قصة إقالة خالد بن سلطان ٣/٢
بعد شهر من إقالة نائب وزير الدفاع بأمر ملكي بدأت تطفو إلى سطح التداول أسباب فقدان الأمير خالد بن سلطان لحظوته لدى الملك عبدالله بن عبد العزيز. يقول طبيب متقاعد اهتم لعقود خلت بشؤون العائلة بأن «الصراع يدور بين أحفاد عبد العزيز» في إشارة إلى صراع على العرش لا يمكن «إلا أن يكون من نصيب أحد أحفاد مؤسس المملكة الوهابية».
«برس نت» نشرت في الاسبوع الماضي ما تداوله الأوساط المقربة من القصر من تفاصيل حول «اسباب إقالة الأمير خالد بن سلطان» من موقعه كناب لوزير الدفاع «عمه» الأمير سلمان الذي حلّ محل «والده» المغفور له الأمير سلطان (راجع أخبار بووم انقر هنا). اليوم قبل الولوج في تفاصيل «الصراع على العرش» كما يقول الطبيب، سوف نتطرق إلى شخصية الأمير محمد فهد بن عبدالله وسبب اختياره لهذا المنصب رغم أنه تم إعفاءه قبل فترة بسيطة من كافة مناصبه في الجيش السعودي خصوصاً قيادة البحرية.
كما قلنا في الاسبوع الماضي فإن نظرة إلى سيرة نائب الويزر الجديد تشير إلى أنه ليس على «اللائحة الماسية» كما وصفها الطبيب، تلك اللائحة التي تحمل أسماء «أحفاد الملك المؤسس» أي المؤهلين للملك، فجده هو الأمير محمد بن عبد الرحمن أخ الملك عبد العزيز، ووالده الأمير عبدالله بن محمد هو أخ غير شقيق للملك فهد بن عبد العزيز عن طريق أمهما «حصة بنت أحمد السديري»، ووالدته نورة بنت الملك سعود.
ترقى محمد فهد بن عبد الله بحماية الأمير سلطان والد الأمير خالد (!)، الذي كان دائماً يداريه ويحميه، لأنهما حفيدان لجد واحد (عبد الرحمن بن فيصل) وجدة واحدة (حصة السديري) والدة فهد وسلطان. وتدرج في المناصب حتى وصل لمنصب قائد القوات البحرية وظل يدير شؤون بحرية المملكة الوهابية ثماني سنوات «من سنة 2002 إلى سنة 2010».
وفي الواقع فإن محمد فهد بن عبد الله لم يكن يفقه شيئاً في الشؤون العسكرية رغم تخرجه مم كلية عسكرية. كما أنه لم يكن على دراية بفنون البحرية رغم أن «تخصصه كان في فرع البحرية». ويقال إنه «لم يركب البحر إلا في يخوت المليونيرية»، ويقول عن المغرد الشهير «مجتهد»:«لم يركب البحر ولا يعرف فنون الملاحة ولا الهندسة البحرية ولا يعرف الاتصال والإمداد البحري ولا أي تخصص آخر له علاقة بالعسكرية البحرية».
ويقال إن الأمير خالد لم ينزعج بداية مع تعين محمد فهد بن عبدالله في هذا المنصب الذي يقع «نظرياً» تحت سلطة والده…أي سلطته هو. ولكن نائب الوزير كان يقول في مجالسه الخاصة إنه «أمسك بكافة الصفقات العسكرية… ما عدا الصفقات البحرية». وعندما فاحت روائح الصفقات التي كان يستفيد منها محمد فهد بن عبدالله قرر خالد «الانتهاء» منه حسب قول الطبيب. فأقنع والده سلطان بإقالته في عام ٢٠١٠.
يقول المغرد مجتهد إن «محمد فهد بن عبدالله بات من أصحاب المليارات» خلال هذه الفترة. وبالطبع يعرف الجميع أنه اشترى نصف أسهم نادي ليفربول الانجليزي بمليار ونصف جنيه استرليني.
بدأت الصفقات الكبرى مع «مشروعي صواري 1 وصواري 2» وهي الصفقات التي تسببت بمشاكل جمة للفرنسيين بسبب العمولات والتي ما زالت التحقيقات بها في أيدي العدالة الفرنسية (راجع أخبار بووم انقر هنا).
والمشروعان حسب المعلومات المتوافرة يشتملان على ٩ سفن و٤ أسراب حوامات عمودية (دلفين –سوبر بوما) وتكلفتهما الحقيقية لا تساوي خمس التكلفة التي دفعتها وزارة الدفاع. حسب قول «مجتهد»، الذي يروي كيف أسس محمد بن عبدالله «مصنعا للزوارق السريعة» ليورد منها للبحرية السعودية ويتابع بأنه «قبض من الوزارة قيمة ٢٠ زورقاً ولم يسلم منها إلا ٨ زوارق غير صالحة للاستعمال» حسب قوله. كما يقول أنه «تعهد» تجديد ٤٥٠ عربة برمائية لحساب القيادة البحرية واكتفى بطلاء خارجي لها.
واللافت أن محمد فهد بن عبدالله وثق علاقته بالشركات الفرنسية ومنها شركة (DCNS) لبناء السفن وشركة (NAVCO) للتدريب البحرى وشركة (THALES) للانظمة القتالية والالكترونية، وهو ما أمن له عمولة على كافة الصفقات المتعلقة بالتوريدات للقوات البحرية وحتى عقود التدريب وبيع قطع الغيار، حتى وصل الأمر إلى الإشارة إليه بـ«مسيو ١٠ في المئة» من قبل الفرنسيين.
وكان يمثله في هذه الصفقات اللواء البحري إبراهيم العبدالكريم الذي أراد الحصول على الجنسية الفرنسية رغم مركزه العالي في القوات المسلحة السعودية، وهو ما تسبب بإحالته على التقاعد. إلا أنه ما زال يمثل مصالح نائب الويزر في فرنسا حيث يقيم، وبالطبع سوف يسعد الفرنسيون من عودة محمد بن عبدالله إلى الوزارة في هذا المركز العالي.
السؤال المتداول منذ وصول نائب الوزير إلى هذا المنصب هو: سيؤول بالوزارة في عهده؟
أول قرار اتخذه كان تغيير أثاث وفرش مكتب وإزالة كل آثار النائب السابق أي الأمير خالد وكما هو متوقع فقد أعطي المكتب الجديد تلوينة فرنسية. وكما يقال فإن صدفة خير من ألف ميعاد فقد صادف تعيين محمد فهد بن عبد الله مع وجود وفد عسكري فرنسي رفيع المستوى. ومن المرشحين للعودة إلى الوزارة في ركابه إلى جانب إبراهيم العبدالكريم نجد صالح السديس وإبراهيم المقرن وعبد الرحمن الماضي، ولهؤلاء حسب «مجتهد» باع طويل في التعاون المشترك في الشؤون البحرية العسكرية.
اللواء بحري صالح السديس كان رئيس هيئة استخبارات القوات البحرية وكان وراء صفقات شراء كاميرات أمنية من شركة «إشارة» التي يديرها أردنى متجنس يدعى «عبدالله العزام». بينما اللواء بحرى ابراهيم المقرن كان آخر مناصبه رئيس هيئة إمداد وتموين القوات المسلحة وقام (حسب قول مجتهد والله أعلم) بالعديد من المخالفات بحق عدد من الضباط إبان توليه منصب مدير إدارة ضباط القوات البحرية. اللواء بحري المتقاعد عبدالرحمن الماضى كان مدير إدارة الحرب الالكترونية السابق فى البحرية وهو من ضع المواصفات الفنية للأنظمة في سفن القوات البحرية، ويقال إنه راعى في ذلك تصميمات لا يمكن تنفيذها إلا من قبل الشركات التي يتعامل معها سيده محمد فهد بن عبد الله .
ومن المشاريع التي ينتظر أن يبدأ بالعمل على دفعها نحو التنفيذ «المرحلة الثانية من مشروع تطوير القوات البحرية» والذي لن تقل تكلفته عن٧٠ مليار ريال. كما أنه من المنتظر البدء بالمرحلة الثانية من مشروع الغواصات الذي أصبح جاهزاً بعد انتهاء المسح الجغرافى والتوصل الى موقعين فى البحر الأحمر هي جزر فرسان وراس محيسن، مع تكلفة للمشروع تقدر بـ ٤٠ مليار ريال لشراء ٤ غواصات إضافة لمشروع بناء البنية التحتية لاستقبال هذه الغواصات والتي تقدر كلفتها بـ ٤٠ مليار ريال أيضاً.
بالطبع يتوقع الجميع أن تكون فرنسا موردة هذه الغواصات إذ أن محمد فهد بن عبدالله كان قد اتفق مع باكستان على إرسال فرق سعودية للتدريب على الغواصات الفرنسية التي يتم بناءها هناك من قبل شركة DCNS الفرنسية، والتي كما يعلم الجميع تسبب عدم دفع عمولاتها بتفجير إرهابي قتل عدداً من المهندسين الفرنسيين (راجع أخبار بووم انقر هنا).