سوريا: انهيار هدنة العيد
انهارت الهدنة الهشة التي دخلت حيز التنفيذ صباح اليوم في مناطق عدة في سوريا، ولو أن مستوى العنف لا يزال أدنى من الأيام الأخرى التي سجلت في النزاع الدامي المستمر منذ أكثر من 19 شهرا.
وقال مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان” النقرب من المعارضة، إن “الهدنة انهارت بعد الظهر في مناطق عدة”، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن “مستوى العنف اليوم إجمالا هو اقل مما كان عليه خلال الأسابيع والأشهر الماضية، وكذلك عدد الضحايا. كما ذكر أن النظام لم يستخدم بعد الطيران الحربي في القصف”.
وفي القاهرة، قال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد بن حلي، انه “بحسب المؤشرات الأولية، فان الهدنة تطبق، ويمكن أن تؤدي إلى هدنة أطول وآلية قوات حفظ سلام من الأمم المتحدة”.
ميدانياً، قتل 23 شخصا بعد بدء وقف إطلاق النار، هم ثمانية في ريف دمشق بينهم مقاتل في قصف وقنص، وواحد في مدينة حمص، وعشرة عناصر من قوات النظام وأربعة مقاتلين معارضين في ادلب في اشتباكات مستمرة منذ حوالي العاشرة والنصف (7:30 ت غ) في محيط معسكر وادي الضيف قرب مدينة معرة النعمان.
ووقعت العمليات الأكثر حدة في محيط المعسكر الذي يحاصره المقاتلون المعارضون منذ أكثر من أسبوعين. ويشارك في القتال ضد قوات النظام في هذه المنطقة عناصر جبهة “النصرة الإسلامية” المتطرفة التي أعلنت منذ أمس الأول رفضها للهدنة.
وترافقت الاشتباكات مع قصف على قرى دير شرقي ومعر شورين وكفرسجنة، مصدره القوات النظامية ما أسفر عن تهدم في بعض المنازل، بحسب المرصد.
وذكرت وكالة الأنباء التركية “الأناضول” أن إطلاق نار من أسلحة ثقيلة وقذائف هاون مصدرها سوريا تردد صداه في الأراضي التركية، وكان بالإمكان سماعه في بلدة بساسلان في محافظة هاتاي، مشيرة إلى أن عنف المعارك دفع فلاحين أتراك إلى مغادرة الحقول التي كانوا يعلمون فيها والعودة إلى منازلهم.
وفي مدينة حلب، نقل مراسل وكالة “فرانس برس” عن سكان أن المقاتلين المتمردين حاولوا التقدم في اتجاه ثكنة المهلب في منطقة السريان، لكن الجيش صدهم.
أما في حمص، تعرض حي الخالدية وأحياء أخرى محاصرة من القوات النظامية للقصف، بحسب ناشطين. واظهر شريط فيديو نشر على موقع “يوتيوب” انفجارات تتوالى في احد أحياء المدينة، بحسب ما يقول صوت مسجل على الشريط. وترتفع سحب سوداء من الدخان على وقع صرخات “الله اكبر”. ويقول الصوت “حمص تدمر وتفجر في أول أيام العيد”.
وشهدت مدينة تلكلخ في ريف حمص “إطلاق رصاص من الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة” ترافقت مع اشتباكات، بحسب المرصد. وفي دمشق، “انفجرت سيارة مفخخة داخل مبنى قيد الإنشاء في حي التضامن ولم ترد أنباء عن خسائر بشرية وانفجرت قذائف هاون في محيط مطار المزة العسكري”، بحسب المرصد.
كما افاد المرصد عن “اشتباكات عنيفة في حي العسالي في جنوب دمشق والسيدة زينب في ضاحية دمشق”. وذكر ناشطون أن الاشتباكات شملت أيضا حي القدم في جنوب العاصمة.
وقالت الهيئة العامة للثورة إن الاشتباكات بدأت بعد أن “قامت قوات النظام بإطلاق الرصاص على المدنيين في المنطقة”.
وبحسب مصادر عدة وناشطين، فان القوات النظامية حاولت تفريق تظاهرات استغلت الهدنة للخروج بعدد اكبر عبر إطلاق النار عليها في مناطق عدة، ما تسبب بإصابة ثلاثة أشخاص بجروح في مدينة انخل في محافظة درعا.
وأكد رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر العميد مصطفى الشيخ أن “منع التظاهر وإطلاق النار على المتظاهرين يشكل خرقا للهدنة”.
وشكك الشيخ بنوايا النظام، قائلاً إن “هذا نظام كاذب. كلما خرج الناس سيطلقون النار. لو تركوا الناس يتظاهرون أصلا، لكان النظام سقط منذ زمن. ولو أن الناس يثقون بتعهد النظام وقف النار، لكان الشعب السوري خرج كله للتظاهر”.
وشملت التظاهرات بلدات في درعا وحي هنانو في مدينة حلب وريف حلب وأحياء الحجر الأسود والقابون وجوبر في دمشق وبلدات وقرى عدة في ريف دمشق وادلب وريف حماة ودير الزور والرقة.
وكان الجيش السوري قد أعلن ان “مجموعات ارهابية مسلحة” قامت بـ”خروقات” لوقف اطلاق النار بالاعتداء على عدد من المواقع العسكرية في مناطق سورية مختلفة، ما استدعى ردا من القوات السورية النظامية.
وجاء في بيان تلي عبر التلفزيون الرسمي السوري “في خرق واضح للاعلان عن ايقاف العمليات العسكرية الذي التزمت به القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة قامت المجموعات الارهابية المسلحة بالاعتداء على بعض المواقع العسكرية”.
وتابع البيان انه “تطبيقا لنص بيان وقف العمليات العسكرية والاحتفاظ بحق الرد تقوم قواتنا المسلحة الباسلة بالتعامل مع هذه الخروقات والرد على مصادر النيران والتصدي للمجموعات الارهابية المسلحة وملاحقة فلولها”.
واوضح البيان “في دير الزور أقدمت المجموعات الارهابية المسلحة باطلاق النار على حواجز الجيش في حلبية الساعة 7:25 صباحا والجبيلة الساعة 7:30 وحاجز السياسية الساعة 7:35 صباحاً”.
وتابع “في درعا اطلقت مجموعة ارهابية مسلحة النار في الساعة 7:15 صباحاً باتجاه حاجز المركز الثقافي وفي الساعة 7:00 صباحا هاجمت المجموعات الارهابية المسلحة في ادلب مواقع للجيش في مناطق حارم وسلقين ووادي الضيف والعلانة”.
واضاف “قامت مجموعة ارهابية مسلحة في حمص باطلاق النار على حاجز للجيش في باب هود الساعة 11:00 صباحا وفي ريف دمشق هاجمت المجموعات الارهابية المسلحة منذ الساعة 9:00 صباحا مواقع عسكرية في حرستا وعربين ودوما”.
ومن جهة أخرى أشاد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بـ”إعلان وقف إطلاق النار في سوريا”، متوقعاً أن “يفتح هذا الأمر باباً جديداً أمام عهد جديد”.
وأعرب داود أوغلو في رسالة له على صفحته الخاصة على “تويتر” عن أمله بـ”أن يشعر الشعب السوري بشيء من البهجة بهذا العيد”، مضيفا بأنه يتوقع أن يفتح إعلان الهدنة بابا جديدا أمام عهد جديد.
على صعيد متصل، ذكر مراسل فضائية “أن تي في” التركية الإخبارية من بلدة ريحانلي التابعة لمحافظة هاتاي جنوبي تركيا، بأن هناك بعض الاختراقات للهدنة ثمثلت في بعض الاشتباكات بين الجيش النظامي السوري والمعارضة المسلحة في المناطق القريبة من الحدود التركية، مضيفا بأن القتال توقف خلال ساعة صلاة عيد الأضحى فقط ومن ثم حدثت بعض الاشتباكات .