الرئيسية » رأي » فداء عيتاني »

حرية الرأي والإعلام لدى ميشال عون

فداء عيتاني

في الثامن من كانون الثاني الحالي قدم النائب ميشال عون مؤتمرا صحافيا حول قانون الانتخاب، قدم خلاله وجهة نظره في القانون، هذه ايضا ككل مرة اكد الجنرال انه على حق دائما، والاخرين على خطأ دائما ايضا. ملمحا الى ان هذا القانون، وحين يتم التصويت عليه “سنعرف من هم اخصامنا ومن هم اصدقائنا، ومن هو صادق معنا”. ملمحا الى حزب الله الحليف شبه الوحيد للجنرال في لبنان.

المؤتمر بنفسه قدم مستوى مرتفع من الخطاب العنصري (من منظور الـ “نحن” المسيحية، والـ “هم” الاسلامية) وان كان الجنرال لم ينس ان يشتم احد الزملاء الصحافيين، وهو مدير تحرير جريدة “الأخبار” سابقا، ومدير الاخبار في تلفزيون الموؤسسة اللبنانية للارسال خالد صاغية، فذلك لانه “قلب الخطاب تبعنا، واعطانا مرامي مش مرامينا”.

طبعا الجنرال عون لطالما عانى الامرين مع الاعلام والاعلاميين، فهم جميعا يتامرون ضده، وسبق ان خاض مواجهة ضد مؤامرة لم يتشرك فيها الاعلام والاعلاميين فقط، بل شارك فيها الكون كله، سماها حينه بتواضعه المعهود المعركة الكونية لاسقاط الجنرال في الانتخابات النيابية للعام 2009.

وان كان ميشال عون لا يفضل حرية الرأي الا حين يكون الرأي رأيه، فقد عمد في مرحلة ما الى طرد مئات من كوادره من التيار الوطني، والقى عليهم منافض السجائر الكريستال، وكاد ان يرميهم بكرسيه لولا تدخل حراسه الشخصيين ومنعه من محاولة حمل الكرسي، حينها كان الكوادر يطالبون في اجتماعهم مع الجنرال بكف يد جبران باسيل عن ادارة التنظيم الحزبي، والاكتفاء بما يقرره الجنرال وصهره في السياسة، اي ببساطة لك السياسة والامر والطاعة، واعطنا القليل من الحرية في التنظيم الحزبي لاطلاق الحزب، الذي لم يتشكل فعليا لغاية اللحظة.

هذا عن حرية الرأي، اما عن الحرية الاعلامية فوقفات الجنرال امام الصحافيين، وتصحيح مسار عملهم، وتدريسهم اسلوب طرح الاسئلة اكثر من ان تعد وتحصى.

الا انه تفوق على كبار الاعلاميين حين توجه الى خالد صاغية دون ان يسميه منبها الى انه ولد و”انارشيست” (لاسلطوي) وهامشي، ولم يدرس بالسوسيولوج (علم الاجتماع) والبسيكوسوسيولوج (علم النفس الاجتماعي)، ومتغاضى عن التجارب السابقة (وكان الجنرال عون قد ذكر التجربة مع الفلسطينيين والسنة)، وكيف الكتل الشعبية تزيح شعب الخ الخ.

لا بد اولا الاشارة الى ان منطلقات الجنرال الضمنية هي ان الطوائف الاخرى غير المسيحية في لبنان (الذين يقول عنهم دائما في مؤامراته الصحافية ومقابلاته التلفزيونية “هم”) استلمت السلطات وسرقة البلد ونهبت الاموال العامة على مدى عشرين عاما كان هو (مختصرا كل المسيحيين) مبعدا عن البلاد والمشاركة في النهب، والان فان الوقت قد حان لاستعادته (مختصرا ايضا كل المسيحيين) لحقوقه المهدورة من المال العام والسلطات كافة، وبالتالي فان له ان ينهب في البلاد لعشرين عاما دون حسيب او رقيب، ويخطف التمثيل السياسي ويغتصب التمثيل الوزاري للعشرين العام المقبلة قبل ان يحق (شرعا) لاي فريق اخر مشاركته في النهب والحكم معا.

هنا يضطر المرء الى تركيز مجموعة من المفردات التي يستخدمها الجنرال حتى يمكن اعادة تصويب النقاش، وبما ان الجنرال يستخدم الكثير من المفردات والمصطلحات السياسية العلمية، فلا بد من اختصار الكلام تحديدا في هجومه على الزميل صاغية، الذي يمكنه الدفاع عن نفسه ان اراد، ولكن لا بد هنا من القول ان صاغية هو من خاض معركة تحويل صورة الجنرال من مذهبي تسلطي الى حليف للمقاومة خلال العام 2006 (حرب تموز) وما تلاها في جريدة “الأخبار”، وهو نفسه من حاول اكساء الخطابات العونية بعض اللحم السياسي بعد ان ظهر مدى هشاشة عظمها الفئوي خلال تلك المرحلة.

لا يعنينا الدفاع عن صاغية، وانما الدفاع عن المصطلحات السياسية في حضرة رجل يبدو انه متمكن من علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي دون السياسة، فالفوضوية او الانارشية او الاناركية على سبيل المثال هي اللاسلطوية، وهي نمط تفكير تماما مثل الفاشية والعنصرية، او الاشتراكية او الاسلام السياسي.

والعنصرية هي تبرير التعامل المختلف والتمييز بين الافراد والجماعات بناء على ميزات انتماء او وراثة او اصول، اي ان يتم المطالبة ليل نهار بحقوق المسيحيين في قانون انتخاب يؤمن لهم ما لا يؤمنه لباقي المواطنين، كصوت مقابل صوتين على سبيل المثال، او لي عنق القوانين ومخالفة الدساتير لتأمين مصلحة لفئة من المواطنين على حساب الفئات الاخرى، وفي النهاية لان يصب هذا الامر لممثل محدد لاقلية من المواطنين.

“ان قلت لانارشيت هذا ابيض يقول هذا اسود” يقول الجنرال عون، وعلى سخافة المثال فهو يعبر عن الرؤية بالابيض والاسود فقط التي تحكم عقلية الجنرال، الذي سبق ان كان شعاره انتخب الصح، واشارته الحزبية هي اشارة الصح، وعقله السياسي مكون من “انا صح والاخرين خطأ”، وكلامه في التبرير والدفاع ينطلق من ان الاخرين مخطئين وخاطئين ومرتكبين بينما هو وفريقه الذي يبدو كفريق كشاف يديره كما يريد صح دائما وعلى حق مطلق.

وبخصوص الابيض والاسود والجدال في الحق والخطأ فان الاناركي او اللاسلطوي لا يهتم ان كان الامر صح او خطأ يهمه اعادة بناء المجتمعات افقيا وليس هرميا او عموديا، اي انهاء السلطة المركزية للدول، واقامة مجتمعات مدارة من مواطنيها. والمسألة ليست مطروحة للمزايدة برأي اللاسلطوي بل لتحطيم القائم وبناء بديله الخاص عنه.

اما الهامشي فهو ذاك الذي يتم قذفه خارج دائرة الفعل المؤثر في الحياة سواء اقتصاديا او اجتماعيا، وهو بالتالي يستحيل ان يترأس او يشارك في ادارة اعمال، والا يفقد صفته، وهناك الكثير من المجتمعات الغربية التي تهمش او تشجع بعض فئاتها على الذهاب الى الهامش والعيش خارج الحياة المنتجة لاسباب عديدة. والهامشي لا يمكن ان يشترك في نقاش حول الالوان (او حول الصح والخطأ)، هو خارج كل التركيبات، والمشكلة في من يطرح الامر عليه اساسا، كمثل من يستوقف مشرد مخمور في شارع نيويورك ليسأله ايهما افضل السلفيون ام الاخوان المسلمون؟

خطأ جوهري كان الدمج بين اللاسلطوية والهامشية، فربما لو شاهد الجنرال ميشال عون شخصين اناركي وهامشي لما تمكن  من التمييز بينهما، ولكن كما سبق الشرح فان الفارق جوهري وضخم.

ويتحدث الجنرال عن الاعلام ووظيفته كتوجيه للرأي العام، ولكن وظيفة الاعلام نقل الخبر الى المواطنين والمتابعين وتقديم الخدمة الاخبارية والتحليلية والاعلامية الى المستهلك، وليس توجيه الرأي العام، الا بحسب رأي الجنرال عون.

وتوجيه الرأي العام هو المدخل الاصلح الى الفاشية، واقصى طموح الاعلام كمؤسسات والاعلاميين كصحفيين معنيين بقضايا يتابعونها هو التأثير بقدر ما (ولو محدود) على الرأي العام، اما توجيهه فهو امر حاولته الدول القمعية، واللوبيات المالية والسياسية الكبرى، وتحاوله دائما، وهو طموح كل شخصية ديكتاتورية بالقدرة على بسط سيطرته على رأي المواطنين عبر الاعلام.

اما الفاشية فهي مزيج ما بين العنصرية والديكتاتورية، تماما كما الجنرال عون، الذي يقدم قضية عنصرية ويعتقد بحقه المطلق، ويحاول الوصول باية طريقة الى رئاسة الجمهورية لحكم البلاد، دون ان يسمح لاي كان من الاخرين بمشاركته في السلطة، طموح ديكتاتور فاشي، لحكم بلد يشارك في افلاسه.

اما المصطلحات فلا يمكن لعون ولا لغيره التحكم بها، كما لن يتمكنوا من سحق حرية الرأي ولو حاولوا المستحيل.

بالاتفاق مع الكاتب وبالتزامن مع نشرها في مدونته الخاصة

اقرأ للكاتب نفس:

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings