ميقاتي: وزراء حكومتي لا يسببون لي أي إحراج
باريس- بسّام الطيارة
اليوم الثاني لزيارة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى فرنسا كان تحت شارة الديبلوماسية والسياحة الثقافية. ففي الصباح استقبله وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس في الكي دورسيه، وفي مطلع الأمسية احتضنته الأكاديمية الديبلوماسية التي يرأسها الديبلوماسي المخضرم جان-كلود كوسران والتي يرعاها الأغا خان والتي باتت ممراً لا بد منه لكل زوار فرنسا الكبار.وبين هذين المعلمين الديبلوماسيين، قام الرئيس ميقاتي بزيارة سريعة لمتحف اللوفر حيث تجول في قسم الإسلاميات، ومد زيارته ليلقي نظرة على لوحة ليونار دو فينتشي الشهيرة «الجوكوندا» ذات النظرة الساحرة، شكل ذلك استراحة قبل خوض ميدان السؤال والجواب في الأكاديمية، التي جمعت عدداً من الصحافيين توزعوا بين بعض النواب وأعضاء مجلس الشيوخ ومجموعة من رجال الأعمال وممثلي الشركات الكبرى (الذين لم تسنح لهم الفرصة لطرح أي سؤال).
فابيوس قال لرئيس وزراء لبنان «إنه يجب الحفاظ على الاستقرار اللبناني» إذ أن بلاد الأرز اليوم في «محيط مشتعل يشهد فائض أزمات من غزة إلى سوريا إلى إيران».وكشف ميقاتي أنه تطرق في لقاءه مع فابيوس إلى جميع الأزمات التي تعبر بالمنطقة وأن الوزير الفرنسي شدد على ضرورة «المحافظة على الاستقرار في لبنان».
في لقاء الأكاديمية ألقى ميقاتي مداخلة في بداية الجلسة أعقبها عدد محدود من الأسئلة بسبب ضيق الوقت.
من هنا ورداً على سؤال « يبدو أنه يلاحقه من بيروت إلى مدينة النور» حسب قول أحد المقربين منه، اعترف مقاتي بضرورة «القيام بعمل ما لتنفيس الاحتقان في لبنان» إلا أن ذلك لم يعني من وجهة نظره «استقالة الحكومة»، ويشرح رئيس الوزراء الذي استقبلته باريس على أعلى المستويات، السبب فيقول:« عندي أكثرية نيابية تدعم الحكومة» وتابع متعجباً «المعارضة تقول إستقيلوا وتدعو لتأليف حكومة جديدة…لا يريدون المشاركة بها». هنا يتوجه نحو المعارضة عبر مجموعة الصحافيين التي رافقت زيارته وتجمعت حول طاولة الأكاديمية «كيف يمكن أن أستقيل ومعي أكثرية نيابية؟»، وتابع بأن «الحوار هو الحل الوحيد». وثم وضع برنامج مرحلي لما يمكن أن يكون جدول أعمال طاولة الحوار وإن هو لم يحدد ذلك وقال «البند الأول هي الحكومة، والبند الثاني هي الانتخابات».
وكان ميقاتي قد بدأ مداخلته بوصف واقع لبنان «الذي هو في قلب أزمة» متعددة الأضلاع، وقال إن «كل عاصفة تهب على المنطقة تصيب لبنان» وتطرق إلى اغتيال اللواء وسام الحسن وقال «من فعل ذلك أراد إغراق لبنان في العنف واللاستقرار» وتابع بأنه بسبب البنى السياسية الطائفية يجنح اللبنانيون إلى وضع طوائفهم في مقدمة اهتماماتهم» وشدد على أن «النظام السياسي اللبناني يتعرض للهجوم» وتابع بأن «التيارات الدينية تصعد وتقرع طبول الحرب وتزداد العسكرة والتسلح» وأشار إلى أن «ست دول من من دول العشر الاكثر تسلحا تقع في الشرق الاوسط» وأنهى «ونحن امام عتبة حرجة تكفي شرارة صغيرة لاشعال الشرق الاوسط بآكمله». وطالب ميقاتي الغرب «بعد الولاية الثانية لأوباما» بضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وتطرق إلى الاتفاق على سياسة النأي بالنفس التي قادت إلى انقاذ لبنان الذي له روابط متعددة مع سوريا. وأضاف ميقاتي متوجها نحو «كافة اللبنانيين» وبعد أن اعترف بأن المسألة السورية تقسم المجتمع اللبناني، «حتى ولو اتفق كافة اللبنانيين على حل لسوريا فهم لن يستطيعوا فرضه لا ضد ولا مع النظام السوري»، ومن هنا برأيه أهمية سياسة النأي بالنفس. ولكنه شدد على أن الحل في سوريا يجب أن يتمحور من وجه نظر لبنانية حول ثلاث نقاط: ١- وضع حد للعنف ٢- دعم الشعب السوري في تطلعاته ٣- وحل سياسي للأزمة. ذلك أن ميقاتي يطرح على نفسه و«على كل من يسأله عن سوريا» ثلاثة أسئلة هي: ١- متى تنتهي الأزمة؟ ٢- وكيف تنتهي؟ ٣- وما هو مستقبل سوريا بعد ذلك؟ لأن كل ما يحصل في سوريا يكون له انعكاسات على لبنان، تماما كما هو الحال في فلسطين. من هناتمنى ميقاتي أن يكون لبنان «مثل قبرص أي جزيرة لا حدود لها». إذ أن لبنان له روابط وثيقة اجتماعية واقتصادية مع سوريا ولكن للبنان «علاقات متينة مع الخليج وعلينا المحافظة عليها» في اعتراف واضح لدور دول الخليح في دعم فريق سوري كما هو الحال في لبنان.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يمكن الاستمرار بقرار النأي بالنفس ما تزايد فرضية سقوط الأسد رد ميقاتي «عندما أخذنا قرار سياسة النأي بالنفس كان هو القرار الأصعب» واستطرد «نلاحظ اليوم أنه كان قراراً صائباً وتزداد قناعة الكل أنه لمصلحة لبنان» وتابع «وقد بات المجتمع الدولي أكثر تقبلاً له وتمسكاً به».
ورداً على سؤال عما يمكن أن يقوله »بالنسبة لمقابلة الرئيس فرانسوا هولاند الذي اعترف بالائتلاف الوطني السوري خصواصاً وأنه يرأس حكومة فيها وزراء مقربون من سوريا؟»، فأجاب ميقاتي بكل راحة مذكراً بأن لبنان كان أول محطة لهولاند في الدول العربية ولذا يشكره أولاً على اعتبار«أن لبنان ما زال كما كان بوابة الشرق» ثم استطرد «ثانياً سأسمع منه ما يقول ولكن من الطبيعي أن لا أتدخل في السياسة الخارجية الفرنسية » وأنهى بقوله للسائلة «تأكدي أن ذلك لا يشكل أي إحراج لي مع أعضاء حكومتي».