سوريا: معارك على الأرض تحضيراً لمعركة ديبلوماسية في جنيف
اعتبر الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي الاربعاء ان طرح الرئيس السوري بشار الاسد لحل الازمة المستمرة في بلاده هو “اكثر فئوية وانحيازا لجهة واحدة”، قبل يومين من لقاء جديد للموفد الدولي مع مسؤولين روس واميركيين.
في غضون ذلك، اطلق المقاتلون المعارضون الاربعاء ٤٨ ايرانيا كانوا يحتجزونهم منذ اشهر في سوريا مقابل افراج النظام عن اكثر من الفي معتقل، في اكبر عملية تبادل اسرى في النزاع المستمر منذ 21 شهرا.
وفي تعليقه الاول على الخطاب، اعتبر الابراهيمي ان “ما قيل هذه المرة ليس مختلفا في الواقع، ولعله اكثر فئوية وانحيازا لجهة واحدة”، مشيرا الى ان “في وقت سابق من العام 2012 كان ثمة برلمان جديد ودستور جديد وحكومة جديدة، وكل هذا لم يحسن الواقع قيد انملة”.
واوضح في مقابلة بالانكليزية ان “ما نحن في حاجة اليه هو مد اليد والاقرار بانه ثمة مشكلة، ومشكلة خطيرة جدا جدا بين السوريين، وانه على السوريين ان يتحدثوا الى بعضهم البعض لحلها”، وان الناس “يطلبون ويطالبون بتغيير حقيقي وليس تجميليا”.
واضاف “في سوريا بالاخص، ما يقوله الناس ان حكم عائلة واحدة لنحو ٤٠ سنة هو اطول من اللازم. لذا على التغيير ان يكون حقيقيا”، داعيا الاسد الى “ان يؤدي دورا قياديا في التجاوب مع تطلعات شعبه بدلا من مقاومتها”.
وقبل ٤٨ ساعة من لقاء الجمعة في جنيف بين الابراهيمي ومساعد وزيرة الخارجية الاميركية وليام بيرنز ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، اعلنت موسكو انه يجب مواصلة المفاوضات الدولية “مع اخذ بعض الافكار التي جاءت في خطاب الرئيس بشار الاسد في السادس من كانون الثاني/يناير في الاعتبار”. واعتبرت في تعليقها الاول على الخطاب ان الاسد اكد استعداده للحوار والاصلاحات “في اطار احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة اراضيها ومبدأ عدم التدخل”.
واعتبرت دول غربية طرح الاسد محاولة للتشبث بالسلطة، بينما رفضته اطراف معارضة في الداخل والخارج، مكررة عدم قبولها باي تسوية لا تشمل رحيل الرئيس السوري.
وفي خطوة على مسار المساعي الديبلوماسية للحل، وصل وزير الخارجية الايراني علي على اكبر صالحي مساء الاربعاء الى القاهرة، حيث يلتقي قبل ظهر الخميس نظيره المصري محمد كامل عمرو والرئيس محمد مرسي وشيخ الازهر احمد الطيب.
وقال مسؤول مصري رفيع ان محادثات الوزير الايراني في القاهرة ستتناول، اضافة الى العلاقات الثنائية، الازمة السورية باعتبار طهران “لاعبا رئيسيا” فيها.
وبالتزامن مع ذلك، افرج مسلحو المعارضة السورية عن الرهائن الايرانيين في مقابل اكثر من الفي معتقل مدني لدى السلطات السورية. ووصل الرهائن قرابة الساعة 15,30 بعد ظهر اليوم (13,30 ت غ) الى فندق في وسط دمشق. وبدا عليهم التعب والتأثر، وبكى البعض منهم لدى معانقة مستقبليهم. وفي مؤتمر صحافي عقده في الفندق، قال السفير الايراني محمد رضا شيباني ان اطلاق هؤلاء تم بعد مفاوضات “شاقة وطويلة وكانت هناك شروط صعبة من الجهات الخاطفة”. واضاف انه “ما يزال هناك مهندسان ايرانيين يعملان لدى شركات خاصة ايرانية تعمل على تطوير قطاع الكهرباء في سوريا، ما زالوا قيد الاحتجاز” في اشارة الى مهندسين خطفوا في حمص (وسط) في كانون الاول/ديسمبر 2011، وافرج عن بعضهم دون الباقين.
وافاد احمد الخطيب، وهو متحدث باسم الجيش الحر في دمشق وريفها، في اتصال هاتفي مع فرانس برس في بيروت ان النظام السوري سيطلق في المقابل 2135 معتقلا، رافضا تقديم تفاصيل اضافية عن الصفقة التي تمت “برعاية قطرية تركية وتدخل ايراني مع النظام”.
وكان مقاتلون معارضون بثوا على الانترنت في الخامس من آب/اغسطس الماضي شريطا اعلنوا فيه خطف الايرانيين، قائلين ان من بينهم ضباط في الحرس الثوري الايراني. ونفت ايران بداية هذه المعلومات، لتعود وتقول بعد ايام ان من الرهائن عسكريين “متقاعدين”، طالبة مساعدة الامم المتحدة وتركيا وقطر لاطلاقهم.
وكان سيركان نرجس الناطق باسم مؤسسة الاغاثة الانسانية التركية الاسلامية قال لفرانس برس في اتصال هاتفي ان “النظام السوري بدأ اليوم (الاربعاء) الافراج عن 2130 معتقلا مدنيا في عدة مدن سورية مقابل اطلاق سراح 48 ايرانيا بين ايدي المعارضين”. من جهته، قال عزت شاهين، نائب رئيس المؤسسة، ان الرهائن احضروا “من الغوطة الشرقية (في ريف دمشق)، وتعرضنا لمخاطر” بسبب اعمال العنف في المنطقة.
ميدانيا، سيطر مقاتلون معارضون الاربعاء على مساحات واسعة من مطار تفتناز العسكري في محافظة إدلب بشمال غرب البلاد، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان المقرب من المعارضة. وقال ان اشتباكات تدور في المطار بين القوات النظامية “ومقاتلين من جبهة النصرة واحرار الشام والطليعة الاسلامية (…) بعدما استطاع المقاتلون اجتياز اسوار المطار والاستيلاء على مساحات واسعة منه واعطاب عدد من المروحيات”.
من جهته، ابلغ مصدر عسكري سوري فرانس برس ان المقاتلين شنوا اليوم هجموما عنيفا على المطار، مشيرا الى ان “الطيران والمدفعية ساندا عناصر حماية المطار”، وذلك غداة هجوم آخر شنه المقاتلون ليل الثلاثاء. وافاد سكان في البلدة ان “حشودا كبيرة” من المقاتلين تتواجد في محيطة المطار.
كذلك، افادت مصادر معارضة عن اشتباكات في محيط مطارات كويرس ومنغ والنيرب في ريف محافظة حلب (شمال)، والتي يحاصرها المقاتلون المعارضون كذلك منذ فترة. ويسعى المقاتلون المعارضون الى السيطرة على مطارات عسكرية يستخدمها سلاح الطيران منذ نهاية تموز/يوليو الماضي لقصف مناطق عدة في سوريا.
وفي ريف دمشق، قتل شخصان اثر سقوط قذيفة هاون على مدينة جرمانا (جنوب شرق)، بينما استمرت الاشتباكات والقصف في مناطق عدة محيطة بدمشق، لا سيمها منها دوما (جنوب غرب). وافاد مصدر عسكري سوري ان نحو 4500 مقاتل معارض ما زالوا متواجدين في محيط دمشق، منهم 150 من “جبهة النصرة” الاسلامية المتطرفة في مدينة داريا (جنوب غرب).
وادت اعمال العنف اليوم الى مقتل 36 شخصا في انحاء مختلفة من سوريا، بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف المناطق السورية.
وادى النزاع السوري الى مقتل اكثر من 60 الف شخص منذ بدئه في اذار/مارس 2011، بحسب ارقام الامم المتحدة.