سوريا: انهيار الاتفاق الروسي الأميركي ودخول الـCIA على خط القتال
تركت الوزيرة السابقة هيلاري كلينتون وراءها «سياقاً يقود نحو التدخل عسكرياً في سوريا» ويوجد في الإدارة الأميركية «فريق يعمل على الدفع نحو هذا الاتجاه»، حسب مصادر من المعارضة السورية التي تواصلت مؤخراً مع «المقربين من ملف سوريا في الإدارة الأميركية». ويؤكد مصدر أوروبي هذا التوجه، بينما لا تريد مصادر فرنسية أن ترى في هذا التغيير سوى «اكتساب واشنطن قناعة بأن تسليح المعارضة يسهل الحل السياسي». إلا أنه توجد مفارقة كبيرة بين تسليح المعارضة «كي تدافع عن نفسها ولفرض نوع من التوازن على الأرض» كما قال لـ«أخبار بووم» الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية «فيليب لاليو» وبين التغيير الكامل لمقاربة واشنطن للملف السوري بحيث يصبح «تدخلاً شبه مباشر»، يحتاج حسب قول «لاليو» إلى «قرار من مجلس الأمن».
وقد استشفت الديبلوماسية الروسية هذا التغيير دى الإدارة الأميركية، ما قاد إلى «انهيار التفاهم الروسي الأميركي» ما أدى إلى إلغاء لقاء كان متفقاً عليه في ١٥ الشهر الحالي وعدم تأكيد أي موعد للقاء مقبل للرباعية مع أعضاء مجلس الأمن (٤+٥) التي كان من المفترض أن تبحث المسألة الفلسطينية إلى جانب المسألة السورية، وقد نقل مصدر أوروبي أن «ميخايل بوغدانوف» و«ويليام برنز» كانا قد قررا إعادة صياغة التفاهم الروسي الأميركي المعروف بـ «اتفاق جنيف» إلا أن إلغاء الاجتماع بسبب هذا التغيير الأميركي في المقاربة أطاح بهذه الفكرة.
وتؤكد مصادر المعارضة السورية المذكورة أعلاه أن «التغيير سوف يظهر في الأيام المقبلة» وأن ما كان يحصل سراً سوف يتم الجهر به، ولا تستبعد هذه المصادر أن تعلن الإدارة الأميركية بشكل صريح «دعماً عسكرياً مباشراً للمعارضة». وقد يبدو الأمر وكأنه نتيجة ضغوط في الكونغرس (يمكن أن يصوت الكونغرس على توصية بهذا المعنى) إلا أنه في الواقع كشف عما يحصل سراً في الأردن وتركيا من تدريب لعناصر تابعة للجيش السوري الحر (تقول الأرقام أن مخيمات الأردن تدرب حوالى العشرة آلاف مسلح، بينما يتدرب حوالي ثماني آلاف مسلح في داخل تركيا على يد مدربين أميركيين وبريطانيين في كلا الحالتين، بينما يقوم خبراء فرنسيون بتدريب فرق عمل على استعمال أحهزة تواصل متقدمة وعلى سبل وضع إشارات يمكن أن تلتقطها الأقمار الصناعية لتوجيه القنابل…وهي المرحلة الأولى الإجبارية قبل شن هجوم جوي). ولم تعد تخفي المصادر الأميركية والأوروبية مسألة التدريبات فهي بالنسبة لـ«لاليو» تدخل ضمن سياق ما سمح به الاتحاد الأوروبي أي «أسلحة دفاعية غير قاتلة وتدريبات تقنية».
ويشرح خبير عسكري غربي إن من أهداف هذه اتدريبات «جعل الجيش السوري الحر قادراً على تعبئة الفراغ الذي يمكن أن يحصل في حال انهيار الجيش النظام»، وتفسير هذا بلغة أقل ديبلوماسية هو أن على قوات الجيش السوري الحر التي تدربها القوات الغربية أن تكون قادرة على «احتواء الكتائب الجهادية».
ولكن لن يكون الجيش السوري الحر «المدرب» وحيداً في حربه «غير المعلنة» على جبهة النصرة وأخواتها، ذلك أن وكالة الاستخبارات الأميركية الـ« سي أي إي» (CIA) سوف تزيد من أنشطتها داخل الأراضي السورية وهي على استعداد لاستعمال طائرات من دون طيار لضرب قواد جبهة النصرة الموضوعة على قوائم الإرهاب الأميركية (راجع أخبار بووم انقر هنا) كما سمحت لها القوانين الأميركية التي وافق عليها الكونغرس مؤخراً. وقد أكد هذا التوجه مسؤول أميركي يتابع الملف السوري بقوله لمصادر المعارضة التي التقته «لن نفسح مجالا لجبهة النصرة كي تنمو وتتوسع على حساب الثورة»، ولكنه شدد على أن المستهدف الأول يظل النظام ولمح إلى أن «رأس النظام في بنك الأهداف التي وضعتها السي أي إي» لتسريع الوصول إلى وقف الصراع المدمر للبلد و«انهيار نظمه الأمني» الذي يسمح له بالمقاومة. وكشف خلال الحديث أن الوكالة كانت وراء تفجير مكتب الأمن القومي في دمشق بتاريخ ١٨/تموز/ يوليو من العام الماضي، والتي قضت على أقرب المقربين من رأس النظام بشار الأسد، الذين كانوا يشكلون «خلية الأزمات» حوله. ولم يذكر تحديداً مقتل العالم نبيل زغيب الذي كان المسؤول عن البرنامج الصاروخي السوري، إلا أنه يمكن وضع عدداً كبيراً ممن قضوا اغتيالاً على اللائحة التي تنفذها الوكالة «وراء الخطوط السورية».
وترى مصادر المعارضة المذكورة بأن الويلات المتحدة بدأت بتطيبق استراتيجية مزدوجة مبنية على اغتيالات تستهدف أركان الهيكلية الأمني والسياسية للنظام إلى جانب تدريب عناصر الجيش السوري الحر لتعبئة الفراغ عند انهيار نظام الأسد. إلا أن هذه المصادر تتخوف كثيراً من «دعسة ناقصة» أي حلول الفراغ وانهيار مؤسسات الدولة قبل أن تتمكن المعارضة من استلام مقاليد الحكم بشكل وثيق، ما يجعل الحالة السورية تحاكي الحالة العراقية «بشكل مخيف» حسب وصف هؤلاء المعارضين.