قضايا الفساد تلاحق قطاع النفط الجزائري
فجرت تحقيقات فتحها القضاء الإيطالي مع شركة “إيني” النفطية بشأن شبهات فساد حول مشاريعها بالجزائر فضيحة فساد جديدة في مجموعة النفط الجزائرية “سوناطراك” المملوكة للدولة، شريك هذا المجمع الإيطالي.
وأعلن النائب العام الجزائري مؤخرا فتح تحقيق في اتهامات جديدة تخص رشاوي قدمتها شركة “إيني” الإيطالية عبر فرعها “سايبام” في الجزائر لجهات في شركة النفط الجزائرية “سوناطراك” مقابل تسهيلات لمنح صفقات للمجموعة الإيطالية بالجزائر.
يأتى هذا التطور في الوقت الذى طالب فيه جزائريون الجيش بالتدخل لوقف الفساد في قطاع النفط. وقال النائب العام في بيان صحافي “أن المعلومات التي تداولتها بعض الصحف الوطنية والأجنبية بخصوص تورط شخصيات جزائرية في وقائع جنائية متصلة بمجال الفساد أثناء توليها لمسؤوليات بأجهزة الدولة لها علاقة بما يسمى قضية “سونطراك 2” .
يذكر أن القضاء الجزائري يحقق في قضية فساد أخرى في شركة النفط الحكومية تسمى “سوناطراك 1” منذ أشهر .
وأوضح النائب العام “إن النيابة المختصة لمحكمة سيدي محمد قد تقدمت بالتماس إضافي لقاضي التحقيق المكلف بالملف لتوسيع مجال التحريات ليشمل ما تضمنته هذه المعلومات من عناصر جديدة تناولتها الصحافة”.
وتم الكشف عن هذه القضية عندما نشرت وسائل إعلام ايطالية مطلع الشهر الجاري معلومات حول فتح نيابة ميلانو تحقيقات حول شبهات فساد لعملاق الصناعة النفطية في إيطاليا “ايني” عبر فرعها “سايبام” في الجزائر، وذلك بعد تورط مدير عام الشركة الايطالية في الجزائر باولو سكاروني في دفع رشاوى الى وزير الطاقة والمناجم الجزائري سابقا شكيب خليل ومساعديه.
ومن جانبه نفى مدير المجموعة الايطالية باولو سكاروني اي تورط له في قضية فساد في الجزائر وقال “إيني ومديرها العام يجهلان تماما الغرض من هذا التحقيق”.
وبحسب وسائل الاعلام الايطالية ،نقلا عن مصادر قضائية، فانه يشتبه في أن سكاروني شارك في لقاء واحد على الأقل في باريس بهدف الحصول على مشاريع تقدر قيمتها بنحو 11 مليار دولار لشركة ” سايبام” التابعة للمجموعة الايطالية مع مجموعة “سوناطراك” الجزائرية.
ولهذا الغرض قام مسؤولون بشركة ” سايبام” بدفع عمولة سرية بقيمة 256 مليون دولار عبر وسيط الى مسؤولين جزائريين كبار، حسبما نقلت تقارير الصحافة الإيطالية.
ومن جهتها أكدت وسائل الإعلام الجزائرية أن مجموعة ” إيني” الإيطالية ظفرت عبر فرعها “سايبام” بمشروعات وصفقات في قطاعي النفط والغاز بالجزائر بلغ عددها 8 مشروعات.
ووصلت قيمة الصفقات التي حازت عليها “سايبام” نحو 11 مليار دولار في ظرف 3 سنوات ما بين عامي 2006 و2009 وهي فترة كان فيها شكيب خليل في منصب وزير الطاقة بالحكومة الجزائرية .
وغادر شكيب خليل الذي يعد أحد المقربين من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منصبه الوزاري في شهر مايو 2010 خلال تعديل وزاري بعد انفجار قضية فساد في شركة سوناطراك المملوكة للدولة تسمى حاليا قضية “سوناطراك1” مازالت حتي الآن في أروقة القضاء الجزائري.
وتفجرت قضية “سوناطراك 1” مطلع عام 2010، بعد تحقيقات أجرتها المخابرات الجزائرية في اتهامات بالفساد ضد مسؤولين في الشركة أحيلت للقضاء.
وتتعلق هذه الاتهامات بإبرام صفقات بالتراضي مع شركاء أجانب بطريقة غير قانونية كلفت شركة سوناطراك خسائر مادية معتبرة، تسببت في تجميد الأرصدة البنكية للشركة .
وقد وجهت فيها أصابع الاتهام إلي 14 متهما وعلى رأسهم الرئيس المدير العام السابق لمجمع سوناطراك محمد مزيان ونجلاه ومدير شركة ألمانية، وأربعة مديرين تنفيذيين.
وجرى التحقيق معهم في البداية حول اتهامات تكوين جماعة أشرار( تشكيل عصابي) وتبييض ( غسيل) أموال مع اختلاس وتبديد أموال عمومية، وإبرام صفقات مخالفة للتشريع الجاري العمل به بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير، وقبول رشاوي في مجال الصفقات واستغلال النفوذ والوظيفة.
وتصاعد الجدل في الجزائر خلال الأيام الاخيرة حول الفساد الذي ينخر شركة النفط الحكومية. ونشرت صحف محلية رسالة من نائب رئيس مجموعة سوناطراك سابقا، إلى مدير المخابرات الجزائرية الفريق محمد مدين يدعوه فيها لفتح تحقيقات موسعة حول ملفات الفساد في الشركة.
ووجه نائب رئيس مجموعة سوناطراك السابق اللوم في رسالته للقضاء الجزائري لتأخره في فتح تحقيقات حول القضية قائلا ” إن القضاة ( الجزائريون) متأخرون عن زملائهم الإيطاليين الذين فجروا الملف”.
وبلغت إيرادات الجزائر من المحروقات “نفط وغاز طبيعي” العام الماضي نحو 72 مليار دولار ، بارتفاع قدره بنسبة 29 % عن عام 2011.
يذكر أن الجزائر تنتج حاليا 1.2 مليون برميل من النفط يوميا و62 مليار متر مكعب من الغاز سنويا بما يعادل 206 ملايين طن من معادل البترول منها 147 مليون طن تنتجها شركة “سوناطراك” عملاق صناعة النفط الحكومية في الجزائر.