المانيا تنتخب أعضاء البوندستاغ الشهر المقبل
معمر عطوي
تستعد الأحزاب الألمانية لاستحقاق الانتخابات البرلمانية الاتحادية، حيث سيختار الشعب الألماني ممثليه في البوندستاغ (البرلمان الألماني) في دورته الثامنة عشرة في 22 ايلول المقبل.
ويبدو التنافس بين الاتحاد المسيحي الديموقراطي CDU وشقيقه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي من جهة وبين SPD الحزب الاشتراكي الديموقراطيCSU، بينما يدور التنافس بين أحزاب المستوى الثاني مثل حليف الاتحاد السميحي في الائتلاف الحاكم الحزب الديموقراطي الحر FDP وحزب الخضر وحزب اليسار، بينما يبقى حزب القراصنة وحزب البديل وأحزاب أخرى في أسفل القائمة.
وفيما يتولى حزبا CDU وFDP الحكم منذ العام 2009، في ائتلاف يقوده الحزب الديموقراطي المسيحي برئاسة المستشارة أنغيلا ميركل ومشاركة شقيقه البافاري، مع الحزب الحر، تُظهر آخر استطلاعات الرأي وفق جدول بياني تنشره صحيفة SPIEGEL ON LINE، أن الاتحاد المسيحي بشقيه الاتحادي والبافاري لا يزال في أعلى القائمة، إذ يحظى بـ 38 في المئة من الأصوات، بينما لا يحظى منافسه الاشتراكي سوى بـ 26.6 في المئة، لكن اللافت هو صعود “الخضر” الى 14.1 في المئة، مقابل انحدار الحزب الحر (الليبراليون) الى 508 في المئة. أما حزب اليسار الذي لا يزال طفلاً يحبو في المشهد السياسي الألماني بعدما ورث تركة الحزب الشيوعي الألماني “حزب جمهورية المانيا الاشتراكية الديموقراطية” الشرقية، والذي أسسه كل من غريغور غيزي (زعيم الحزب الشيوعي السابق PDS) وأوسكار لافونتين المنشق عن الحزب الاشتراكي، فقد حقق في استطلاعات الراي الاخيرة نسبة 7.2 في المئة، فيما بقي حزب القراصنة الناشء الذي لم يمض على تاسيسه سنوات قليلة سوى 3.3 في المئة وهي نسبة لا تؤهله لدخول البوندستاغ الذي يحتاج 5 في المئة وما فوق من الأصوات وفق النظام الانتخابي للجمهورية الاتحادية.
وفي تقرير أعدهالبروفسور كارل رودولف كورته، مدير معهد NRW للإدارة الحكومية في جامعة دويسبورغ – إسن، يتحدث الخبير السياسي عن دور الأزمة النقدية الأوروبية في التأثير على وضع سياسة الحزبين الحاكمين، خصوصاً دور برلين الكبير في محاولة “إنقاذ اليورو”، مشيرة الى ان المستشارة ميركل اتخذت من مسألة تحول الطاقة موضوعاً مركزياً خلال فترة رئاستها للحكومة.
لذلك بدت ألمانيا في طليعة الدول المهتمة بمسألة التحول في مصادر توليد الطاقة لصالح مصادر الطاقة المتجددة، وهو ما يعرف باسم “تحول الطاقة” أكبر دولة اقتصادية في القارة العجوز.
وبحكم أهمية القضايا الداخلية، فإن الكثير من الأزمات التي يعانيها المواطن الألماني أصبحت على جدول الحملات الانتخابية للأحزاب، بدءًا من البطالة وصولاً الى تدني الأجور وارتفاع الأسعار ومروراً بمشروع “هارتس 4” المتعلق بالاستشفاء والطبابة، فحزب SPD يركّز في برنامجه على ضرورة إقرار قانون يحدد الحد الأدنى للأجورعند معدل 8.5 يورو في الساعة، بينما يدعو الاتحاد المسيحي وحزب الأحرار إلى “حدود الأجر الدنيا”، حيث يُترَك الأمر للشركاء أصحاب العلاقة في القطاعات المختلفة لتحديد قيمة الأجور.
ويوضح تقرير كورته الذي نشره موقع المركز الألماني للإعلام التابع لوزارة الخارجية الألمانية، أن مسألة أوروبا تجمع بين الطرفين عند نقاط مشتركة، فكلا الحزبين الكبيرين (الاشتراكي والمسيحي) يدعم المزيد من الاندماج الأوروبي. كذلك يتفق جميع الفرقاء تقريبا في مسألة العملة المشتركة، اليورو وقضايا الاتحاد الأوروبي.
يشير كورته الى أن “نظام الأحزاب الألماني يُظهر فوارق بين الأحزاب في الأولويات المتعلقة بمسائل الحرية والأمن والسوق وإعادة التوزيع. تقليدياً تركز أحزاب الاتحاد بشكل براغماتي على اقتصاد السوق الاجتماعي، وتشدد ضمن هذا السياق على الترابط بين انتظام القطاع الخاص وبين المساواة الاجتماعية، إضافة إلى دعم الأسرة. باعتبارها الكتلة الأكبر في البوندستاغ حالياً”.
ويضيف العالم السياسي الألماني أن “كتلة CDU وCSU وعلى رأسها المستشارة المحبوبة من قبل الشعب، أنغيلا ميركل، تدخل معترك الانتخابات المقبلة سعياً إلى استمرار الحكومة التي تقودها منذ بضع سنوات. أما مرشح الاشتراكيين الأول، بير شتاينبروك، الذي كان وزيراً للمالية في عهد حكومة الائتلاف الكبير (2005-2009) مع ميركل، فيركز بشكل أساسي على موضوعات الحد الأدنى للأجور وعلى العدالة الاجتماعية”.
وعن حزب الخضر يقول كورته، إنه مع مرشحين أساسيين هما يورغن تريتين وكارين غورينغ-إكارت، تدخل القوة السياسية الثالثة في البلاد (الخضر)، الصراع تحت العنوان التقليدي الرئيسي، البيئة وحماية الطبيعة، إلى جانب رفع الحد الأقصى للضريبة.
تبقى الحملات الانتخابية بين الأحزاب تسير حتى الآن بهدوء بانتظار ما يمكن ان تشهده منطقة الشرق الأأوسط في الايام المقبلة من تطورات عسكرية قد يكون لبرلين موقف منها لا يتجاهل رأي الناخب الألماني الذي سيقول كلمته في 22 أيلول.