انقلاب مصر: وجهات نظر متباينة في الشرق الأوسط
قسمت الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي الشرق الأوسط يوم الخميس حيث أدانه حكام تونس الإسلاميون بوصفه انقلابا بينما رحب به زعماء دول الخليج.
وعبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما إزاء الاطاحة بالرئيس المنتخب مرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها وطالبا بالعودة سريعا إلى الديمقراطية. لكنهما لم يصلا إلى حد وصف ما حدث في مصر بأنه “انقلاب” وهو ما يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات.
وقال مصدر كبير بالاتحاد الافريقي لرويترز إن من المرجح ان يعلق الاتحاد عضوية مصر بسبب “تغيير غير دستوري”.
وجاء رد فعل الحكومات في أنحاء الشرق الأوسط على الإطاحة بمرسي معبرا عن تأييدها أو رفضها للإسلام السياسي.
وقال الرئيس التونسي منصف المرزوقي اليوم “تدخل الجيش امر مرفوض تماما ونحن نطالب مصر بتأمين الحماية الجسدية لمرسي”.
وقالت حركة النهضة الاسلامية التي تقود الحكومة في تونس اليوم انها “ترفض ما حدث من انقلاب سافر وتؤكد أن الشرعية في مصر هي واحدة ويمثلها الرئيس محمد مرسي دون سواه.”
ويشبه صعود حركة النهضة صعود الاخوان المسلمين إلى حد كبير حيث وصلت كل منهما إلى السلطة بعد انتفاضة شعبية أطاحت بحاكم علماني مستبد في 2011. ومنذ ذلك الحين اتسع في تونس ايضا الشقاق بين العلمانيين والإسلاميين الذي ساعد في سقوط مرسي.
وانتقدت تركيا الجيش المصري بشدة وقالت إن الاطاحة بمرسي “غير مقبولة” وهو موقف يختلف بوضوح عن موقف شركائها المحتملين في الاتحاد الاوروبي الذي تجنب الاسئلة المتكررة عما اذا كان ما حدث انقلابا عسكريا.
وقال أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي للصحفيين في اسطنبول “من غير المقبول الإطاحة بحكومة جاءت الى السلطة من خلال انتخابات ديمقراطية عبر وسائل غير مشروعة بل وبانقلاب عسكري”.
وبالنسبة لدول الخليج العربية التي تعتبر مصر حليفا استراتيجيا في مواجهة أي تهديد من جانب إيران قوبل تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور رئاسة البلاد لفترة انتقالية بالتهنئة والارتياح.
وقال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في برقية إلى منصور “لقد تابعنا بكل تقدير وارتياح الإجماع الوطني الذي تشهده بلادكم الشقيقة والذي كان له الأثر البارز في خروج مصر من الأزمة التي واجهتها بصورة سلمية تحفظ مؤسساتها وتجسد حضارة مصر العريقة وتعزز دورها العربي والدولي.”
ونقل عن الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت إشادته بالقوات المسلحة المصرية على “الدور الإيجابي والتاريخي” الذي قامت به في الحفاظ على الاستقرار.
وبعث العاهل السعودي الملك عبد الله برسالة تهنئة يوم الاربعاء. ورحبت قطر التي كانت الدولة الوحيدة من بين دول الخليج العربية التي تساند جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي بالرئيس الجديد يوم الخميس.
وذكرت وكالة الانباء القطرية ان امير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعث ببرقيات تهنئة لمنصور.
وكانت قطر ممولا رئيسيا للجماعات الإسلامية في مختلف ارجاء العالم العربي وقدمت مساعدات بمليارات الدولارات لمصر منذ ثورة عام 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك.
وقال العراق إنه يقف إلى جانب الشعب المصري ومستعد لتطوير العلاقات بين البلدين لأعلى مستوى.
وجاء رد فعل إيران التي سعت لتحسين علاقاتها مع مصر منذ انتخاب مرسي قبل عام حذرا حيث دعت الى تنفيذ “المطالب المشروعة” للشعب وحذرت من “الانتهازية الخارجية وانتهازية العدو”.
وزار مرسي طهران في واحدة من أوائل زياراته الرسمية للخارج لكن كلا من البلدين يساند طرفا مختلفا في الصراع الدائر في سوريا والذي تحول بدرجة كبيرة إلى صراع طائفي.
ونقلت وكالة انباء فارس الإيرانية عن عباس عراقجي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قوله “بالتأكيد ستحمي الأمة المصرية الصامدة استقلالها وعظمتها من الانتهازية الخارجية وانتهازية العدو أثناء الظروف الصعبة التي تعقب ذلك.”
وحثت سوريا التي تقاتل لقمع انتفاضة اندلعت قبل عامين ضد الرئيس بشار الأسد مرسى على التنحي أمس الاربعاء وقال وزير الإعلام عمران الزعبي لوكالة الأنباء الرسمية إنه يجب أن يدرك أن الأغلبية الساحقة من الشعب المصري ترفضه.
وتجنبت حكومة إسرائيل إظهار أي مشاعر ارتياح يوم الخميس بعد الإطاحة بالرئيس المصري لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر عن أمله في أن يؤدي تولي منصور الرئاسة إلى استئناف الاتصالات المجمدة بدرجة كبيرة مع الحكومة المصرية.
وقال عضو الكنيست المخضرم تساحي هنجبي المقرب من رئيس الوزراء لراديو الجيش الإسرائيلي “أحداث الأمس تقوي الشعور بأننا ربما تجاوزنا الفترة السيئة وربما تكون هناك فرصة الآن لعلاقات دبلوماسية مع من سيتولي حكم مصر في المستقبل القريب أيا كان.”
وشعرت بعض الدول الغربية بالقلق بشأن تنحية الجيش للرئيس.
وقال نائب المستشار النمساوي ووزير الخارجية مايكل شبيندلجر في بيان “تنحية الجيش للرئيس مرسي المنتخب ديمقراطيا أمر مثير للشكوك. التدخل العسكري لحل الصراعات أمر غير مقبول في النظام الديمقراطي.”
وقال الامين العام لحلف شمال الأطلسي الجنرال اندرس فو راسموسن “أشعر بقلق عميق من الوضع في مصر.”
وعبر الرئيس الامريكي باراك اوباما عن قلقه العميق لقيام الجيش المصري بعزل الرئيس لكنه لم يدن هذه الخطوة وهو ما كان يمكن ان يؤدي الي قطع الجانب الاكبر من المساعدات الامريكية الي مصر.
وقال أوباما في بيان “انا الان ادعو الجيش المصري إلى التحرك بسرعة وبروح المسؤولية لاعادة السلطة كاملة الي حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا في أقرب وقت ممكن من خلال عملية شاملة وشفافة.”
واسعدت الاطاحة بمرسي الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يتزعم حركة فتح المختلفة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.
وأشاد عباس بالجيش المصري قائلا إنه “منع انزلاقها (مصر) إلى مصير مجهول”.
وجاء رد فعل حماس خافتا حيث قال إيهاب الغصين المسؤول بالحركة لرويترز إنهم يدعون الله أن يحفظ أمن واستقرار مصر وشعبها ويعصم دماء المصريين.