فشل زيارة الإبراهيمي إلى دمشق
باريس – بسّام الطيارة
لقاء المبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي مع الرئيس السوري بشار الأسد لم يكن الأول ولن يكون الأخير. مصدر مقرب من الملف السوري قال لـ«برس نت»: إن اللقاء «فتح أبواب لقاءات جديدة يمكن أن تتم بعيداً عن الإعلام وليس بالضرورة مع الأسد»، وهي طريقة ديبلوماسية للقول بـ«فشل اللقاء». ومن المتوقع أن يتوجه الإبراهيمي إلى موسكو، ليطلب اجتماعاً جديداً ثلاثياً يجمع الأميركيين والروس «للتشاور»، على أن يرتاح الإبراهيمي من الرحلات المكوكية لفترة «حتى تتخمر الأفكار لدى الطرفين الروسي والأميركي». كل ذلك من دون الإعلان أن «الزيارة كانت فاشلة» لما يمكن أن يندرج جراء هذا الإعلان من نتائج تزيد من عنف القتال على الأرض وتظهر عجز الأمم المتحدة للمرة الثانية عن تقديم حل سياسي.
الإبراهيمي لم يعلن أي خطوط عريضة للأفكار التي حملها، ولم يبدو أن السوريين كان لديهم اهتمام بمضمون المبادرة وظهر ذلك جلياً من الـ«برودة» التي رافقت الزيارة حسب وصف أحد المقربين من الوفد الأممي.
مراقب أوروبي مقرب من الملف السوري قال «كل هذه القرقعة الإعلامية التي سبقت الزيارة انتهت إلى هذا اللقاء البروتوكولي» وتابع مضيفاً «وهذا يدل على أن عقدة ما ما زالت تدفع السوريين لرفض تبادل الأفكار الواردة في الاتفاق الأميركي الروسي»، وهو ما يفسر توجه الإبراهيمي إلى موسكو. يتابع المراقب الأوروبي «بالطبع لا يمكن لأي ديبلوماسي أن يتصور أن الأسد جمع حوله كل هذه الشخصيات السورية من الصف الأول والثاني والثالث ليسمع خطط كيفية تنحي الرئيس عن الحكم» ما يدل على أن المشاورات التي سبقت الزيارة فشلت في تقديم إجابات على المطالب السورية (انقر هنا)، وأن الزيارة تمت فقط لـ«حفظ ماء وجه المبادرة» وتكذيب تسريبات الإستقالة التي يتفق أكثر من مراقب رغم تصريحات الإبراهيمي النافية لها «أن التهديد بها وصل إلى موسكو».
من هنا ليس من المستبعد أن تتم المشاورات المقبلة مع الطرف السوري عبر «مبعوث منتدب من قبل دمشق» لتجنيب المبعوث الدولي «مشقة الطريق إلى دمشق» بسبب تحذيرات أممية من الأخطار التي تتهدد البعثة التي اضطرت هذه المرة للوصول إلى عاصمة الأمويين عبر بيروت.
نتيجة اللقاء الذي كان موسعاً بشكل يصعب وصفه بأنه لقاء تفاوضي إذ لا خلوة بين الأسد والإبراهيمي ولا طاولة جمعت حولها الفريقين. فقط لقاء في «صالون رئاسي» أعقبه بيان ذكر أن الأسد شرح «للمبعوث الأممي آخر المستجدات في سوريا» وتناول ما عرضه الإبراهيمي أمام الأسد من «نتائج الاتصالات والمباحثات التي أجراها مؤخرا للمساعدة في حل الأزمة السورية». الكلمة الأهم في البيان هي «كما جرى بحث التعاون القائم بين الحكومة السورية والمبعوث الأممي» أي أن اللقاء تناول مسألة تحديد المواعيد للإبراهيمي وسبل تجنب الرحلات المقبلة دون تحميل غياب زيارة أي معنى سياسي» خصوصاً وأن هذا البيان أكد على حرص الحكومة السورية «على إنجاح أي جهود تصب في مصلحة الشعب السوري وتحفظ سيادة الوطن واستقلاله». ونتهى البيان مشيراً على أن «المباحثات كنت ودية وبناءة».
ظروف الزيارة وما رافقها وخصوصاً ومسألة اللقاءات المقبلة برزت عبر التصريحات التي أطلقها الإبراهيمي فور وصوله إلى فندقه بعد اللقاء مع الأسد: فهو نفى «كل ما قيل حول تأخر الرئيس الأسد في قبول مقابلتي خلال الزيارات الماضية، وأنني طلبت من الروس التوسط لديه لمقابلتي هذه المرة وإلا فسأستقيل».
وبعد ذلك انتقل إلى ما دار بينه وبين الأسد وأنهما تحدثا «في الهموم التي تعاني منها سوريا في هذه المرحلة» وقال«وتبادلنا الرأي حول الخطوات التي يمكن اتخاذها» كما أشار إلى أنه وضع الأسد في «صورة المقابلات التي أجريتها مع مسؤولين مختلفين في المنطقة وخارجها» وأطلعه على «الخطوات« التي يرى أنه يمكن أن تتخذ لمساعدة الشعب السوري للخروج من الأزمة. ووصف الإبراهيمي الوضع في سوريا بأنه «لا يزال يدعو للقلق»، معرباً عن أمله أن «تتجه جميع الأطراف نحو الحل الذي يتمناه الشعب السوري ويتطلع إليه».
ردة فعل المعارضة السورية جاء ببيان صدر عن رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب، أكّد فيه أنّ قيادة الائتلاف أبلغت الإبراهيمي بشكل مباشر رفضها بنود العرض المبني على ما بات يسمى «اتفاق جنيف» (إنشاء حكومة انتقالية مقبولة من طرفي النزاع شرط أن يبقى الأسد في السلطة من دون صلاحيات، حتى عام ٢٠١٤)، وجاء في البيان «هل بعد عشرين شهرا من تضحيات ودماء الشعب السوري يأتي من يقول باستمرار الوضع حتى بداية عام ٢٠١٤؟».
وشدّد الخطيب على أنّ «أي حل سياسي لإنقاذ النظام مرفوض، وأي حل لا يبدأ بتنحي الأسد هو مرفوض وعلينا أن نسقطه».
إن دل فشل الزيارة أو بيان المعارضة أو ما أعلنه السفير الروسي لدى لبنان من أنّ «الأسد متمسك بموقفه وهو الإصرار على الترشح لولاية ثانية»، على شيء فهو أن بلاد الشام مقبلة على جولة عنف في محاولة للنظام وللمعارضة المسلحة تغيير ميزان القوى. وبالطبع إن لم يستقل الإبراهيمي فهو سوف يتابع جولاته المكوكية بين بين عواصم العالم متجنباً العاصمة السورية.