الحريري وجنبلاط: عروض انتخابية
شن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري هجوماً عنيفاً على سلاح المقاومة في لبنان معتبراً أنه “سلاح غير شرعي” وهو “أم المشاكل”. كما أكد الحريري أنه “سيكون الى جانب قوى 14 آذار في معركة الانتخابات المقبلة مهما كان القانون ومهما كانت التحديات واشتدت المخاطر على اساس مشروع وطني سياسي يرفض التفريط بالدولة على حساب مشاريع الهيمنة والانقسام الطائفي”.
وفي كلمة له، عبر شاشة، خلال إحياء الذكرى الثامنة لإغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في البيال، أكد على “الثوابت التي سبق واعلنها حول قانون الانتخاب”، مقرا “بوجود مأزق تعانيه الحياة الوطنية اللبنانية وهو مأزق يريد البعض ان يختزله بقانون الانتخاب فيما نراه تعبيرا عن خلل اصاب المثلث الذهبي الذي يجب ان ترتكز إليه دولة لبنان وهو العيش المشترك والحياد الايجابي وحصرية السلطة”، لافتا إلى “أننا من هنا بادرنا انطلاقا من اتفاق الطائف الى تقديم اقتراحات واضحة تقضي باجراء تعديلات دستورية تؤدي لالغاء الطائفية السياسية وانشاء مجلس شيوخ واعتبار اعلان بعبدا بشأن حياد لبنان جزءا من مقدمة الدستور”.
ولفت الحريري إلى أن “مشكلة السلاح غير الشرعي في لبنان، بكل وظائفه الاقليمية والداخلية والطائفية والعائلية والجهادية والتكفيرية، هي ام المشاكل في لبنان، وكل اللبنانيين يعرفون ان السلاح غير الشرعي مصنع يومي لانتاج النزاع الاهلي والفتن بين المذاهب ولانتاج الجزر الامنية والجريمة المنظمة والارهاب وشبيحة الاحياء ومخالفة القوانين والفساد واللصوصية والاستقواء على الدولة”.
وأشار الحريري إلى أن “كل اللبنانيين يعرفون ان حزب الله يمتلك ترسانة من الاسلحة الصاروخية والثقيلة والخفيفة يقال انها تفوق ترسانة الدولة، وسرايا حزب الله التي يدعمها الحزب بالسلاح موجودة عمليا في طرابلس وعكار والمنية والضنية وزغرتا والكورة وكسروان وجبيل والمتن وبعبدا وعاليه والشوف اضافة الى بيروت وكل الجنوب والبقاع، وفي المقابل هناك فتات من السلاح بأيدي تنظميات وفصائل لبنانية وفلسطينية خارجة عن القانون ولجأت الى هذا الخيار بذريعة الدفاع عن النفس في ظل ترسانة حزب الله وسرايا الحزب”، مضيفاً “هذا هو الخطر الاكبر وحزب الله يرفض الاعتراف بهذا الامر”.
ورأى الحريري أن “حزب الله مستعد لتقديم رشوة وزارية لرئيس الحكومة على حساب حصة الحزب، لقاء ان تتشكل حكومة لا تقترب من السلاح وهو مستعد لمجاراة حليفه (رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” العماد) ميشال عون بالقانون الارذودكسي ليبقي البرلمان تحت سقف السلاح، وهو مستعد لأن يمرر تمويل المحكمة الدولية في الحكومة ويتناسى حملات (رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب) وليد جنبلاط السابقة وموقفه من النظام السوري لقاء ان يبقى السلاح خارج التداول”، معتبرا أن “حزب الله لا يستطيع ان يرى لبنان من دون المنظومة العسكرية والامنية التي بنتها ايران على مدى 30 سنة، وهنا يقع مأزق الدولة التي تتعايش مع الدولية فوق غابة من السلاح غير الشرعي، السلاح غير الشرعي من كل الطوائف والجهات، أي سلاح حزب الله وسلاح فتح الاسلام ومن هم على صورتهم”.
ورأى الحريري أن “عمر الشيعة في لبنان اكثر من الف سنة اما حزب الله فحالة جاءت مع ايران منذ 30 سنة”، مؤكدا أن “ما من احد يمكن ان ينفي حقيقة ان حزب الله يتخذ من جمهور كبير في الطائفة الشيعية قاعدة لمشروعه الداخلي والاقليمي وهي الحقيقة المؤلمة التي اتمنى من الشيعة ان يفهموا خطورتها على الوحدة الاسلامية وعلى الوحدة اللبنانية مع يقيني ان فئة كبيرة تعرف هذا الامر وتتغاضى عنه”، مشددا على أن “مصير الشيعة هو من مصيرنا ومصير كل لبنان، وربما يكون حزب الله قد نجح في محو الثقافة التعددية للطائفة الشيعية، كما اجهز على التنوع السياسي فيها واتخذ من السلاح سبيلا للتهويل على الشركاء والاقربين، لكن هذا النجاح هو الوجه الآخر للفشل الذي حققه حزب الله على مستوى علاقة الشيعة مع المجموعات الاخرى”.
وأشار الحريري إلى أن “المحكمة الدولية تتقدم والمجرمون سينالون العقاب عاجلا ام آجلا، ولكن هل يعقل ان يواصل حزب الله دفن رأسه في الرمال ويرفض ان يرى حال القلق والنفور والانقسام في الساحة الاسلامية بسبب رفض تسليم المتهمين وحالة الاستقواء على المحكمة الدولية؟”، متسائلا: “هل يعقل ان يمنع حزب الله حتى اليوم تسليم المتهم بمحاولة اغتيال النائب بطرس حرب؟ وهل يعقل ان نسلم المصير الواحد لحزب يرفض ان تكون الدولة المرجع لكل اللبنانيين؟ هل يعقل ان يصر حزب الله والشيعة على الدوران في نفس الحلقات المفرغة؟”، قائلا: “منذ 40 عاما ولبنان لم يتوقف عن الدوران في حلقات الخلاف الاهلي”.
وشدد على أن “اي انكار لوجود وظيفة مباشرة لسلاح حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية هو انكار لجوهر المشكلة. وقال الحريري إن “نظام الاسد سيسقط حتما، وسقوطه سيكون مدويا في سوريا وكل العالم العربي وكل الدنيا، لكن هذا السقوط لن يكون وسيلة لتكرار تجارب الاستقواء بين اللبنانيين من جديد”.
وأشار إلى أن “هذه التجارب يجب ان تتوقف عند الجميع الى الابد لذلك انني لا انادي بأي تنازلات لـ14 آذار ولا لتيار المستقبل ولا لهذه الطائفة، بل انادي بتقديم التنازل لدولة لبنان والشرعية الدستورية والقانون والعدالة والمؤسسات العسكرية والامنية والعيش المشترك ورسالة لبنان”، لافتا إلى أنه “لدينا خارطة طريق للوصول الى دولة لبنان المدنية، ونحن تيار سياسي مدني معتدل وديمقراطي ولا احد سيجرنا الى موقع الطائفية او العنف او التطرف”.
وتابع الحريري “قدمنا مبادرة لكن مشروعنا لا يقف عند هذه المبادرة ونعرف الاخطاء التي قمنا بها ولن نكررها وسنصححها، ومشروعنا هو ان نعطي الشباب والشابات حق الانتخاب بعمر 18 سنة، وأن نعطي المغتربين حق استرجاع الجنسية اللبنانية، وإعطاء المرأة اللبنانية مواطنيتها الكاملة بما فيها الحق ان تمنح اولادها الجنسية”.
بالمقابل جاءت تصريحات الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وكأنه رد على سعد الحريري إذ دعا رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط إلى “الخروج من نغمة السلاح والعدالة”، مؤكدا أن السجال حول المحكمة والسلاح أصبح مملاّ، في حين أنه “يجب العمل من أجل الاستقرار”.
وقال جنبلاط خلال حوار مع قناة “العربية”: “لندع السلاح الآن و لنستفد منه للدفاع عن لبنان، ويجب ألا ننسى الغول الذي بجانبنا إسرائيل”، مؤكدا أنها هي الخطر.
وأضاف جنبلاط “لن تبقى أرض فلسطينية إلا و ستهوّد، وأخشى أن تكون خارطة سايكس بيكو آيلة إلى الزوال”، معربا عن رغبته في أن لا تطل إسرائيل على “شرق ممزق بين تجمعات وتحزبات وطوائف”.
ورأى الزعيم الاشتراكي أن المحكمة أصبحت “أمرا ثانويا” في ضوء “انهيار المنطقة”.
وردّا على سؤال بشأن حصيلة عمل “قوى 14 آذار”، قال جنبلاط “نجحنا في تحقيق المحكمة الدولية، و فشلنا في البرنامج السياسي بسبب انقساماتنا الداخلية”.
واعتبر جنبلاط أنه “سيكون هناك انتخابات في لبنان، إذا تجاوزنا التفاصيل السياسية السخيفة، و أي من يفوز عليه أن يمد يده للآخر”، وأضاف “علينا أن نقوم بالانتخابات ولا بد من تسوية من أجل (إتمام) الاستحقاق”.
وفي شأن زيارته المرتقبة إلى السعودية، كشف جنبلاط أن الرئيس سعد الحريري أخبره أن المسؤولين السعوديين وافقوا على استقباله في “الأيام القريبة القادمة”، متوقعا أن يقابل “(وزير الخارجية) سعود الفيصل و(الأمين العام لمجلس الأمن الوطني) بندر بن سلطان و الملك إن كانت صحته تسمح بذلك”.
وأضاف جنبلاط “لن أفصح عما سأقوله في السعودية، ولكن على السعودية أن تعطف على لبنان و أن توليها اهتمامها”.
وعن العلاقة مع “حزب الله، وصفها جنبلاط بالجيّدة، إلا أنه اتهم الحزب بالقتال في سوريا “بإمرة من النظام الإيراني”، واستدرك “هناك من يقاتل أيضاً من 14 آذار، هناك من هم من تيار المستقبل يقاتل إلى جانب الثورة السورية، وهناك مجموعات في عرسال و طرابلس”.
وعبّر جنبلاط عن اعتقاده بأن الرئيس السوري بشار الأسد “لن يتراجع، لكن الشعب السوري لن يهزم”.
ولفت جنبلاط إلى أنه “ليس هناك حل عسكري، بل هناك دمار شامل من الجهتين”، مؤكدا أن “حل الأزمة السورية يتطلب اتفاق أميركيا روسيا إيرانيا”.
واعترف جنبلاط أنه “دعم ويدعم الثورة السورية، ولكن المعتدلين منهم والذين يؤمنون بالدولة المدنية”.
ولفت جنبلاط إلى استبعاده التدخل العسكري الأجنبي المباشر نظرا لأن “(الرئيس الأميركي) باراك أوباما لا يريد التورط بسوريا، لأن الشرق الأوسط لم يعد بتلك الأهمية التي كان عليها في الماضي”.
وردا على سؤال بشأن زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى سوريا، قال جنبلاط إن “الراعي ذهب إلى دمشق لإعطاء أمل للمسيحيين المهددين هناك بالموت والتهجير”، مؤكدا أنه “إذا كان بعض الدروز و المسيحيين و السنة مع النظام (السوري) فهذا لا يعني إدانة بحقهم لأنهم يشعرون بالخوف”.