تونس: الآلاف يطالبون بحل البرلمان
تظاهر عشرات الالاف مساء امس الثلاثاء أمام مقر المجلس التأسيسي (البرلمان) في العاصمة تونس مطالبين بحل المجلس والحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية فيما اعلن رئيس البرلمان تعليق جلساته العامة الى حين حل الازمة السياسية الخانقة التي فجرها اغتيال نائب معارض نهاية الشهر الجاري.
وقال مسؤول امني لمراسلة وكالة فرانس برس ان عدد المتظاهرين الذين احتشدوا ليلا امام مقر البرلمان في مدينة باردو بلغ 40 ألفا حتى الساعة 22.20 (21.20 ت.غ). وبعد ساعات، انضمت حشود كبيرة إلى هؤلاء بحسب مراسلة فرانس برس.
ونقلت وسائل اعلام تونسية عن منظمي التظاهرة ان عدد المشاركين فيها تراوح بين 100 و200 ألف. ولم يتسن التأكد من صحة هذه الاحصائيات من مصادر مستقلة.
وقال مراقبون ان هذا اكبر حشد تنظمه المعارضة ضد حركة النهضة التي وصلت الى الحكم اثر فوزها في انتخابات 23 تشرين الأول/ اكتوبر 2011.
وتعيش تونس ازمة سياسية خانقة منذ اغتيال النائب المعارض بالبرلمان محمد البراهمي (58 عاما) الذي قتل أمام منزله في العاصمة تونس يوم 25 تموز/ يوليو الماضي بعد اقل من 6 اشهر من اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد (48 عاما) في السادس من فبراير/ شباط.
واثر اغتيال البراهمي، جمد اكثر من 60 نائبا معارضا عضويتهم في المجلس التأسيسي وطالبوا مع احزاب معارضة بحل المجلس والحكومة التي تقودها حركة النهضة وبتشكيل حكومة “إنقاذ وطني” غير متحزبة. ورفضت حركة النهضة هذه المطالب.
وكانت احزاب المعارضة دعت الى التظاهر ليل امس امام المجلس التأسيسي بمناسبة مرور 6 اشهر على اغتيال شكري بلعيد.
وتأججت الازمة السياسية في تونس يوم 29 تموز الماضي عندما قتل مسلحون في كمين نصبوه لدورية للجيش بجبل الشعانبي (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر، ثمانية عسكريين وسرقوا اسلحتهم ولباسهم النظامي بعدما ذبحوا 5 منهم.
وأمس، أعلن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي الامين العام لحزب “التكتل” وهو احد شريكين علمانيين في الحكم لحركة النهضة الاسلامية، تعليق الجلسات العامة للمجلس الى اجل غير مسمى بسبب الازمة السياسية في البلاد.
وقال بن جعفر في خطاب توجه به الى التونسيين عبر التلفزيون الرسمي “اتحمل مسؤوليتي كرئيس للمجلس الوطني التأسيسي لأعلق اشغال المجلس الى حدود انطلاق الحوار (بين الفرقاء السياسيين)، وأنا اقوم بهذا خدمة لتونس، هدفي الوحيد هو تونس، هو ضمان وتأمين الانتقال الديموقراطي”.
وأمام مقر البرلمان، ردد المتظاهرون وبينهم اعداد كبيرة من النساء شعارات من قبيل “الشعب يريد اسقاط النظام” واخرى معادية لحركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي رافعين الأعلام التونسية وصور محمد البراهمي وشكري بلعيد.
وقال علي العريض رئيس الحكومة والقيادي في حركة النهضة في خطاب ألقاه امام البرلمان ان “كثرة التحركات والتجمعات (التظاهرات) هي تشويش لعمل السلك الامني وإكراه له على التواجد في المواقع غير المواقع التي يجب ان يكون فيها حيث (مكافحة) العمليات الارهابية”.
والسبت الماضي شارك عشرات الالاف في تظاهرة امام مقر الحكومة، وسط العاصمة، دعت اليها حركة النهضة وأطلقت عليها اسم “مليونية بوحدتنا ننجح ثورتنا”.
واعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو (مستقل) امس ان اجهزة الامن اعتقلت 46 شخصا وانها تلاحق 58 آخرين بينهم 13 اجنبيا ينتمون الى “كتيبة عقبة بن نافع” المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي والتي يتحصن بعض أفرادها في جبل الشعانبي من ولاية القصرين (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر.
وقال الوزير خلال جلسة عامة نظمها البرلمان لمساءلة الحكومة حول الوضع الامني في البلاد ان “مجموع المودعين (بالسجن) من كتيبة عقبة بن نافع 46” بينهم “خمسة من الجناح العسكري وهم من اخطر الارهابيين” و”14 شخصا ممن كانوا يمدونهم بالتموين والدعم اللوجستي”.
واوضح ان تسعة من بين الموقوفين اعتقلوا في جبل الشعانبي وانهم مدوا اجهزة الامن بهويات كامل عناصر الكتيبة.
وتابع الوزير أن الملاحقين “من الكتيبة ذاتها هم 13 بينهم ثلاثة أجانب متهمون بادخال الاسلحة، و31 هم الآن في الجبال بينهم 10 أجانب، واربعة ضالعين في التمويل، وسبعة منتمين للتنظيم وثلاثة من الجناح العسكري (للتنظيم) وعددهم في النهاية 58”. ولم يكشف وزير الداخلية عن جنسيات “الاجانب”.
وكان لطفي بن جدو اعلن في وقت سابق ان كتيبة عقبة بن نافع تضم جزائريين وان بعض عناصرها قدموا من مالي.
وفي 21 كانون الاول/ ديسمبر 2012 كشف رئيس الحكومة الحالي علي العريض وكان حينها وزيرا للداخلية، ان “كتيبة عقبة بن نافع” سعت الى اقامة معسكر في جبال القصرين وتكوين خلية في تونس تابعة للقاعدة بهدف تنفيذ “اعمال تخريبية” واستهداف “المؤسسات الأمنية”.
وكانت الكتيبة تنوي “القيام باعمال تخريبية (في تونس) تحت عنوان الجهاد او احياء الجهاد وفرض الشريعة الاسلامية (..) واستقطاب عناصر شبابية متبنية للفكر (الديني) المتشدد لتدريبها عقائديا وعسكريا (..) وارسالها للتدرب في معسكرات تابعة للقاعدة في ليبيا والجزائر” بحسب علي العريض.