لـ مالبرونو وشينو: كتـاب فرنسـي بعنوان «قطر، أسرار الخزينة»
صدر كتـاب فرنسـي بعنوان «قطر، أسرار الخزينة» (Qatar: les secrets du coffre-fort) في باريس عن دار ميشيل لافون، وحسب ماورد في الكتاب فإن أمير قطر يعتبر الأزمة في سوريا مسألة شخصية وأن «حمد ضد الأسد، أحدهما سيرحل».
قصة الكتاب جاءت بعد تحقيق مطول في بلد قناة «الجزيرة»، قام به الكاتبان الفرنسيان المسنعربان جورج مالبرونو وكريستيان شينو، في إطار بحثهما عن الأسباب التي ساعدت على تحريرهما من العراق، حيث احتجزا كرهينتين في عام ٢٠٠٤.
الكتاب عبارة عن رحلة في خفايا هذا البلد النفطي الذي يعتمد على ثروته ليتوسّع في العالم، وهذه الرحلة انطلقت من تساؤلات رئيسية طرحها مالبرونو وشينو من قبيل لماذا تحاول قطر التسلل إلى المؤسسات الدولية مثل اليونسكو وجامعة الدول العربية؟ وهل يسعى هذا البلد، الذي وصف بـ «قزم بشهية وجش»، من خلال تسلله المحموم هذا، ومن خلال دعمه للإسلاميين إلى ضمان سلامة نفوذه؟ وكيف تمكنت قطر من إنشاء امبراطورية ممتدة الأطراف، دون استعمال السلاح، ولكن عن طريق شراء العالم بفضل احتياطاتها من النفط والغاز؟ كذلك يسلّط الكتاب الضوء على ما يجري داخل أسوار القصور الفخمة لأمير قطر ومفاوضاته السرية مع الدول الإسلامية الغربية، وأيضا الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام، وبالتحديد قناة «الجزيرة» الفضائية، في دبلوماسية قطر التي تسعى إلى أن تكون وسيطا مؤثرا في العالم العربي.
ويزيح الكاتبان الفرنسيان النقاب عن محاولات قطر لشراء الفيتو الروسي في الأمم المتحدة، وخفايا استثماراتها في فرنسا، وكيف انتقل هذا البلد الخليجي، المثير للجدل، من «دبلوماسية دفتر الشيكات» إلى تسليح الثوار على غرار ما حدث مع ليبيا وسوريا.
كرة القدم، العقارات، الطاقة… أمراء قطر لم يتركوا قطاعاً إلا واستثمروا فيه. وعلى الصعيد السياسي دعموا جماعة الإخوان المسلمين ودعموا الإطاحة بنظام القذافي في ليبيا ويدعمون المعارضة في سوريا وكان لهم دور في انتفاضات تونس ومصر، فلا شيء يوقف أطماع قطر نحو النفوذ، وفق ما جاء في كتاب لشينو ومالبرونو: «قطر، أسرار الخزينة».
في حوار له حول الكتاب يقول شينو إن الكتاب يروي كيف اشترى القطريون «مركز كليبر»، أكبر مركز للمؤتمرات في باريس، والذي وقع في غرامه أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني، فدفع فيه ٤٠٠ مليون يورو في حين أن سعر المبنى في سوق العقارات يقدر بـ٣٥٠ مليون يورو، وهي استراتيجية اقتصادية تتّبعها قطر وتقوم على تقديم عروض أسعار أعلى من اسعار السوق بحوالي ٣٠ أو ٤٠ في المئة مستندة على قوتها المالية التي تسمح لها بالاستيلاء على الكثير . ويضيف شينو، يسلّط الكتاب الضوء على دور قطر في الحرب التي دارت في ليبيا، وانتهت بسقوط نظام معمر القذافي، ونكشف كيف أن قطر لم تدعم فقط الثوار بل أيضا قامت بتسليحهم، حتى أن الحكومة القطرية أرسلت قوات خاصة إلى ليبيا.
وفي الشأن السوري من الواضح أن قطر تقوم بتسليح الثوار وتمويل الجماعات المسلحة المعارضة، وليس بالضرورة الجماعات الأكثر ديمقراطية أو الأكثر اعتدالاً. بل إن بعض الجماعات مدعومة من منظمات هي الآن على القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية.
ويضيف الصحفي الفرنسي، عندما نسأل المسؤولون القطريون عن دور بلادهم في دعم الجماعات الإسلامية يقولون: «نحن نريد أن نكون مواكبين للتغيرات التاريخية». الرياح اليوم تهب كما يشتهي الإخوان المسلمون الذين حققوا فوزاً عاما في الانتخابات، في إشارة إلى صعود الإسلاميين في تونس ومصر.
ويخصص الكتاب حيزا مهما للدور القطري في الأحداث الدائرة في سوريا، منذ ما يقرب السنتين، حيث يكشف الصحفيان الفرنسيان أن أمير قطر بات مهوساً بهذا الملف. ويعتبران أن في الأمر معركة شخصية، بمعنى لو نجا الأسد فالشيخ حمد سيدفع الثمن، لذلك يوظف كل طاقته لإسقاطه. وكلام المؤلفين منقول حرفيا عن أحد أبناء عمومة أمير قطر الذي قال: «إذا طال عمر الأزمة السورية فقد يهتز التوازن الداخلي في الدوحة».
وقال كبير مراسلي محطة «فرانس انتر» شينو، إنه تمت مناقشة عدد كبير من الدبلوماسيين الأميركيين والروس والفرنسيين وغيرهم للحصول على تفاصيل كثيرة تضمنها الكتاب . ويضيف «الهدف من الكتابه ليس التهجّم أو البروباغندا وإظهار المعجزة القطرية بل شرح جوانب كثيرة من المسألة المتعلقة بقطر، فالقدرة المالية والثراء الفاحش لهذه الدولة وغيرها من الأمور، أدت إلى طرح أسئلة عن حقيقة شرائها لبعض الشركات، والسلاح».
وعن قناة الجزيرة. قال شينو إنّ هذه الفضائية، تماما كما السلطات التي ترعاها، فقدت حيادها وشعارها «الرأي والرأي الآخر» لصالح الترويج الأحادي وقضية الثوّار في البلدان التي تعصف فيها رياح التغيير. من جانبه تحدّث الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون العربية مالبرونو،، عن تزايد الانتقادات الموجهة إلى حاكم قطر وزوجته خاصة وهي انتقادات حول تعارض مواقفه وسياساته مع العادات والتقاليد القبلية السائدة في ثقافة قطر. وأشار إلى أن هناك غلياناً ومخاوف في قطر واتهامات للأمير بتبذير ثروة البلاد لصالح الشركات الأميركية.