صراع «سني – شيعي» يصل إلى مصر
قتل مئات من أهالي قرية زاوية أبو مسلم في مركز أبو النمرس في محافظة الجيزة القيادي المصري الشيعي حسن شحاتة (66 عاما) وشقيقه واثنين آخرين ثم سحلوهم حتى مدخل القرية، كما أفاد شهود (شاهد الفيديو انقر هنا).
وقال شهود عيان ومصادر أمنية لوكالة فرانس برس ان مئات من اهالي قرية زاوية ابو مسلم في مركز ابو النمرس في محافظة الجيزة حاصروا واعتدوا على منزل احد شيعة القرية بعدما علموا بتواجد القيادي المصري الشيعي حسن شحاتة فيه برفقة اخرين. وحاول الاهالي حرق المنزل المتواجد في حارة ضيقة بزجاجات المولوتوف لكنهم فشلوا في ذلك.
وأسفر الاعتداء عن مقتل شحاتة وشقيقه واثنين آخرين وجميعهم من خارج القرية، بالاضافة الى إصابة خمسة اشخاص آخرين.
ويعد الشيخ حسن شحاتة (66 عاما) احد ابرز القيادات الشيعية في البلاد، وقد سجن مرتين خلال عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتهمة ازدراء الاديان، بحسب ما أكد عدد من أتباع هذا المذهب لوكالة فرانس برس. وقال الشيعي ضياء محرم باكيا إن «شحاتة كان يحضر إحتفالا دينيا مع شيعة القرية بمناسبة ليلة النصف من شعبان». وقال النجار ياسر يحيى لفرانس برس «عندما علم الاهالي أن حسن شحاتة في القرية طلبوا من صاحب المنزل تسليمه لهم، لكنه رفض ما جعلهم يهاجمون المنزل».
وأضاف أن «الأهالي أحضروا مطارق ضخمة وهدموا جزءاً من حائط المنزل وأخرجوا الشيعة واحداً تلو الاخر ثم قتلوهم ضرباً في تلك الساحة»، مشيراً إلى ساحة كبيرة أمام ورشته شهدت واقعة السحل والقتل. وقال مصمم الأثاث سامح المصري «حاولت إنقاذهم لكن الأهالي كانوا مصممين على قتلهم»، وتابع «سحلوهم حتى مدخل القرية.. لقد كانت لحظات بشعة».
وقال شهود عيان لفرانس برس أن مئات الاهالي كانوا يرددون «الله اكبر.. الله اكبر» و «الشيعة كفار» اثناء الاعتداء على الشيعة وسحلهم في الشارع. وسحل الاهالي الجثث إلى خارج القرية حتى سيارات الأمن المركزي التي نقلت الجثث الاربع الى المشافي، بحسب شهود عيان.
وهناك نحو عشرين أسرة شيعية في قرية ابو مسلم. ويتهم الأهالي القيادي الشيعي شحاتة بنشر المذهب الشيعي بين أهلها.
وقال أحد أهالي القرية لفراني برس طالبا عدم ذكر اسمه إن «الغضب كبير ضد شحاتة لانه تسبب في اعتناق عدد من شباب القرية للمذهب الشيعي مؤخراً».
ولم يظهر الأهالي أي ندم أو خجل من الواقعة، لا بل أن شباب القرية راحوا يتبادلون في ما بينهم مقاطع فيديو لسحل الشيعة الاربعة بفخر وحماس واضح.
وقال المدرس محمد اسماعيل وهو يجلس امام منزله »نحن سعداء بما حدث. وكنا نتمنى ان يحدث منذ زمن». وعادة ما يجد العنف الطائفي والمذهبي بمصر أرضا خصبة في المناطق القروية خارج المدن مثل قرية أبو مسلم الفقيرة والعشوائية.
ويتهم الشيعة الدولة في مصر بعدم توفير الحماية لهم خاصة من مضايقات وتحريض السلفيين مذهبياً ضدهم. كما يشكون تعرضهم لتحريض مذهبي علني في القنوات الدينية. وخلال مؤتمر حاشد للاسلاميين عقد قبل اسبوع لـ«نصرة سوريا» بحضور الرئيس محمد مرسي، تحدث احد قيادات الحركة السلفية الشيخ محمد عبد المقصود، واصفا بـ«الانجاس من يسبون صحابة النبي»، في اشارة واضحة الى الشيعة.
وقال بهاء أنور، المتحدث باسم شيعة مصر لفرانس برس «احمل الرئيس مرسي المسؤولية كاملة لما حدث لان هناك تحريضا طائفياً مستمراً ضد الشيعة في زاوية أبو مسلم منذ اسبوعين ولم يتدخل أحد رغم ابلاغنا السلطات». وتابع أنور «الدولة تتخاذل مع دعوات التحريض ضدنا بل وتتبناها. ما حدث نتيجة لتحريض منظم ضد الشيعة في مصر وتشترك فيه الدولة»، وأضاف إن «الشرطة لم تحم الشيعة المحاصرين رغم تواجدها في القرية». وقال بائع الطيور عبد الله حجازي إن «الشرطة كانت موجودة خلال الاعتداء لكنها لم تتدخل لمنعه».
لكن اللواء عبد العظيم نصر الدين، نائب مدير أمن الجيزة، قال لفرانس برس «حاولنا التدخل لكن التجمهر الكبير للاهالي والشوارع الضيقة منعتنا من التقدم لتفريق الحشود». وتابع وهو جالس بين قواته خارج القرية «الاهالي هاجمونا بالشوم والسنج (السكاكين) ما اضطرنا للانسحاب».
واكد اللواء نصر الدين ان «الشرطة نجحت في اخراج 25 شيعيا من المنزل المحاصر وهو ما قلل من عدد الضحايا». وحتى الساعة لم يصدر اي تعليق رسمي من الحكومة على الحادث.
وقال مصدر أمني انه أجرى تحديد هوية بعض المتسببين في الحادث» والتحقيق جار للتحري والتاكد من تورطهم في الاحداث.
وقد أدانت الرئاسة المصرية حادث مقتل المواطنين الأربعة، وشددت الرئاسة في بيان رسمي على رفضها التام لمثل «هذه الأعمال الإجرامية، وأكدت أنه تم توجيه أجهزة الدولة المعنية لملاحقة وضبط مرتكبي هذه الجريمة النكراء وسرعة تقديمهم للعدالة». وحذرت الرئاسة بأن السلطات «لن تتهاون أبدا» مع كل من يحاول العبث بأمن واستقرار البلاد أو النيل من وحدة المجتمع المصري.
في أول رد فعل له على الحادث، أكد الأزهر الشريف أنه يُتابع بقلق شديد الأحداث الدامية التي وقعت في قرية ” زاوية أبو مسلم “. وشدد الأزهر في بيان له على حرمة الدماء المصرية محذرا من «الأحداث الغريبة التي يراد بها النيل من استقرار الوطن في هذه اللحظات الحرجة وجره إلي فتن لابد الانتباه إليها»، وطالب الجهات المعنية بضرورة التحقيق الفوري في هذه الأحداث وإنزال أشد العقوبات بمن يثبت جرمه.
وتحمل المعارضة بمعظم تياراتها وفصائلها القيادة السياسية المسؤولية عن هذه الأحداث.
واتهمت المعارضة “الخطاب الطائفي والمذهبي الذى سكتت عنه القيادة السياسية” بأنه “الدافع الرئيسى لهذه الجريمة البشعة والتى سهل حدوثها حالة التراخي الأمني”.
من جهته قال الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور الليبرالي المعارض في تغريدة على صفحته على موقع تويتر ان «قتل وسحل مصريين بسبب عقيدتهم نتيجة بشعة لخطاب ديني مقزز ترك ليستفحل».
وتكررت جرائم القتل والسحل في الشارع مؤخرا في مختلف المدن المصرية وخصوصا في الدلتا، وتشهد مصر أزمات امنية منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. وتنتمي الأغلبية الساحقة من المسلمين في مصر للمذهب السني، علماً بان العاصمة القاهرة اسستها الدولة الفاطمية الشيعية التي حكمت مصر لسنين قبل نحو ألف عام.
ولا يوجد إحصاء دقيق معلن لعدد الشيعة في مصر. وبحسب تقرير الحريات الدينية الذي اصدرته الخارجية الاميركية في العام 2006 فان الشيعة يشكلون أقل من 1% من عدد سكان مصر البالغ في حينه 74 مليون نسمة اي نحو 740 الف شخص.
وظهرت بوادر تشدد مذهبي في مصر مع الصعود السياسي للحركات السلفية التي حصلت على أكثر من 20 في المئة من مقاعد البرلمان المصري في أول انتخابات تشريعية بعد اسقاط حسني مبارك عام 2011. وانتشر أخيرا توزيع سلفيين لمنشورات وكتيبات تحذر من الخطر الشيعي ومحاولة الشيعة نشر مذهبهم في مصر.
في هذه الأثناء، أمرت نيابة جنوب الجيزة بالقبض على 15 من المشتبه بهم في هجوم « زاوية أبو مسلم» وذلك بعدما استمعت إلى أقوال شهود الواقعة.