المشهد السوري: حربي في الداخل وقلق في الخارج
دخلت القوات النظامية السورية الثلاثاء حي الخالدية في مدينة حمص التي تشهد معارك ضارية منذ الاثنين مع عدد من القرى المحيطة، في وقت افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الموجود في لندن والمقرب من المعارضة عن سيطرة مجموعات معارضة على مدينة معرة النعمان في شمال غرب البلاد.
في الوقت نفسه، اشار المرصد الى مقتل عشرات الاشخاص في تفجيرين استهدفا الاثنين مركزا للمخابرات الجوية السورية في ريف دمشق وتبنتها جبهة النصرة المتطرفة.
وفي مواجهة التصعيد المستمر في انحاء مختلفة من سوريا، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون نظام الرئيس بشار الاسد الى وقف اطلاق النار من جانب واحد.
واوقعت اعمال العنف الثلاثاء ثمانين قتيلا، هم 24 مدنيا و31 عنصرا من قوات النظام و25 مقاتلا معارضا، وقال التلفزيون السوري ان القوات السورية المسلحة “بسطت الامن في اجزاء كبيرة من حي الخالدية في حمص وتلاحق فلول الارهابيين في ما تبقى منه”. ويعد هذا الحي احد ابرز معاقل المقاتلين المعارضين.
وذكر المرصد من جهته ان القوات النظامية احرزت تقدما في الحي الذي تدور حوله معارك منذ اشهر طويلة، “لكنها لم تتمكن من الوصول الى وسطه”.
وقال الناشط ابو بلال الحمصي الموجود في حمص القديمة عبر سكايب لوكالة فرانس برس ان الجيش النظامي “اقتحم جزءا من حي الخالدية ولم يقتحم الحي بشكل كامل”.واضاف “هناك 800 عائلة محاصرة في حمص وسوف تحدث مجزرة لم تشهدها الثورة ان تم الاقتحام الكامل”.
وكان الحي تعرض للقصف بالطيران الحربي للمرة الاولى الجمعة. وابلغ مصدر عسكري سوري فرانس برس الاحد ان القوات النظامية بدأت حملة للسيطرة على معاقل المقاتلين المعارضين في حمص وريفها، وتأمل في انهائها قبل نهاية الاسبوع الجاري.
وبسبب التصعيد الحاصل في محافظة حمص، فر حوالى 400 سوري من قرى حدودية الى لبنان خلال الساعات ال24 الماضية، بحسب ما افاد مصدر امني وكالة فرانس برس الثلاثاء.
وشمل القصف الثلاثاء، بحسب ناشطين، مدينتي تلبيسة والحولة في محافظة حمص.
في محافظة ادلب (شمال غرب)، انسحبت القوات النظامية “من كل الحواجز الواقعة في مدينة معرة النعمان التي سيطر عليها الثوار، باستثناء حاجز واحد عند احد المداخل”، بحسب ما ذكر المرصد الذي اشار الى الاهمية الاستراتيجية للمدينة التي تمر بها حكما “كل تعزيزات النظام في طريقها الى حلب”.
وجاء ذلك بعد معارك استمرت 48 ساعة.
في ريف دمشق، افاد المرصد عن مقتل “عشرات الاشخاص في الهجوم الذي استهدف فرع المخابرات الجوية في مدينة حرستا” الاثنين.
واوضح ان الفرع المذكور “هو اكبر مركز اعتقال في ريف دمشق”، مبديا خشيته على مصير المعتقلين.
وتبنت “جبهة النصرة” الاسلامية المتطرفة الهجوم مشيرة الى ان انتحاريين نفذاه بسيارتين مفخختين احداهما سيارة اسعاف، وتلاه قصف الفرع بقذائف الهاون، بحسب بيان نشر على صفحتها على موقع “فيسبوك” للتواصل الاجتماعي.
لكن مصدرا في اجهزة الامن السورية نفى لفرانس برس هذه الرواية، موضحا ان حراس مقر المخابرات الجوية اطلقوا النار على السيارة الاولى التي انفجرت قبل ان تدخل المحيط المحصن للفرع، اما الثانية فتم اعتراضها واوقف سائقها.
واوضح المصدر ان اشتباكات عنيفة تلت الهجوم واستمرت خمس ساعات “تم بعدها صد المهاجمين”.
وشهدت مناطق عدة في ريف دمشق الثلاثاء عمليات عسكرية. وقال المرصد ان اربعة رجال على الاقل قتلوا في اطلاق رصاص خلال اقتحام القوات النظامية لبلدة دير العصافير.
في حلب، كبرى مدن الشمال، ذكر المرصد السوري في بيان مسائي ان احياء القاطرجي وقاضي عسكر والاذاعة والصاخور تعرضت لقصف من القوات النظامية، ما ادى الى سقوط جرحى وتهدم في بعض المنازل. كما دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في حي سليمان الحلبي.
وكان القصف شمل في وقت سابق حيي طريق الباب والشعار في شرق المدينة.
في باريس، ناشد الامين العام للامم المتحدة النظام السوري بوقف النار من جانب واحد. وقال اثر لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند “بلغ الوضع مستوى غير مقبول، من غير المحتمل ان تستمر معاناة الشعب على هذا النحو. لهذا السبب شرحت للحكومة السورية ان عليها ان تعلن فورا وقفا احاديا لاطلاق النار”، داعيا المعارضة الى القبول به.
وقال بان “ادعو مجددا الدول التي تزود الجانبين بالاسلحة الى وقف ارسال المعدات العسكرية. عسكرة النزاع ستضع الشعب السوري في وضع اصعب والحل الوحيد هو سياسي عبر حوار سياسي”.
وقال هولاند من جهته “علينا فرض عقوبات جديدة لدفع النظام الى الرضوخ”.
في تركيا، تفقد رئيس اركان الجيش التركي الجنرال نجدت اوزيل الثلاثاء القوات المتمركزة على الحدود السورية التي شهدت حوادث مسلحة مؤخرا، على ما نقلت وكالة انباء الاناضول.
وجدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء التاكيد امام نواب حزبه العدالة والتنمية في البرلمان ان بلاده سترد على اي هجوم سوري. وقال “لم يكن امام قواتنا خيار سوى الرد بالمثل… طالما الادارة السورية على موقفها العدائي”.
ودعا الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن الثلاثاء تركيا وسوريا الى “تفادي التصعيد” وضبط النفس.
في الفاتيكان، اعرب البابا بنديكتوس السادس عشر و262 اسقفا من العالم اجمع الثلاثاء التقوا في اطار مجمع حول “التبشير الجديد بالانجيل” عن تعاطفهم بالصلاة مع الشعب السوري، ودعوا الى “حل سلمي وعادل” للنزاع.
في دمشق، عين الرئيس السوري الثلاثاء سفيرا جديدا لبلاده في العراق، بحسب ما افادت وكالة الانباء الرسمية (سانا)، خلفا للسفير نواف الفارس الذي اعلن انشقاقه عن النظام السوري في تموز/يوليو الماضي.
وذكرت الوكالة ان الاسد اصدر مرسوما يقضي بتسمية صطام جدعان الدندح سفيرا لسوريا لدى العراق.