورنيا يسخر من النبي محمد.
ومن بين المصريين الذين سيحاكمون موريس صادق الذي يقيم في الولايات المتحدة والذي قال انه روج للفيلم الذي أثار غضب العالم الاسلامي.
ومن بين المتهمين ايضا القس تيري جونز المقيم في فلوريدا الذي أغضب المسلمين في عام 2010 عندما هدد بحرق نسخ من المصحف والذي عبر عن تأييده للفيلم.
وقال النائب العام في بيان ان الادانة يمكن ان تحمل عقوبة الاعدام وطالب بتسليم الاقباط السبعة وجونز لمصر لكنه لم يذكر الدول التي يقيم بها هؤلاء الاقباط.
وقال مصدر قضائي ان اثنين من المحامين المصريين قدما شكوى لدى النائب العام الذي أحال القضية الى محكمة الجنايات يوم الثلاثاء. واضاف المصدر ان المحكمة ستحدد موعدا للمحاكمة.
وصور فيلم “براءة المسلمين” النبي محمد على انه زير نساء وتم تداول لقطات منه على شبكة الانترنت منذ عدة اسابيع.
ويضم الاقباط السبعة الذين سيحاكمون ايليا باسيلي الذي قال ممثل الادعاء انه يعرف ايضا باسم نقولا باسيلي نقولا. واستجوب ضباط اتحاديون امريكيون الرجل البالغ من العمر 55 عاما الذي تم الربط بينه وبين الفيلم على نطاق واسع بخصوص الانتهاكات المحتملة لشروط خضوعه للمراقبة عقب الافراج عنه من سجن امريكي امضى فيه نحو عامين بعد ادانته باحتيال مالي.
وقال صادق الذي يرأس جماعة يطلق عليها الجمعية الوطنية القبطية الامريكية لرويترز الاسبوع الماضي انه يروج للفيلم ليسلط الضوء على التمييز ضد الاقباط في مصر في اشارة الى بعض المشاهد الافتتاحية في الفيلم الخاصة بهذه القضية.
وقال صادق الذي كان يتحدث من الولايات المتحدة انه يأسف على موت السفير الامريكي والامريكيين الثلاثة الاخرين في ليبيا في هجوم شنه مسلحون على القنصلية في بنغازي لكنه اضاف ان أي شخص يعترض على الفيلم يجب ان يفعل ذلك سلميا.
وسيحاكم الاقباط السبعة وجونز في اتهامات بأنهم يسعون لتقسيم مصر التي يبلغ عدد المسيحيين فيها نحو عشرة في المئة من تعداد السكان البالغ 83 مليون نسمة.
ويشكو المسيحيون في مصر منذ فترة طويلة من التمييز في اماكن العمل ومن قوانين تجعل بناء كنيسة اصعب كثيرا من بناء مسجد. ويقول الرئيس الاسلامي الجديد لمصر محمد مرسي انه سيعامل جميع المصريين بنزاهة.
ونددت الكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر باهانة الاسلام وأدانت بعض الاقباط في الخارج الذين يقولون انهم قاموا بتمويل الفيلم.
وفيما يسلط الضوء على كيفية تعامل القضاء المصري مع مثل هذه القضايا قالت وكالة انباء الشرق الاوسط الحكومية ان محكمة قضت يوم الثلاثاء بسجن قبطي من منطقة سوهاج بصعيد مصر ست سنوات منها ثلاث سنوات لاهانة النبي محمد والاسلام.
وادين بيشوي كميل وهو مدرس لغة انجليزية بسبب صور نشرها على موقع فيسبوك اعتبرت مهينة للنبي محمد. وادين ايضا وحكم عليه بالسجن لاهانة الرئيس ومواطن اخر.
تنظيم القاعدة
حث تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي المسلمين على قتل ممثلي الحكومة الأمريكية في المنطقة ردا على فيلم مسيء للنبي محمد قائلا إنه رحب بالانتقام الذي حدث الاسبوع الماضي بقتل السفير الأمريكي في ليبيا.
وقال التنظيم في بيان نشر يوم الثلاثاء على موقع يستخدمه متشددون “نبارك لإخواننا المسلمين الثائرين المدافعين عن عرض نبينا عليه الصلاة والسلام وعلى رأسهم أحفاد عمر المختار في ليبيا النخوة والغيرة والإسلام ونقول لهم: إن قتل السفير الأمريكي لهو أحسن هدية تقدمونها لحكومته المتغطرسة الظالمة لعلهم يفيقون من غيهم ويعودون إلى رشدهم ويدركون حقيقة معركتهم مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم.”
وحث التنظيم المسلمين خاصة في الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا على تنفيذ عمليات مماثلة وقال في البيان “ندعو شباب الإسلام إلى اقتفاء أثر أسود بنغازي بإسقاط أعلام أمريكا في سفاراتها في عواصمنا كلها وإحراقها بعد دوسها بالأقدام وقتل سفرائها وممثليها أو طردهم وتطهير أرضنا من رجسهم انتقاما لعرض خير الأنام عليه الصلاة والسلام ونخص بالذكر في هذا المقام إخواننا في الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا.”
ويسخر فيلم “براءة المسلمين” الذي نشرت لقطات منه على الانترنت من النبي محمد واثار عرضه غضبا عارما بين المسلمين وهجمات عنيفة على مقار السفارات الغربية في شمال افريقيا والشرق الاوسط.
وقتل اربعة دبلوماسيين أمريكيين منهم السفير كريستوفر ستيفنز في مدينة بنغازي بشرق ليبيا يوم الثلاثاء الماضي مع احتدام الغضب بسبب الفيلم المسيء للنبي.
وتعرضت سفارات الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لهجمات في مدن أخرى في اسيا وافريقيا والشرق الأوسط. ويوم السبت الماضي أعلنت حركة طالبان الأفغانية مسؤوليتها عن هجوم على قاعدة قتل فيه اثنان من مشاة البحرية الأمريكية قائلة أن ذلك ردا على الفيلم.
وقتل 17 شخصا على الأقل منذ يوم الثلاثاء في أعمال عنف دفعت واشنطن لإرسال قوات لتعزيز الأمن حول بعثاتها الدبلوماسية.
السعودية
امرت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية بحجب جميع الروابط والمواقع الالكترونية التي تمكن من الوصول للفيلم المسيء للرسول كما طالبت الهيئة شركة “غوغل” بحجب جميع روابط موقع “يوتيوب” الالكترونية المحتوية على الفيلم وفي حال عدم الاستجابة لهذا الطلب فستقوم الهيئة بحجب الموقع بالكامل.
وتؤكد الهيئة على أهمية التفاعل الإيجابي المستمر من قبل المواطنين والمقيمين بالإبلاغ عن أية روابط الكترونية يمكن من خلالها الوصول إلى الفيلم المسيء،واصفة ذلك بالواجب الذي يفرضه الدين.
فرنسا
حثت الحكومة الفرنسية على التحلي بضبط النفس بعد أن علمت أن صحيفة أسبوعية ساخرة تعتزم نشر رسوم كاريكاتيرية للنبي محمد يوم الأربعاء في وقت أشعل فيه فيلم مسيء للإسلام احتجاجات بين المسلمين في شتى أرجاء المعمورة.
وكانت مكاتب الصحيفة (شارلي إبدو) في باريس تعرضت لهجوم بقنبلة حارقة في نوفمبر تشرين الثاني بعد ان نشرت رسما كاريكاتيريا ساخرا للنبي محمد وفي عام 2005 فجرت رسوم كاريكاتيرية دنمركية للنبي موجة من الاحتجاجات في أنحاء العالم الإسلامي قتل فيها ما لا يقل عن 50 شخصا.
وسئل وزير الخارجية لوران فابيوس عن خطة شارلي إبدو لنشر الرسوم فقال أي استفزاز الآن لا بد من إدانته.
وقال رئيس الوزراء جون مارك إيرو في بيان “في المناخ الحالي يود رئيس الوزراء أن يشدد على استهجاته أي مغالاة ويدعو الجميع إلى التصرف على نحو رشيد.”
وتعيش في فرنسا أكبر طائفة إسلامية في أوروبا. وتتردد بالفعل دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعلى الإنترنت إلى مظاهرات احتجاج يوم السبت بسبب فيلم مسيء للإسلام أنتج بتمويل خاص في الولايات المتحدة ونشرت مقتطفات منه على الإنترنت.
ويوم الأحد الماضي اعتقلت الشرطة نحو 150 شخصا حاولوا المشاركة في مظاهرة احتجاج غير مرخص بها بالقرب من السفارة الأمريكية في باريس.
وجادلت صحيفة شارلي إبدو بأن لها الحق في نشر الرسوم الكاريكاتيرية.
وقال إستيفان شاربونييه رئيس تحرير الصحيفة لقناة التلفزيون الإخبارية آي تيلي “إننا ننشر رسوما كاريكاتيرية لأي إنسان وكل أسبوع وحينما نفعل ذلك مع النبي يوصف الأمر بأنه استفزاز.”
واضاف قوله إنه اذا توقفت شارلي إبدو عن نشر أعمال كاريكاتيرية بسبب الضغط أو خوفا من الهجوم فسوف ينتهي الحال بها إلى بيع 16 صفحة خالية كل أسبوع.
وتشتمل الرسوم التي اطلعت عليها رويترز ومن المقرر نشرها في الصفحات الداخلية من الصحيفة سلسلة من الصور بعضها رسوم كاريكاتيرية عارية تسخر من النبي محمد.
واتهم المجلس الفرنسي الإسلامي -وهو الهيئة الرئيسية التي تمثل المسلمين في فرنسا- شارلي إبدو بإلهاب المشاعر المعادية للمسلمين في مثل هذا الوقت العصيب.
وقال في بيان “إن المجلس يساند بشدة حرية التعبير لكنه يرى أنه لا شيء يبرر الإهانة والتحريض على الكراهية.”
واضاف المجلس قوله إنه “يدعو المسلمين في فرنسا ألا ينساقوا مع مثل هذا الاستفزاز ويحثهم على التعبير عن غضبهم بهدوء وبطريقة مشروعة.”
منظمة التعاون الإسلامي
أعلن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، اليوم، ان “الأعمال الشنيعة” كالفيلم المسيء للإسلام تهدد “الأمن والاستقرار في العالم” موضحا ان وزراء خارجية المنظمة سيناقشون هذه المسألة في نيويورك الأسبوع المقبل.
وأضاف أوغلي خلال مؤتمر صحافي في مقر الأمانة العامة في جدة ان المنظمة “سترمي بكامل ثقلها السياسي لوضع حد لهذه الأعمال الشنيعة، لانها لا تجرح المشاعر الدينية للمسلمين فحسب، إنما تهدد السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم”.
واعتبر انه “من الواضح ان العنف تولد عن المشاعر التي أثارها الفيلم الذي استفز وأساء الى جميع الشعوب المسلمة في كل مكان”.
وتابع أوغلي ان “الأحداث التي وقعت في بنغازي والقاهرة والخرطوم وأماكن أخرى، كشفت بجلاء الإفرازات الخطيرة لإساءة استخدام حرية التعبير التي دأبت منظمة التعاون الإسلامي على التحذير منها”.
وأشار إلى “نجاح الأمانة العامة في ان يحتل موضوع الفيلم “البذيء” والمسيء للرسول أقصى أولوية على جدول أعمال الاجتماع السنوي” لمجلس وزراء خارجية المنظمة في نيويورك الأسبوع المقبل.
ويعقد الوزراء اجتماعهم على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ في 27 أيلول الحالي.
وأوضح أوغلي ان “الاجتماع الوزاري في نيويورك سيناقش جميع المبادرات للوصول إلى خطة عمل لمعالجة الموجة المتصاعدة لأعمال التحريض ضد المسلمين، مع إشارة خاصة إلى الإساءة للنبي محمد”.
وقال “اتصلت بنا بعض الدول الأعضاء مقترحة بضع مبادرات”، لكنه حض جميع الدول الأعضاء وعددها 57 على “التحدث بصوت قوي موحد بشأن هذا الأمر البالغ الأهمية”.
كما دان “بشدة القتل المأساوي للسفير الاميركي كريس ستيفنز إلى جانب ثلاثة من مسؤولي القنصلية الأميركية في بنغازي لان “اللجوء إلى العنف يؤدي إلى خسائر في الأرواح ولا يمكن التساهل معه”.
فتاوى
أصدر إمام سلفي مصري، فتوى بقتل جميع المشاركين في الفيلم المسيء للإسلام الذي أنتج في الولايات المتحدة، وأثار موجة احتجاجات وأعمال عنف في العالم الإسلامي، في بيان نشر على مواقع جهادية.
وأصدر الشيخ احمد فؤاد عشوش “فتوى بوجوب قتل المخرج والمنتج وممثلي الفيلم المسيء” وجاء في نص الفتوى “ها أنا ذا أفتي بقتل كل من شارك في صناعة هذا الفيلم، وأن دماؤهم هدر، المنتج والمخرج والممثلين”.
وقال الشيخ في البيان، إن “قتلهم واجب على كل من قدر عليه من المسلمين، وان قتل هؤلاء المذكورين هو حكم الإسلام القطعي المجمع عليهم فيهم وفي أمثالهم”.
وأضاف “أولئك الأوغاد الذين قاموا على صناعة الفيلم .. إنما هم كفار محاربون لله ورسوله ولا ذمة لهم ولا أمان لهم ولا شبهة أمان، فقتلهم واجب حتما، يجب على جميع المسلمين القيام في ذلك”.
وقال متوجها إلى “شباب المسلمين”، إن “حكم من سب النبي إن أهانه هو القتل، وعلى هذا اجمع علماء الأمة من لدن الصحابة إلى يومنا هذا”.
وأضاف “أنا أفتي وأدعو شباب المسلمين في أمريكا وأوروبا، للقيام بهذا الواجب الحتمي ألا وهو قتل المخرج والمنتج والممثلين وكل من أعان وروج لهذا الفيلم، فكل هؤلاء كفار محاربون لله ورسوله يجب قتلهم ودماؤهم هدر”.