العالم يحاول احتواء الأزمة السورية التركية
بدا أن العالم بأجمعه هب لتهدئة الوضع بين سوريا وتركيا بعد حادثة قديفة المورتر والقصف التركي رداً عليها.
ففي اسطنبول تظاهر مئات الاتراك رفضا لاحتمال اندلاع حرب مع سوريا بعد موافقة البرلمان على منح الحكومة اذنا بتنفيذ عمليات عسكرية في سوريا عند الضرورة، وذلك ردا على سقوط قذائف سورية في قرية حدودية تركية.
وكتب على لافتة عملاقة رفعها المتظاهرون “لا للحرب”. ولبى هؤلاء دعوة العديد من احزاب اليسار وتجمعوا في ساحة تقسيم الرئيسية في المدينة.
وهاجم المتظاهرون “حزب العدالة والتنمية” الحاكم برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، معتبرين انه يجر تركيا الى “حرب امبريالية” على سوريا بايعاز من الولايات المتحدة.
واطلق هؤلاء هتافات مناهضة لاردوغان وواشنطن وكتب على احدى اللافتات التي حملوها “الشريعة والفاشية والظلامية لن تمر”.
وصباحا، حاول نحو ثلاثين متظاهرا مناهضين للحرب الاقتراب من مبنى البرلمان في انقرة، لكن عناصر شرطة مكافحة الشغب تصدوا لهم مستخدمين الغاز المسيل للدموع، وفق ما اوردت وكالة انباء الاناضول.
أما في الجانب السوري فقد نفى المندوب السوري لدى مجلس الامن بشار الجعفري، أن تكون دمشق قد اعتذرت من انقرة عن سقوط قذيفة في منطقة تركية حدودية وادت الى مقتل 5 أشخاص اشخاص.
وأعلن الجعفري في مؤتمر صحافي، عن اصابة ضابطين سوريين في القصف التركي على سوريا، مشيراً إلى أن بلاده التزمت بضبط النفس ازاء الاعتداءات التركية.
وقال الجعفري أن “وزير الاعلام السوري عمران الزعبي قدم التعازي باسم الحكومة للشعب التركي، وهو لم يقل ان سوريا تعتذر ولم يقدم اي اعتذار”، مجدداً تقديم التعازي للشعب التركي “الشقيق”.
وأكد المندوب السوري أن دمشق “تحقق بجدية يمصدر النيران”، مشددا على انها “تستند في تعاملها على معايير حسن الجوار”، مطالبا سوريا بضبط الحدود.
وتابع الجعفري “لم نسمع من الجانب التركي اي كلام تعاطف او تضامن مع المواطنين السوريين المدنيين الابرياء الذين قتلوا في التفجيرات الارهابية الاربعة في حلب لذا يجب ان نكون عادلين في مقارباتنا”.
وكذلك حثت الصين تركيا وسوريا على التحلي بضبط النفس بعد تصاعد حدة التوتر إثر قصف المدفعية التركية لأهداف داخل سوريا ردا على مقتل خمسة مدنيين أكراد بقذيفة مورتر أطلقت من داخل الأراضي السورية.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني يوم الخميس “نناشد كل الأطراف المعنية بما في ذلك تركيا وسوريا للتحلي بضبط النفس والامتناع عن أي تحرك يؤدي إلى تصعيد التوتر بغية الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة.”
وكان السفير التركي لدى الأمم المتحدة ارتوجرول أباكان قد وصف في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن إطلاق قذيفة المورتر بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي وخرق للسلم والأمن الدوليين.” وقال دبلوماسيون إن أعضاء المجلس يأملون إصدار بيان غير ملزم يوم الخميس يندد بالهجوم “بأشد العبارات” ويطالب بإنهاء الانتهاكات لسيادة الأراضي التركية. وأشار الدبلوماسيون الى إن أعضاء المجلس كانوا يأملون إصدار البيان يوم الأربعاء لكن روسيا طلبت تأجيل إصدار القرار. وروسيا حليف قوي للرئيس السوري بشار الأسد وكانت قد استخدمت هي والصين حق النقض (الفيتو) لاحباط ثلاثة مشروعات قرارات تندد بحكومة الأسد.
وتحرص الصين على ألا تبدو منحازة لأي من طرفي الصراع في سوريا وحثت الحكومة على إجراء محادثات مع المعارضة واتخاذ خطوات للاستجابة لمطالب التغيير السياسي. وقالت أيضا إنه لا بد من تشكيل حكومة انتقالية.
طالبت فرنسا، أمس، مجلس الأمن الدولي بأن يبعث برسالة سريعة وواضحة إلى سوريا، تندد بالهجوم بقذيفة موتر على تركيا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان “أريد وأتمنى أن يقر المجتمع الدولي بأكمله ومن خلال مجلس الأمن الدولي على وجه الخصوص رسالة واضحة وسريعة تدين السلطات السورية بقوة”.
دانت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، هجوما بقذيفة مورتر من سوريا أسفر عن مقتل خمسة مدنيين في تركيا. ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس. وقالت في بيان “أدين بشدة قصف القوات السورية لبلدة حدودية تركية أمس. مرة أخرى أحث السلطات السورية على وضع نهاية على الفور للعنف وعلى الاحترام الكامل لوحدة الأراضي وسيادة جميع الدول المجاورة”. وأضافت آشتون، “أدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس وسأواصل متابعة الوضع عن كثب”.
أما في إيران الحليف القوي للنظام السوري فقد أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبداللهيان، ان صون سيادة الأراضي التركية والسورية وضبط النفس، هما الضرورة الأولى لدعم وتعزيز إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. وأضاف عبداللهيان في تصريح لوكالة الأنباء الإيرانية “ارنا” اليوم، ان طهران تدعو الطرفين التركي والسوري إلى ضبط النفس ودراسة الحادث بشكل دقيق ومعرفة أهداف أعداء المنطقة في إشارة إلى الحادث الذي وقع أمس على الحدود السورية-التركية. كما شدد على ضرورة اهتمام الطرفين بموضوع المجموعات المتطرفة والإرهابية والمجموعات المسلحة غير المسؤولة المتواجدة في المنطقة وما تثيره من توتر، ومخططات الأعداء في المنطقة.
وقال عبداللهيان ان المحافظة على سيادة الأراضي التركية والسورية وضبط النفس هما الضرورة الأولى لدعم إرساء الأمن والاستقرار، معتبراً ان أمن المنطقة رهن بتعزيز مراقبة الحدود الموازية لسوريا.
دعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله، الخميس، أنقرة إلى “الاعتدال” في ردها على تعرض قرية اكجاكالي التركية الحدودية مع سوريا، لقصف من الجانب الآخر من الحدود، والذي رد عليه الجيش التركي بقصف أهداف في سوريا.
وقال الوزير في ندوة صحافية:”نحن نقف إلى جانب تركيا، حليفتنا في حلف شمال الأطلسي، لا شك في ذلك، لكننا ندعو أيضا إلى الاعتدال ورد معقول في هذا الوضع المتدهور، يجب نزع الفتيل الآن”.
غير انه دعا أيضا “بإلحاح نظام الأسد إلى احترام سيادة تركيا ووحدة أراضيها وجيرانه الآخرين”.
وقال الوزير الألماني، رداً على الأحداث التي حصلت أمس واليوم، بين تركيا وسوريا، ان هذه الأحداث “تدل على تعاظم خطر الاشتعال بسبب النزاع الأهلي المستمر في سوريا وذلك يفرض على المجتمع الدولي التحرك”.
وأضاف:”إنني دعوت كل أعضاء مجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياته وعدم عرقلة قدرة المجتمع الدولي على التحرك بموقف اعتراضي”.
وجّهت وزارة الخارجية السورية رسالتين إلى مجلس الأمن وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون طالبتهما فيها بإدانة سلسلة التفجيرات التي تضرب البلاد، وبشكل خاص متفجرات مدينة حلب.
وأشارت الوزارة في مضمون الرسالتين أن “االعمل الإرهابي الذي اعترفت به جبهة النصرة هو جزء من سلسلة التفجيرات الإرهابية التي شهدتها سوريا على يد المجوعات الإرهابية التي تتسلل إليها وتتلقى الدعم من دول المنطقة”.
ودعت مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى “إدانة التفجيرات والحوادث الإرهابية بشكل واضح وصريح، لاسيما تلك التي ضربت حلب ومن يقف خلفها”، مضيفة أنها “تعتبر ذلك امتحانا لمصداقية المجتمع الدولي وتأكيدا على عزمه في مكافحة الإرهاب”.
وأشارت الوزارة إلى انه “من المفارقة أن تقوم دول باتت معروفة بدعمها للإرهابيين في سوريا وفي مقدمتها تركيا وقطر والسعودية سواء، من خلال توفير المأوى والتدريب لهم، أو بتوفير دعم مادي وعسكري ولوجستي لعصاباتهم والتفاخر علناً بقيامها بتقديم هذا الدعم على لسان مسؤولية”.