حرب أهلية جديدة في الكونغو
تعهدت قوات المتمردين في شرق الكونغو الديمقراطية يوم الأربعاء “بتحرير” البلاد بأكملها بعد سيطرتهم على بلدات بالقرب من حدود رواندا وقالوا إنهم سيبدأون مسيرة الألف ميل إلى العاصمة كينشاسا.
وسيطر متمردو حركة 23 مارس التي تعرف اختصارا بحركة (إم 23) والتي يعتقد أنها مدعومة من رواندا يوم الثلاثاء على جوما في شرق البلاد وهي عاصمة إقليمية يعيش فيها نحو مليون نسمة واكتفت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بمراقبة الوضع بعد أن انسحبت القوات الكونغولية من البلدة.
وقال فياني كازاراما المتحدث باسم متمردي الحركة لحشد ضم أكثر من ألف شخص في استاد في جوما “بدأت الآن مسيرة تحرير الكونغو… سنتحرك إلى بوكافو ثم إلى كينشاسا. فهل أنتم مستعدون للانضمام إلينا؟”
وبعد ساعات سيطرت وحدة من المتمردين على ساكي وهي بلدة استراتيجية قريبة من جوما على الطريق المحاذي لبحيرة كيفو والمؤدي إلى بوكافو التي تقع على بعد 100 كيلومتر على الطرف الجنوبي للبحيرة. وفي التسعينات انطلق لوران كابيلا والد الرئيس الحالي من المنطقة ذاتها على رأس قوة من المتمردين للإطاحة بالرئيس الأسبق موبوتو سيسي سيكو.
وشاهد مراسل لرويترز في بلدة ساكي المتمردين يسيطرون على البلدة دون أي مؤشر على القتال. وشاهد مبان على مشارف جوما تعرضت للقصف يوم الثلاثاء خلال القتال الشديد أثناء انسحاب قوات حكومة كينشاسا من البلدة تحت نيران متمردي الحركة. وكانت جثث أربعة جنود ملقاة على الطريق وعلى مقربة كانت هناك دبابة مهجورة وجثة أخرى لشخص يرتدي ملابس مدنية وسط شجيرات بين المنازل.
وأصدرت الحكومة في كينشاسا يوم الأربعاء بيانا تعترف فيه بأنها خسرت المعركة ولكنها تعهدت بكسب الحرب وقالت “النصر سيكون لنا. ذلك ما يريده الكونغوليون.”
ويتهم المتمردون الرئيس جوزيف كابيلا بعدم منحهم مناصب في الجيش بموجب اتفاق للسلام أنهى تمردا سابقا عام 2009 . كذلك يعكس التمرد الراهن التوترات العرقية المحلية المعقدة مع رغبة رواندا في أن يكون لها نفوذ في الإقليم المجاور الغني بالمعادن.
وساندت رواندا في السابق التمرد الذي دفع لوران كابيلا والد الرئيس الحالي إلى السلطة في عام 1996 بعد مسيرة عبر الكونغو للإطاحة بموبوتو سيسي سيكو.
وأدى القتال الجديد إلى تصاعد حدة التوتر بين الكونغو الديمقراطية ورواندا التي تقول حكومة كينشاسا إنها الرأس المدبر للتمرد رغبة منها في الهيمنة على ثروات المنطقة بما في ذلك الألماس والذهب والكولتان الذي يستخدم في صناعة الهواتف المحمولة.
وأيد خبراء بالأمم المتحدة اتهامات الكونغو التي تشمل وزير الدفاع الرواندي. وتنفي حكومة كيغالي الاتهامات وتقول إن كينشاسا والقوى العالمية فشلت في التعامل مع الأسباب الجوهرية لصراع استمر لسنوات في المنطقة.
واجتمع كابيلا مع رئيس رواندا بول كاجامي يوم الأربعاء بعد إجراء محادثات ثلاثية مع الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني في وقت متأخر مساء الثلاثاء. وقالت الحكومة الأوغندية إن وزراء الخارجية من منطقة البحيرات العظمى حثوا الاتحاد الأفريقي على إرسال قوات للتصدي للمتمردين.
لكن هناك علامات على مشكلات يواجهها كابيلا تنتشر بالفعل في البلاد الغنية بالموارد التي تعادل مساحتها مساحة أوروبا الغربية.
وشاهد مراسل لرويترز مئات الشبان المسلحين بالعصي ينهبون مقر حزب الشعب للإعمار والديمقراطية الذي يتزعمه كابيلا في بوكافو احتجاجا على فشل الحكومة الكونغولية في الدفاع عن جوما.
وساد الهدوء مدينة جوما نفسها يوم الأربعاء فيما عدا مؤتمر حاشد للمتمردين في الاستاد وانضم عشرات الأعضاء من أفراد قوات الأمن التي لم تهرب من المدينة إلى المتمردين على ما يبدو.
وبينما تقوم أوغندا بوساطة بين الكونغو ورواندا ندد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالمتمردين.
وأقر مجلس الأمن قرارا صاغته فرنسا “يطالب بالانسحاب الفوري لمتمردي إم 23 من جوما ووقف أي تقدم آخر من جانب جماعة إم 23 وحلها على الفور وبشكل دائم وإلقائها السلاح.”
وأبدى المجلس “قلقه البالغ إزاء تقارير تشير إلى دعم خارجي مستمر لمتمردي إم 23 يتضمن تعزيز القوات وتقديم استشارات تكتيكية وتزويدهم بالمعدات مما يؤدي إلى زيادة قدرات إم 23 العسكرية بشكل كبير ويطالب المجلس بوقف فوري لكل دعم خارجي لإم 23 .”
وأبدت الحكومة الفرنسية خيبة أملها في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تخلت عن معركة جوما بعد تراجع جيش الكونغو وقالت إن من “المستغرب” أن قوة الأمم المتحدة لم تدافع عن المدينة.
ولكن مسؤولا كبيرا بالأمم المتحدة تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه قال إن انسحاب المسؤولين المدنيين والقوات الكونغولية من المدينة ترك فراغا لا تستطيع القوة أن تملأه بمفردها.
وقالت وكالات المعونة ان خمسة ملايين شخص قتلوا في القتال والأمراض المرتبطة بالحرب التي بدأت في عام 1998. وفر عشرات الآلاف من البلاد بعد أيام من اندلاع القتال بين المتمردين وقوات الكونغو التي تدعمها الأمم المتحدة. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبة حقوق الإنسان ومقرها نيويورك إن 11 مدنيا على الأقل قتلوا في أحدث موجة للقتال في جوما.
وفي ساكي التي تقع على بعد 25 كيلو مترا إلى الغرب من جوما قال سكان محليون إن القوات الكونغولية أعادت تنظيم صفوفها في فترة قصيرة قبل أن تنسحب مرة أخرى مع تقدم المتمردين إلى البلدة.