المواجهة في غزة: معركة إسرائيل لكسب الرأي العام الدولي
دومنيك روك – خاص «برس نت»
هل ستنجح اسرائيل في الفوز في معركة “كسب الرأي العام الدولي” في مواجهتها العسكرية مع الفلسطنيين؟
هذا السؤال بات مطروحا بشدة في وقت تزج اسرائيل بكافة طاقاتها لاقناع العالم بأجمعه “بعدالة” عملياتها الحربية في قطاع غزة. والرسالة الأساسية اللتي تريد اسرائيل ايصالها للمجتمع الدولي لخّصها رئيس وزارائها، بنيامين نتنياهو، بقوله حرفيا أنه ” من الهام جدا الفهم أنه لا يوجد أي تطابق أخلاقي.لا يوجد أي تعادل أخلاقي بين اسرائيل والمنظمات الارهابية في غزة. الارهابيون يرتكبون جريمة حرب مزدوجة. فهم يفتحون النيران على المدنيين الاسرائليين ويختبؤن خلف المدنيين الفلسطنيين.في المقابل اسرائيل تتخذ كافة الاجراءات لتجنب خسائر مدنية(…)”.
ولا يهم كثيرا صاحب هذه الأقوال أن غالبا ما تأتي حصيلة الأعمال الحربية الاسرائلية في صفوف المدنيين الفلسطنيين لتنفي هذا ” الحرص” المزعوم على أرواحهم. فهنالك اصرار واضح من قبل اسرائيل على اقناع العالم انها تتفوق اخلاقيا غلى الفلسطنيين وعلى قضيتهم كما تتفوق عسكريا عليهم وربما على العالم العربي باجمعه.و في هذا الصدد لا بد من التذكير أن غالبا ما يختتم الجيش الاسرائيلي بياناته العسكرية بالقول” بأنه الجيش الأكثر “أخلاقية”على سطح الأرض..
ومنذ الساعات الأولى من عملية ” ركيزة الدفاع” التي دشنت باغتيال قائد حماس العسكري أحمد الجعبري، بدأت اسرائيل حملتها الاعلامية على كافة الجبهات. فبينما تولى كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة العبرية شمعون بيريس الاتصال برؤساء الدول والحكومات وأمين عام الامم المتحدة لشرح ” أخلاقية” موقف بلادهم في شن حرب جديدة على قطاع غزة ،
وقد تولت المؤسسات الاسرائلية بالتوجه الى صانعي الرأي العام الدولي أي الاعلام. .فها هي وزارة الخارجية تزود الاعلاميين عبر بريدهم الالكتروني ببيانات مفصلة عن الترسانة الفلسطنية وحوادث اطلاق الصواريخ كلها مذكرة أن أكثر من مليون اسرائيلي في جنوب البلاد يعيشون تحت نيران غزة “بشكل مكثف منذ العاشر من الشهر الحالي”. ولا ذكر هنا بالطبع الى كون مليون وسبعمائة فلسطيني يعيشون تحت حصار خانق منذ ست سنوات تتخلله عمليات عسكرية كتلك اللي أودت بحياة ١٤١٧ فلسطيني على الاقل خلال ثلاثة أسابيع أثناء حرب ٢٠٠٨-٢٠٠٩ .
كما انهالت على الاعلاميين فى الساعات الاخيرة لوائح باسماء وأرقام هاتف أخصائيين اسرائليين حاملي شهادات الدكتوراه الدولية أو مسؤولين سابقين رفيعي المستوى على الاستعداد للتحدث على الميكروفون في كافة اللغات في السياسة والشؤون العسكرية والحركات الاسلامية الفلسطنية والعلاقات الامركية الاسرائلية وغيرها من المواضيع .
كما تبرع مكتب رئيس الوزراء بتزويد الاعلاميين باسماء لسكان الجنوب الاسرائيلي على استعداد للتكلم مع الاعلام الدولي عن معاناتهم “باللغة الانكليزية والفرنسية والروسية والايطالية والاسبانية…”
ونظمت في اليوم الاول من عملية “ركيزة الدفاع ” جولات للصحافة الدولية انطلقت من القدس لتذهب بهم الى بئر السبع وسديروت وعسكلان ومدن وبلدات أخرى في جوار غزة يقطنها الاسرائليون.
هذا بالنسبة ” للمقبلات”.
اما ” الطبق الرئيسي” فيتمثل بالاعلان أنه تم تحت رعاية يولي ادلشتاين وزير “شؤون المغتربين والدبلوماسية العامة” تجنيد خمسة وعشرين ألف ناشطاً تم تدريبهم على يد الوزارة بغية “ايصال الخطاب الاسرائيلي داخل البلاد و عبر العالم”.
و سوف تعمل آلة البروباغندة الاسرائلية هذه ضمن غرفة عمليات خاصة بالوزارة بالتنسيق مع وزارة الخارجية والمدرية الوطنية للاعلام ومكتب الناطق الرسمي للجيش الاسرائيلي.كما تقرر أن تتوجه غرفة العمليات هذه الى مجموعات “الدياسبورا” أو الاغتراب اليهودي والمنظمات اليهودية عبر العالم لمدها بالعون والاستفادة من خبرتها لنشر الخطاب الاسرائيلي عبر القارات.وتنوي الوزارة، على حد قولها، شن حملة اعلامية في عشرات الدول وعبر الانترنت مزودة بالبيانات والصور وأفلام الفيديو في لغات عديدة!
هل ستنجح المحدلة الاسرائيلية بآلتها الاعلامية المتفوقة على اقناع المجتمع الدولي “بحقها الاخلاقي” على شن هجوم أو حرب واسعة النطاق على قطاع غزة مهما كان الثمن –الباهظ حتما في الارواح والممتلكات- على الفلسطنيين المدنيين الذين لا يجدون من يدافع عن حقهم في العيش الحر في آمان على أرضهم و أرض أبائهم و أجدادهم ؟وهل سيتناسى المجتمع الدولي أن لب المشكلة يكمن في عدم اهتمامه بايجاد حل للقضية الفلسطنية يمر عن طريق وقف الاستيطان الاسرائيلي في القدس الشرقية والضفة الغربية؟ وهل سيعطي هذا المجتمع الضوء الاخضر لاسرائيل للقيام بمغامرة دامية واسعة النطاق في غزة؟.وهل من يذّكر بنيامين نتنياهو ورفاقه في الحرب أن مفتاح العيش الآمن للاسرائليين يكمن في العمل الجدي،ضمن اتفاقية سلام ، على الانسحاب من الاراضي الفلسطنية اللتي احتلت عام ١٩٦٧؟
.