المجلس الوطني يرفض توصيف كلينتون له
رفض المجلس الوطني السوري الذي يضم غالبية اطياف المعارضة الجمعة قيام اي اطار بديل منه بعد تلميح اميركي الى ذلك، وندد بقتل مقاتلين معارضين جنودا نظاميين بعد اسرهم، الامر الذي لقي انتقادات دولية واسعة ودعوات الى المحاسبة.
وقبل يومين من اجتماع موسع ومهم يعقده في الدوحة، ابدى المجلس الوطني “جديته في الحوار مع كل اطياف المعارضة بشأن المرحلة الانتقالية وتشكيل سلطة تعبر عن كامل الطيف الوطني”، مؤكدا ان اي اجتماع في هذا الشأن “لن يكون بديلا عن المجلس او نقيضا له”.
وانتقد المجلس تصريحات لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون لمحت فيها الى ضرورة تشكيل اطار اكثر شمولا للمعارضة السورية، قائلا ان “اي حديث عن تجاوز المجلس الوطني او تكوين اطر اخرى بديلة (هو) محاولة لايذاء الثورة السورية وزرع بذور الفرقة والاختلاف”.
واعتبرت كلينتون الاربعاء انه “لم يعد من الممكن النظر الى المجلس الوطني السوري على انه الزعامة المرئية للمعارضة”، بل يمكن ان يكون “جزءا من المعارضة التي يجب ان تضم اشخاصا من الداخل السوري وغيرهم”.
وتزامنت تصريحات المسؤولة الاميركية مع تقارير حول اتصالات تهدف الى تأليف حكومة سورية في المنفى برئاسة المعارض المعروف رياض سيف. لكن اعضاء في المجلس تخوفوا من ان يكون الهدف من هذا الطرح الوصول الى مفاوضات مع نظام الرئيس بشار الاسد.
وقال المتحدث باسم المجلس الوطني جورج صبرا ردا على سؤال لوكالة فرانس برس “كل القوى السياسية التي نشأت في الداخل ممثلة في المجلس والا من اعطاه الشرعية؟”.
واضاف “اذا (كان المطلوب من) توحيد المعارضة تسليح الجيش السوري الحر او دعم الشعب السوري واغاثته، فهذه كلمة حق. لكن اذا كان توحيد المعارضة يهدف الى مفاوضة بشار الاسد فهذا لن يحصل ولا يقبل الشعب السوري به”.
ويجهد المجلس، بضغط من الدول الغربية، من اجل توحيد صفوفه، لكنه لم ينجح حتى الآن في ايجاد هيكلية واضحة لمكوناته، بسبب صراعات “شخصية وعلى السلطة”، بحسب ناشطين. وتتذرع واشنطن بهذا التشرذم كاحد الاسباب التي تحول دون تسليح المعارضين.
من جهة اخرى، حض رئيس لجنة حقوق الانسان في المجلس الوطني السوري رديف مصطفى “الجيش السوري الحر والحراك الثوري على محاسبة كل من ينتهك حقوق الانسان”، وذلك اثر الضجة التي اثارها شريط فيديو نشر على موقع “يوتيوب” الالكتروني الخميس وظهر فيه مقاتلون يقتلون بالرصاص عشرة جنود نظاميين على الاقل بعد اسرهم في منطقة سراقب في محافظة ادلب.
واعتبر مصطفى ان “اي انتهاك لحقوق الانسان واي معاملة مسيئة في النزاع المسلح ترتكبها بعض الكتائب المسلحة، واي قتل خارج اطار القانون، هي ممارسات شبيهة بما يرتكبه النظام”.
واشار الى ان المطلوب “من المجتمع الدولي والمجلس الوطني والجيش الحر اتخاذ اجراءات لحل ظاهرة ارتكاب الانتهاكات”.
في جنيف، قالت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ان عملية قتل الجنود “جريمة حرب على الارجح”، رغم صعوبة التحقق “من المتورطين”.
واشار الناطق باسم المفوضية روبرت كولفيل الى ان طرفي النزاع متورطان في عمليات اعدام تعسفية، مضيفا ان على جميع الاطراف الا يتوهموا بان في امكان المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان “ان ينجوا بفعلتهم”، داعيا “الاطراف الى احترام التشريع الانساني الدولي”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية مساء اليوم ان ادارته “تدرس هذه الصور. واذا تبين انها مجازر حصلت فعلا، نندد بحزم”.
واضاف ان “موقفنا ثابت: مكافحة الافلات من العقاب مهما كان مصدره”.
وعبر متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية عن قلق بلاده “العميق من التقارير حول ارتكاب مجموعات مسلحة معارضة للحكومة انتهاكات لحقوق الانسان في حق قوات حكومية في ادلب”.
واضاف “ندين هذه الاعمال الوحشية للمعارضة المسلحة في سوريا كما ندين الاعمال الوحشية المتعددة التي يرتكبها النظام”، متابعا “يجب ان نكون واضحين بان النظام هو المسؤول عن خلق وضع من القمع (..)، ما دفع السوريين العاديين الى الرد على العنف بالعنف”.
واعتبرت منظمة العفو الدولية ان “الشريط الصادم يصور جريمة حرب محتملة” ويظهر “تجاهلا تاما للقانون الانساني الدولي من قبل الجماعات المسلحة المعنية”.
واسر المقاتلون المعارضون الجنود اثر هجمات اودت ب28 جنديا على الاقل واستهدفت ثلاثة حواجز في محيط مدينة سراقب حيث حققت المعارضة المسلحة الجمعة مكسبا استراتيجيا مع انسحاب القوات النظامية من محيط المدينة الواقعة على تقاطع طرق امداد.
واشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى ان نحو 25 كيلومترا في محيط سراقب بات خاليا من وجود قوات النظام.
ويكتسب هذا التطور اهمية لوقوع سراقب على تقاطع طريقي حلب-دمشق وحلب-اللاذقية، ما يجعل النظام مضطرا للاكتفاء بطرق رئيسية وصحراوية في محافظتي الرقة (شمال شرق) ودير الزور (شرق) لامداد قواته لا سيما منها التي تخوض معارك يومية منذ اكثر من ثلاثة اشهر في حلب (شمال).
في حلب، افاد المرصد عن مقتل شاهة علي عبدو المعروفة باسم نوجين ديريك (42 عاما)، قائدة احدى وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي (الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني)، بعد اسبوع على اسرها على ايدي مقاتلين معارضين.
واوضح روجهاد خليل، وهو اعلامي متابع للملف الكردي السوري، ان ديريك هي قائدة وحدات حماية الشعب في حيي الأشرفية والشيخ مقصود (شمال) ومسؤولة عن التواصل مع مسلحي المعارضة، وانها احتجزت في مهمة لتسليم جثتي مقاتلين واسيرين من المقاتلين المعارضين بعد معارك وقعت الجمعة الماضي بين مسلحين اكراد وآخرين معارضين وتسببت بمقتل 32 شخصا.
في دمشق، قال التلفزيون الرسمي السوري ان “ارهابيين فجروا عبوتين ناسفتين اسفرتا عن اصابة 16 مواطنا في منطقة الزاهرة الجديدة في دمشق”.
وفي ريف العاصمة، اشار المرصد الى تجدد القصف بالطائرات الحربية على بلدات الغوطة الشرقية التي هجرها غالبية سكانها، والى هجوم لمقاتلين معارضين على حواجز للقوات النظامية في مدينة دوما تسبب بمقتل عدد من العناصر في الطرفين.
وادت اعمال العنف الجمعة الى مقتل 100 وشخص في سوريا.
الا ان اعمال العنف لم تمنع خروج التظاهرات المناهضة للنظام، كما كل يوم جمعة. وطالبت التظاهرات ب”العدالة الدولية” لمدينة داريا في ريف دمشق التي شهدت مجازر عدة راح ضحيتها مئات الاشخاص.