لبنان: الخاسر والرابح من تسمية سلام لرئاسة الوزراء
كتب بسّام الطيارة
في حال صحت التقديرات المبنية على تصريحات سبقت الاستشارات الملزمة لترشيح رئيس للوزراء فإن أسعار القرنفل سوف ترتفع في بيروت، لأن هذه الزهور سوف تعود إلى بيت سلام في المصيطبة في حال اختيار تمام سلام إبن صائب بك سلام لتولي الرئاسة الثالثة.
في حال صحت هذه التوقعات يمكن استخلاص بعض العبر وتوزيع نقاط الربح والخسارة على الأفرقاء السياسيين اللبنانيين من ١٤ أو من ٨ آذار وحتى ما بينهما أي وليد جنبلاط وكتلته.
الخاسر الأول بلا أي شك هو «الجنرال» ميشال عون. هو خاسر إن تبين أن حزب الله كما تفيد معلومات سوف يدعم «بشكل ما» تسمية سلام أو في حال كانت نتيجة مجمل أصوات الحزب والتيار العوني تشير إلى انفراط الاكثرية. هنا سوف ينتبه البعض إلى أن الجنرال أمضى السنتين في «حرتقة سياسية» وأن برنامجه الإصلاحي الذي يدعمه عدد لا بأس به من شرائح الشعب اللبناني غرق في مستنقع السياسة الضيقة. سوف يستفيق الجنرال من كابوس قانون اللقاء الارثوذكسي الذي شكل الفخ الذي أوقع نفسه به. سوف ينتبه إلى حزب الله واكبه في الطرح الارثوذكسي يمكنه أن يقبل قانون الستين أو قانون نسبي أو أي قانون لأن ناخبيه شبه «مؤمنين» بسبب التركيبة الديموغرافية للبلد. القانون الارثوذكسي كان موجهاً لإضعاف تيار المستقبل ورفع يده عن انتخاب بعض المسيحيين ونائب أو نائبين شيعيين. لم ينتبه الجنرال إلى أن غالبية الشعب لا تريد أن تكون السياسة الانتخابية طائفية فقط تزيد من عزلة الطوائف.
الخاسر الثاني بالطبع هو حزب الله. يستطيع أن يعوض حزب الله بدعم سلام بطريقة محايدة، فإبن بيروت لم نتقد ولا مرة واحدة الحزب ولا سلاح المقاومة، كما أن «قصره» يقع في منطقة يتعايش بها عائلات شيعية عديدة تفاعلت مع عائلة البك منذ عقود. إلا أن الخسارة التي لن تعوض ستكون في حال «أعلن الرئيس نبيه بري ترشيح سلام» وهذا ما تتناقله بعض المصادر المقربة منه. في هذه الحالة لن يستطيع الحزب (ولا عون) أن يقول أن «بيضة قبان السياسة اللبنانية» جنبلاط، سقط الأكثرية. في هذه الحالة يمكن استعمال كلمة «انفراط الأكثرية». وهذا ما يفسر التقارب بين الحزب وسعد الحريري (راجع أخبار بووم: انقر هنا)
الخاسر الثالث هو بلا شكل فؤاد السنيورة إذ تبين أن هناك نوع من «فيتو مشترك» ليس فقط من قبل ٨ آذار بل بين تيار المستقبل ولا يتردد أحد المقربين من القول إن «الحلقة الأولى حول سعد الحريري» باتت غير راضية عن توجهات السنيورة السياسية التي أبعدت سعد عن البلد وشجعت السلفيين خصوصاً في صيدا. ومن هنا تم استبعاد اسم محمد قباني «لأنه مقرب من السنيورة» وكذلك نهاد المشنوق.
سعد الحريري ليس بخاسر كبير. فقد خففت خسارته أسباب لا يمسك زمامها. ولكنه الخاسر الرابع فرئاسة الوزراء التي انتزعها الشهيد رفيق الحريري من بيروت عادت إلى عائلة بيروتية لها باع طويل في السياسة (الحريري من صيدا ونقل نفوس عائلته إلى بيروت ليترشح عنها). ثم أن تمام سلام رغم «حضوره إلى بيت ١٤ آذار» فهو لا يعتبر عضواً في ١٤ آذار، وزيارته للمملكة العربية السعودية كانت لمقابلة الأمير بندر أكثر من «تقديم الطاعة إلى سعد». ثم أن دخول شخصية نادي رؤساء الوزراء تعني وجود «منافس محتمل» عند كل تشكيل وزارة.
أما الأسباب المخففة لخسارة سعد الحريري فهي تتمثل في «انتقال» جنبلاط إلى الضفة التي يقف عليها المستقبل أكان في القانون الانتخابي (رفض الارثوذكسي)، أم في اختيار سلام لترشيحه. كما أن هجوم عون على رئيس الجمهورية ميشال سليمان ساهم في تقريب هذا الأخير «ليبدو» وكأنه واقف على نفس الضفة المؤيدة لتمام سلام الوسطي إلى جانب الحريري وجنبلاط و«ظل نبيه بري».
الخاسر الخامس الأحزاب المسيحية (القوات بدرجة أولى والكتائب بدرجة أقل). القوات أثبتت أنها «مربوطة بتيار المستقبل» خصوصاً بعد محاولتها «فرض» الارثوذكسي، وعودتها إلى حوض الحريرية. وهنا ظهرت «العراقة السياسية» للكتائب التي ترددت كثيراً ولم تخسر من خلال ترددها رصيد لبنانيتها الميثاقية. وهنا وجب التذكير أن بيار جميل وصائب سلام والدي أمين جميل وتمام سلام هما من رجال الاستقلال الأوائل.
لا يمكن اعتبار الزعيم الدرزي جنباط رابحاً أو خاسراً فهو حافظ على موقعه «المتقلب» المعروف والمنتظر والمتوقع من قبل المواطن اللبناني المتابع. ولكن تقول مصادر مقربة منه إنه يسعى إلى استيعاب حزب الله وجذبه للوقوف إلى جانب الوسطيين على نفس الضفة. في حال نجح في ذلك، يكون سهل مهمة تمام سلام وربح معركة عزل الجنرال عون ليصبح التيار العوني وحيداً ممثلاً للمعارضة وبعيداً عن الحكم.
نجيب ميقاتي ئيس الوزراء المستقيل لم يربح رغم مروره دورتين في السراي زخماً سياسياً. بقي وكأنه «رئيس وزراء نجدة» يستلم الحكم لفترة قصيرة ريثما تخف المشاجرات بين الأفرقاء أو بغياب أكثرية واضحة. وما أن تستتب الأمور إلا ويعود «رجل سياسي سني» وليس قطباً مؤثراً في ميزان القوى.
نقطة واحدة سوداء يمكن أن توزع على جميع أقطاب السياسة في لبنان الرابح منهم كالخاسر وهي مرورهم أمام الأمير بندر واحداً تلو الآخر قبل نطقهم باسم مرشحهم.