أسرار الاتفاق بين الأكراد والجيش السوري الحر في رأس العين
خاص «برس نت»
توقفت المعارك بين مقاتلي الجيش السوري الحر والمقاتلين الاكراد في مدينة راس العين في شمال سوريا بعد التوصل الى اتفاق بين الطرفين لعب المعارض لسوري ميشال كيلو دوراً فيه.
وحسب المتابعين فقد دامت المفاوضات بين الطرفين المتحاربين 15 يوما وانتهت باتفاق اعلن عنه مطلع الاسبوع. وقد وقع الاتفاق المجلس العسكري للحسكة التابع للجيش السوري الحر ممثلاً بـ«حسن عبدالله» والهيئة العليا الكردية ممثلة بـ«أحمد سليمان» وممثل لجان الحماية الشعبية الكردية «مسعود عكو». ونقل عن كيلو قوله إن «الجيش السوري الحر وقع اتفاقا بالنيابة عن جميع الجماعات المسلحة باستثناء جبهة النصرة التي لم تشارك في الجولة الاخيرة من القتال. ولكن جبهة النصرة شاركت في المحادثات وهي موافقة على مضمونها وهي الضامنة لعدم انتهاك الاتفاق» وتبين أن فهد الجاعد مثل جبهة النصرة. كما نقل عنه أيضاً أن «كتيبة “غرباء الشام” التي تعد ثاني اكبر مجموعة اسلامية مسلحة بعد جبهة النصرة في المنطقة، تؤيد الاتفاق ايضاً».
ومن ابرز النقاط الواردة في الاتفاق «اعادة انتشار القوات العسكرية وازالة المظاهر المسلحة من المدينة». واتفق المقاتلون الاكراد والمسلحون المعارضون على «توحيد جهود قواتهما ضد القوات السورية النظامية». وقد أكد كيلو انه «لا يوجد حاليا سوى عدد قليل جدا من المقاتلين في راس العين».
إلا أن «أخبار بووم» علمت من مصادر مطلعة على حثيات الاتفاق أن عدداً من نقاطه تثير إشكالات كثيرة إما لأنها لا تتوافق مع الوقائع على الأرض حسب قول الفريق الكردي أو لأنها خاضعة لتفسيرات متعددة حسب قول مقربين من الجيش السوري الحر.
ويرى مراقب مقرب من الطرفين إن أهم نقطتين في الاتفاق هي موضع خلاف.
التقطة الأولى: جاء في نص الاتفاق ان الطرفين يتعهدان بـ«التعاون والتنسيق لتحرير المدن غير المحررة والتي ما زالت تحت سيطرة النظام السوري»، وعلمت «أخبار بووم» أن من أولويات الجيش السوري الحر استهداف مدينة قامشلي كبرى مدن شمال الشرقي. ولا يرى الأكراد أي ضرورة لمهاجمة مدينة «لا يوجد فيها الجيش النظامي» إذ يؤكد أحد مسؤولي الأكراد «لم يعد هناك أي عسكري للنظام» ويتابع بأنه يوجد «رجال شرطة غير مقاتلين وأغلبهم من أبناء البلد» ويصفهم بأنهم «خائفون» ويؤكد بأن «الهيئة العليا لا تريد أن يصيب القامشلي ما أصاب رأس العين» حيث أن نحو 65% من سكان المدينة قد فروا بسبب القتال، ومن بقي في المدينة يعانون من نقص في الطعام والمواد الاساسية. ويتابع بأنه في حال حصول معارك لدخول المدينة فإن ذلك «سوف يدفع بالجيش النظامي لقصفها». ولكن ما لا يقوله المقرب من المقاتلين الأكراد هو أن مدينة قامشلي تمثل «عقبة توافق» بين الأكراد والعرب. فالمدينة التي يشير إليها الأكراد بـ«قامشلو» يصفها مراقب بأنها «موصل سوريا وبذرة نزاع مقبل مع دمشق» أياً كان حاكم عاصمة الأمويين. وفي المقابل يصر الجيش السوري الحر على ضرورة وضع اليد على قامشلي «بالتعاون مع القوات الكردية» لأن وضع اليد «رسميا» على المدينة التي يبلغ تعداد سكانها الـ ١٨٠ ألف نسمة» يمكن أن يشكل ضربة سياسية للنظام على أساس أنها سوف تكون أول مدينة كبرى تقع تحت سيطرة المعارضة. ويضيف المراقب بأن الجيش السوري لا يريد أن تقع المدينة تحت سيطرة الأكراد.
النقطة الثانية التي جاءت في النص والتي يمكن أن تشكل عقبة في ديمومة الاتفاق هي مسألة «إعادة انتشار القوات العسكرية وازالة المظاهر المسلحة من المدينة»، إذ يرى فيه ممثلو الجيش السوري الحر «خروج كافة المقاتلين» بشكل عام بينما يرى فيه الأكراد «خروج المقاتلين الغرباء». ويذكرون بأنه عندما اندلعت الاشتباكات في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي كانت بسبب دخول مقاتلين اسلاميين مدينة راس العين حيث غالبية السكان فيها أكراد وقد اشتبكوا مع لجان الحماية الشعبية الكردية. ويرفض الأكراد خروج مقاتليهم على أساس أنهم أبناء المنطقة، ويشيرون إلى جبهة النصرة وكتيبة غرباء الشام بأنهم غرباء من خارج المنطقة. وقال مسعود عكو ان «غرباء الشام يعتقدون ان جميع الاكراد موالون للنظام وليسوا اسلاميين بالشكل الذي يرضيهم». ومن هنا الشك في أن يصمد الاتفاق رغم رغبة صادقة لدى الجيش السوري الحر بـ«تهدئة تلك المنطقة والإلتفات إلى مناطق أخرى يتحصن بها النظام». وقد أكد ذلك مشارك في المفاوضات لوكالة فرانس برس بقوله «يمكن لاي من الجانبين ان ينتهك الاتفاق في اي وقت».
يقول «مراقب أجنبي» تابع المعارك وساهم بشكل غير مباشر بالدفع لتوقيع الاتفاق بأن هذا الاتفاق يعكس واقع ميزان القوى على الأرض إذ أن «جبهة النصرة ما زالت تسيطر على جيب يضم المعبر الحدودي إلى تركيا» ويتابع بأن ذلك من مصلحة الأكراد لأن الجبهة تشكل «منطقة عازلة بينهم وبين الأتراك». ويضيف «حتى الآن الفريقان راضيان»، إلا أنه لا يستبعد عودة القتال بين الطرفين بسبب مسألة «قامشلي»، ويشير بأن سكان المدينة بدأوا يغادرونها خوفاً من وقوعهم بين نارين.