مصر: مرسي يستعد لصدام مع المعارضة
أصدر الرئيس المصري محمد مرسي أمس الخميس إعلانا دستوريا جديدا منح الجمعية التأسيسية التي تكتب دستورا جديدا للبلاد حصانة من القضاء ومدد فترة عملها شهرين إضافيين مما تسبب في ردود فعل غاضبة من معارضين وصف بعضهم مرسي بأنه دكتاتور جديد. وحصن الإعلان الدستوري الذي قرأه في التلفزيون المتحدث الرئاسي ياسر علي مجلس الشورى الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي من أحكام القضاء.
وحدد الإعلان الدستوري الجديد مدة تولي منصب النائب العام بأربع سنوات وقال إن هذا ينطبق على شاغل المنصب الحالي المستشار عبد المجيد محمود ومن ثم عين مرسي المستشار طلعت إبراهيم محمد عبد الله نائبا عاما جديدا. ويتهم نشطاء عبد المجيد محمود بالتسبب في صدور أحكام ببراءة رجال شرطة اتهموا بقتل متظاهرين خلال الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي.
وكان مرسي أصدر الشهر الماضي قرارا بتعيين محمود سفيرا لمصر في الفاتيكان لكنه أوقف تنفيذ القرار بعد رفض النائب العام ترك منصبه. وساند محمود مئات القضاة بقيادة رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند. وتواجه الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى اللذين يغلب عليهما الاسلاميون عشرات الدعاوى القضائية التي تطالب بحلهما.
ونص الإعلان الدستوري في المادة الخامسة منه على أنه “لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.” كما نص الإعلان الدستوري على أن “الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة كما لا يجوز التعرض لقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية.”
وقال مرسي في ديباجة الإعلان الدستوري الجديد إنه أصدره بهدف “التصدي بمنتهى الحزم والقوة لرموز النظام السابق والتأسيس لشرعية جديدة تاجها دستور يرسي ركائز الحكم الرشيد الذي ينهض على مبادىء الحرية والعدالة والديمقراطية ويلبي طموحات الشعب ويحقق آماله.”
وصف نادي القضاة المصري قرارات الرئيس المصري محمد مرسي بأنها “إعتداء على سيادة القانون واستقلال القضاء”. وقال نادي القضاة في مؤتمر صحافي إن الاعلان الدستوري “انطوى على مساس بمقدسات الشعب”، معتبرا أنه “حادث أليم ألم بالأمة .. يعيد مصر إلى ما قبل التاريخ”.
وأكد على أن الاعلان الدستوري “ينهي كل أمل في حياة هادئة ومستقرة”.
وقد إنتقد رئيس حزب الدستور المصري محمد البرادعي قرارات الرئيس محمد مرسي بإصدار اعلان دستوري جديد يوسع من سلطاته وقراره باقالة النائب العام.
وقال البرادعي، في دردشة عبر “تويتر”، إن “الدكتور مرسي نسف اليوم مفهوم الدولة والشرعية ونصب نفسه حاكماً بأمر الله، الثورة أجهضت لحين إشعار آخر”.
ورأى مؤسس “التيار الشعبي” حمدين صباحي ان قرارات الرئيس المصري محمد مرسي هي “انقلاب كامل على الديموقراطية، واحتكار كامل للسلطة”.
وأضاف صباحي، في تغريدات على موقع “تويتر”، ان “وطن يبحث عن حلول يدفعه رئيسه لمزيد من المشكلات. الثورة لن تقبل ديكتاتورا جديدا”.
قال زعيم حزب “المؤتمر” عمرو موسى، إنه يخشى حدوث اضطرابات جديدة عقب قرارات الرئيس المصري محمد مرسي، مؤكداً أن مصر لا تحتاج في الوقت الحالي إلى أي اهتزاز وإنما تحتاج الى الاستقرار. وأضاف موسى “لا عودة للدكتاتورية، لن يقبل المصريون بفرض الديكتاتورية”، مؤكداً أن “الديموقراطية هي الحل، وأنها هي مستقبل مصر”.
لكن عضو الهيئة العليا لحزب الوفد الليبرالي طارق التهامي قال لقناة الجزيرة مباشر مصر إن الإعلان الدستوري الجديد “انقلاب دستوري وسياسي أيضا… اعتداء صريح وواضح على السلطة القضائية في مصر.” وأضاف “ليس عندنا استعداد لكي نبدل دكتاتورا بدكتاتور.” وقال محمد عبد العزيز العضو القيادي في التيار الشعبي الذي أسسه مرشح الرئاسة السابق اليساري حمدين صباحي “يعرض نفسه لمصير مبارك.”
وقال الناشط السياسي أحمد طه النقر “جماعة مكتب الإرشاد (جماعة الإخوان المسلمين) تختطف الدولة المصرية وتختطف الثورة أيضا.” وأضاف أن مرسي “يصدر قرارات تجعل منه إلها وفرعونا.”
لكن الإسلاميين أيدوا قرارات مرسي بحماس. وقال عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد “كان لا بد من قرارات ثورية… أرى أنه تأخر كثيرا… كان لا بد من الانقلاب عليها (المؤسسات التي تكونت في عهد مبارك) انقلابا كاملا.” وتابع “أرى أن هؤلاء سيلزمون جحورهم.”
وقال المتحدث باسم حزب النور السلفي يسري حماد إن ما جاء في الإعلان الدستوري الجديد هو “مطالب شعب كامل رأى أن الثورة تسرق”.
وفيما بدا أنه تلبية لمتطلبات نشطاء يتظاهرون منذ أربعة أيام ويشتبك بعضهم مع الشرطة في شوارع قرب ميدان التحرير نصت المادة الأولى من الإعلان الدستوري على أن “تعاد التحقيقات والمحاكمات في جرائم القتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين وجرائم الإرهاب التي ارتكبت ضد الثوار بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا أو تنفيذيا في ظل النظام السابق.” كما أصدر مرسي قرارا بميزات مالية لمن أصيبوا في الانتفاضة وفي اشتباكات مع الجيش والشرطة بعدها.
وتدعو بعض الجماعات والحركات السياسية منذ أيام إلى مظاهرة حاشدة يوم الجمعة للاحتجاج على أمور من بينها المسار الذي سلكته عملية كتابة الدستور والمطالبة بالقصاص للقتلى من المتظاهرين.
وقال المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين محمود غزلان لموقع تابع لصحيفة الاهرام على الإنترنت “لا ضرورة لاستمرار التظاهر والخروج في مليونية الغد” بعد الإعلان الدستوري الجديد.
وانتقد سياسيون مظاهرة نظمتها جماعة الإخوان المسلمين أمام دار القضاء العالي التي يوجد بها مكتب النائب العام إلى جانب محاكم مختلفة قبل الكشف عن الإعلان الدستوري بنحو ساعتين قائلين إن ذلك يدل على أن قواعد وقيادات الجماعة تقف وراء الإعلان.
وكان مئات المتظاهرين الإخوان هتفوا قبل صدور الإعلان الدستوري “نائب عام صحي النوم النهارده آخر يوم” كما هتفوا “قلنا لك روح الفاتيكان بكرة هتروح الليمان (السجن