كينيا: هجوم الشباب يحرك الطائفية بين المسلمين والمسيحيين
واصلت فرق الانقاذ امس الاربعاء البحث عن جثث ومتفجرات تحت انقاض مركز وست غيت في نيروبي، في اليوم الاول من الحداد الوطني الذي اعلن في كينيا بعد هجوم السبت الدامي.
وحذر زعيم المتمردين الاسلاميين الصوماليين الشباب مساء الاربعاء من ان الهجوم على مركز وست غيت التجاري في نيروبي هو “رسالة” الى الغربيين والى كينيا التي ينبغي ان تسحب قواتها من الصومال او مواجهة “حمامات دم” اخرى.
وقال احمد عبد غودان في رسالة تسلمتها وكالة فرانس برس ان الهجوم الذي تبنته حركة الشباب هو “رسالة الى الغربيين الذين دعموا الاجتياح الكيني” للصومال “عبر سفك دم المسلمين لمصلحة شركاتهم النفطية”. واضاف متوجها الى الشعب الكيني “اسحبوا قواتكم من الدول الاسلامية او استعدوا لحمامات دم اخرى”.
واستعادت القوات الكينية الثلاثاء في ختام قرابة 80 ساعة من الحصار، السيطرة على المركز التجاري في العاصمة الكينية الذي تعرض لهجوم ظهر السبت الماضي من قبل مجموعة اسلامية مسلحة. واسفر الهجوم عن مقتل 67 شخصا بينهم 61 مدنيا من كينيين واجانب.
ويشارك في عمليات البحث عدد كبير من البلدان منها بريطانيا والولايات المتحدة واسرائيل والمانيا وكندا، كما ذكر وزير الداخلية جوزف اولي لينكو. واضاف ان تحقيق الطب الشرعي “سيستمر اسبوعا على الاقل”.
وخلال الحصار، دعمت اسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا القوات الكينية من دون ان تتدخل مباشرة، ربما باستثناء الاسرائيليين الذين كانوا موجودين في وست غيت كما ذكر مصدر امني.
وفي المركز التجاري، وضع عمال الانقاذ والجنود اقنعة ومناديل لحماية انفسهم من الروائح النتنة التي تنبعث من المركز.
واسفر الهجوم الذي شنه السبت المتمردون الاسلاميون في حركة الشباب الصومالية عن مقتل 61 مدنيا على الاقل وستة افراد من قوات الامن الكينية وخمسة مهاجمين. واصيب حوالى 240 شخصا ايضا، كما افادت حصيلة جديدة لوزارة الصحة.
واعلن عن حداد وطني يستمر ثلاثة ايام بدءا من امس الاربعاء، ونكست الاعلام في العاصمة.
وهذه العملية هي الاكثر دموية في نيروبي منذ العملية الانتحارية للقاعدة في آب/ اغسطس 1998 ضد السفارة الاميركية التي اوقعت اكثر من 200 قتيل.
ومن المتوقع ان ترتفع الحصيلة. وانهار المركز جزئيا الثلاثاء، وكان مصدر امني ورجل اطفاء اعلنا ان بنية المركز قد ضعفت جراء حريق اندلع الاثنين، وبات عدد المفقودين 71 شخصا، كما ذكر الصليب الاحمر.
وفي تصريح صحافي، اكد وزير الداخلية الذي قلل على ما يبدو من مخاوف العثور على مقبرة جماعية في المركز، ان “عددا لا بأس من الجثث ما زال” تحت الانقاض.
وأمس اكدت حركة الشباب على تويتر ان “137 رهينة” تم احتجازهم قتلوا في الهجوم متهمة القوات الكينية باستخدام “غازات كيميائية” لانهاء حصار المركز.
واضافت “وللتستر على جرائمها تسببت الحكومة الكينية بانهيار المبنى لدفن الادلة وكل الرهائن تحت الانقاض”.
ومنذ فجر امس كانت فرق الاغاثة وخبراء المتفجرات ينشطون في محيط المركز التجاري الفخم الذي اخترقه الرصاص ودمرته الانفجارات والحرائق.
وقام خبراء متفجرات بالتحقق بواسطة رجال آليين لتفكيك الالغام “من عدم وجود اي عبوات” زرعها الاسلاميون في المحلات بحسب ما افاد مصدر امني.
كما بحثت فرق مزودة بكلاب بوليسية عن قنابل وعن جثث المفقودين الستين.
وقال جندي دخل المركز الثلاثاء في الساعات الاخيرة من المواجهات، ان “الدماء في كل مكان” ، مشيرا الى انه شاهد “جثثا محترقة واخرى متحللة”.
وذكرت مسؤولة في الصليب الاحمر ان “الجثث التي ما زالت موجودة في داخل المركز سيتم التعرف الى اصحابها بالاستناد الى صور”. واضافت “انها الان في حالة تحلل ولا نستطيع ان نسمح للعائلات برؤيتها”.
ومساء الثلاثاء اعلن الرئيس الكيني انتهاء حصار المركز التجاري بعد مواجهات دامت 80 ساعة.
وكانت المجموعة الاسلامية المؤلفة من 10 الى 15 شخصا بحسب السلطات، اقتحمت ظهر السبت مركز وست غيت بالقاء القنابل واطلاق النار من اسلحة رشاشة على الموظفين والافراد الكينيين والاجانب — قتل 16 منهم على الاقل — الذين كانوا يتسوقون ثم تحصنوا في المبنى محتجزين رهائن.
واعقب ذلك سلسلة هجمات لاخراجهم من المركز. وذكر عنصر في القوات الخاصة الكينية شارك في العمليات انهم كانوا يلاحقون الاسلاميين من مكان الى اخر في المتاجر والمطاعم الموزعة على اربع طبقات.
واضافة الى الاسلاميين الخمسة القتلى قد يكون اخرون مدفونين تحت الانقاض مع الرهائن. ولم يعرف الاربعاء اذا نجح البعض في الفرار.
واضاف الرئيس الكيني انه تم اعتقال 11 مشتبها به.
وسرعان ما اعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم الذي جاء ردا على تدخل الجيش الكيني في الصومال منذ نهاية 2011 وهددت بضربات جديدة في حال لم تسحب كينيا قواتها. وساد لغط حول هوية عناصر مجموعة الكومندوس.
وسرت شائعات حول وجود مقاتلين اجانب خصوصا اميركيين وبريطانيين بينهم البريطانية سامنثا ليوثويت ارملة احد الانتحاريين في اعتداءات 7 تموز/ يوليو 2005 في لندن.
ونفت حركة الشباب “مشاركة امراة في الهجوم” واكد كينياتا انه لا يستطيع تأكيد مشاركة بريطانيين او اميركيين فيه لان “خبراء الطب الشرعي يحاولون تحديد جنسيات الارهابيين”.
واكد مسؤولون اميركيون في تصريحات نشرتها صحيفة نيويورك تايمز ان حركة الشباب خبأت اسلحة في وست غيت قبل العملية منها رشاش ثقيل، مشيرة الى انها كانت تتعاون مع شركاء لها في الداخل وان بعضا من افرادها بدل ثيابه وفر مع المدنيين هروبا من المجزرة.
ولم تعط السلطات الكينية اي معلومات حول هذه النقاط.
من جهة اخرى اعلنت وزارة الخارجية البريطانية امس ان شخصا يحمل الجنسية البريطانية معتقل في نيروبي في اطار التحقيق في الهجوم على المركز التجاري من دون تحديد ما اذا كان رجلا او امراة.
وبعد السيطرة على 70% من اراضي الصومال في 2009 طردت قوة افريقية الاسلاميين في حركة الشباب من مقديشو الى المناطق الريفية جنوب البلاد. وحاولوا تجنيد متطوعين في الغرب للجهاد في العالم وانشاء صناديق دعم خصوصا بين الشتات الصومالي في اوروبا الشمالية والولايات المتحدة.
وفي نيروبي حيث يقيم عدد من الاجانب كان مركز وست غيت من الاهداف المحتملة التي ذكرتها الشركات الامنية للمجموعات المرتبطة بالقاعدة مثل الشباب.
وعززت الشرطة الكينية تدابيرها في المدن الكبرى في البلاد فيما دعت الطبقة السياسية المنقسمة بسبب الانتخابات الاخيرة الى الوحدة لتخطي الازمة.
وقد يحرك الهجوم على المركز التجاري التوتر السياسي- الطائفي في كينيا بين المسيحيين الذين يشكلون غالبية والمسلمين الذين يتحدر قسم كبير منهم من الصومال.