فشل مهمة كيري في فلسطين
اكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الاحد “عدم حدوث اختراق” في جهود وزير الخارجية الاميركي جون كيري لدفع الفلسطينيين والاسرائيليين للعودة الى طاولة المفاوضات بينما تحدث كيري عن تسجيل “تقدم حقيقي”. وامضى كيري الايام الاربعة الاخيرة في تنقلات مكوكية بين القيادتين الاسرائيلية والفلسطينية في محاولات لاقناع الجانبين بالعودة الى طاولة المفاوضات بعد تعثرها منذ نحو ثلاث سنوات.
ولكن بعد نحو 13 ساعة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وست ساعات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، انتهت جهود كيري من دون احراز تقدم ملحوظ.
وقال عريقات في مؤتمر صحافي عقب لقاء كيري مع الرئيس الفلسطيني في رام الله “كان لقاء ايجابيا وعميقا مع الرئيس عباس ولكن لم يحدث اختراق حتى الان وما زال هناك فجوة بين الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي”. بينما قال كيري وهو يقف بجانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، عقب لقائهما الثالث في ثلاثة ايام “اتفقنا على اننا احرزنا تقدما حقيقيا ولكن لدينا بعض الامور التي يتوجب العمل عليها”. واضاف كيري “كلانا لديه شعور جيد حول اتجاه (المحادثات)”.
وفي مطار بن غوريون، قال كيري للصحافيين قبيل توجهه الى بروناي “انا سعيد باخباركم باننا احرزنا تقدما حقيقيا في هذه الرحلة واعتقد انه بالمزيد من العمل فان بداية مفاوضات الحل النهائي ستكون في متناول اليد”. واضاف “لقد بدانا مع فجوات عميقة للغاية وقمنا بتقليصها بشكل ملحوظ” مؤكدا ان الفجوات اصبحت “ضيقة للغاية”. وبحسب كيري “لدينا تفاصيل محددة ونعمل لمواصلتها ولكنني واثق للغاية باننا على الطريق الصحيح وبان كافة الاطراف تعمل بايمان شديد باننا سنصل الى المكان الصحيح”.
وقالت مصادر فلسطينية والقناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي ان الوزير الاميركي سيعود الى المنطقة “خلال بضعة ايام”. وانتهى اجتماع كيري ونتانياهو قرابة الساعة الرابعة فجرا (01,00 تغ) في احد الفنادق في القدس الغربية.
وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان كيري فشل في هدفه في دفع الطرفين للعودة الى طاولة المفاوضات المباشرة بعد تعثرها منذ نحو ثلاث سنوات. وفي الوقت نفسه، اعلنت وسائل اعلام اسرائيلية الاحد ان بلدية القدس الاسرائيلية ستعطي الاثنين الضوء الاخضر لمرحلة جديدة من مشروع بناء 930 وحدة سكنية استيطانية في القدس الشرقية، لكن تعذر الحصول على تأكيد رسمي للنبأ.
واثار هذا الاعلان غضب الفلسطينيين. وقال عريقات لوكالة فرانس برس “هذا رد نتانياهو على كل ما قاله كيري وما حمله من افكار وما بذله من جهود”. واضاف “نحن من طرفنا الفلسطيني بذلنا كل جهد ممكن لانجاح كيري لكن من الواضح ان نتانياهو وضع اليوم، من خلال قرار بناء 930 وحدة استيطانية في جبل ابو غنيم في القدس الشرقية، 930 عقبة في طريق جهود الوزير كيري”.
ويطالب عباس باطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين القدامى كاشارة الى التزام اسرائيل بالسلام بالاضافة الى ازالة بعض الحواجز في الضفة الغربية والقبول بالتفاوض على اساس مبدأ الانسحاب من الاراضي التي احتلتها الدولة العبرية في 1967.
وبحسب اذاعة الجيش فان نتانياهو مستعد للنظر في الشرطين الاوليين لكن بعد انطلاق المفاوضات وحتى بعد ذلك بمراحل. وترفض اسرائيل حتى الان القبول بحدود عام 1967 كمرجعية للتفاوض.
وكان كيري الذي اختتم زيارته الخامسة للمنطقة منذ توليه منصبه في شباط/فبراير الماضي، جعل من اعادة اطلاق محادثات السلام في الشرق الاوسط احدى اولوياته.
ومن المقرر ان يتوجه الاثنين الى بروناي للمشاركة في منتدى رابطة دول جنوب شرق آسيا (اسيان) التي سيلتقي على هامشها نظيره الروسي سيرغي لافروف للبحث في الازمة السورية وقضية الاميركي ادوارد سنودن العالق في منطقة الترانزيت بمطار موسكو والمطلوب في الولايات المتحدة بتهمة التجسس.
وليل السبت الاحد عقد كيري اجتماعا طويلا مع نتانياهو ومساعديه الكبار حيث تحدثا بحسب مسؤول اميركي عن “مجموعة واسعة من القضايا المتصلة بعملية السلام”.
وكانت علاقة نتانياهو متوترة مع باراك اوباما خلال ولايته الرئاسية الاولى اذ رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي الدعوات لتجميد البناء الاستيطاني من اجل اعادة احياء مفاوضات السلام. وكانت اسرائيل قامت بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة لمدة عشرة اشهر انتهت في ايلول/سبتمبر 2010. وعقد آخر اجتماع بين طرفي النزاع في ايلول/سبتمبر 2010 وتوقفت المفاوضات خلاله بسرعة بينما اكد عباس ان اسرائيل لم تكن جادة.
ويصف بعض الوزراء نتانياهو بالبراغماتي لكن ائتلافه الحكومي مؤلف من متشددين يرفضون قيام دولة فلسطينية. وكان وزير الاقتصاد نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي القومي المتطرف وصف القضية الفلسطينية “بالشظية في المؤخرة” مشيرا الى انها مشكلة يجب على اسرائيل ان تتعايش معها. لكنه هدد بالانسحاب من الحكومة في حال وافقت الاخيرة على قيام دولة فلسطينية.
وتطالب السلطة الفلسطينية اسرائيل بتجميد البناء الاستيطاني في المستوطنات اليهودية في الاراضي المحتلة والقبول بالتفاوض على اساس مبدأ الانسحاب من الاراضي التي احتلتها في 1967. من جهته، يرفض نتانياهو اي “شروط مسبقة” للتفاوض.