نص دعوة جنيف٢: على المعارضة والنظام التكافل لمحاربة الجهاديين
باريس – بسّام الطيارة (خاص)
حصلت «برس نت» على نص «الدعوة» التي يستعد الأمين العام لمجلس الأمن بان كي مون لتوجيهها لمختلف الأفراق المشاركين في «لجنيف ٢» والأصل هو باللغة الانكليزية. ورغم أن هذه الدعوة ما زالت «مسودة» يمكن أن يتم تطويرها، إلا أن مضمونها ينم عن «الخطوط العريضة» وما يتم التحضير له خلال الاجتماع العتيد.
على ضوء قراءة النص يمكن تسليط الضوء على النقاط التالية:
١) يعتمد التخطيط لجنيف ٢ على الأسس التي وضعها بيان جنيف ١ الصادر في ٣٠ حزيران ٢٠١٢ بشكل أساسي مع توضيح بعض النقاط الغامضة التي استجلبت العديد من القراءات المتناقضة. وقد أعطت الدعوة وزناً كبيراً قانونياً لبيان جنيف ١ (نص اتفاق جنيف ١) عبر التذكير بأنه حاز على إجماع مجلس الأمن في القرار رقم ٢١١٨ الصادر في ٢٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٣. وفي هذا السياق تشدد مسودة الدعوة على «مبادرة» سيرغي لافروف وجون كيري لإعطاء وزناً «للتوافق بين العملاقين». من هنا الإشارة إلى «تنفيذ كامل لبيان جنيف ١».
٢) انطلاقاً من هذه النقطة تبدأ الدعوة بالتشديد على ضرورة «البدء بخطوات أساسية» أولها «التوافق على جسم حكومي انتقالي يتمتع بسلطات تنفيذية كاملة وتوافق عليها جميع الأطراف» أي بمعنى آخر إن الموافقة تكون على امتتداد السلطات التي ستتمتع بها الحكومة الانتقالية. والجدير بالذكر أن تفسير هذا المقطع كان محط تفسيرات عدة في بيان جنيف ١ رأت فيه المعارضة «دعوة لابعاد الرئيس بشار الأسد عن الحكم» بينما تمسك النظام بـ«ضرورة موافقة الطرفين» لدحض هذا التفسير. ويمكن تبين محاولة «إرضاء الفريقين» بأنه أرفق هذه الخطوة الأساسية بمجملة في نفس المقطع «ومن الواجب المحافظة على الخدمات العامة أو إستعادة سير عملها، كما ينص بيان جنيف ١».
وهنا يمكن طرح سؤال ما إذا كانت تشمل هذه «المحافظة» القوات المسلحة وقوات الأمن والأجهزة وتركيبتها وقيادتها.
تجيب الدعوة في الفقرة التالية على ذلك بالتشديد على أن ذلك «يشمل في ما يشمل القوات المسلحة إضافة إلى دوائر الأمن والمخابرات»، التي عليها «العمل بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان» إلا أن نهاية المقطع يحمل معان كثيرة قد تكون قابلة للتأويل إلا أنها تذهب في سياق التوجه الجديد للإدارة الأميركية التي ترى ضرورة المحافظة على هيكلية المؤسسة العسكرية السورية للتصدي للشبكات الإرهابية الجهادية التي باتت هاجس الغرب وتجاوزت خطورتها خطورة النظام السوري بنظره. ويقول هذا المقطع بضرورة أن تعمل القوات المسلحة «تحت قيادة عليا تكون محل ثقة الشعب، وتخضع لسلطة هيئة الحكم الإنتقالية». هنا تبرز نقطة تناقض حول «كيفية تشكيل تلك القيادة العليا» بالطبع فإن «توافق أو عدم توافق المتفاوضين» قد يفتح الباب أمام إبقاء القيادة الحالية مع بعض التغيرات «الواجب التوافق عليها» وهو ما يمكن أن يشكل حجر عثرة إبان المفاوضات.
وبالطبع كما سبق لـ«برس نت» أن أشارت إليه فإن المؤتمر سيحصل على مستويين، وهو ما توضحه الدعوة بشكل مباشر بإشارتها إلى أن «اليوم الأول سيأخذ طابعاً موسعاً عالمياً» وذلك «لإظهار الدعم للمفاوضات» من قبل الدول المجتمع الدولي. ويلي ذلك مباشرة «المفاوضات بين طرفي النزاع في حضور الممثل المشترك الخاص بسوريا السيد الأخضر الابراهيمي» وعلمت «برس نت» أن ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة سيحضرون اللقاءات التقنية.
٣) يتبين في الدعوة غياب أي خطة عمل إذ تقول الدعوة صراحة «سيتم وضع خطة عمل يوافق عليها» بحضور الابراهيمي ومن ثم «يستأنف الإجتماع الذي يضم الدول المشاركة أي اللقاء الموسع نظراً إلى المداولات». بمعنى أن الأمور والخطوات الآيلة لوضع قيد التنفيذ الأهداف الكبرى ما زالت في طور التداول، وفقد في حال النجاح تتم دعوة الدول المشاركة إلى اجتماع موسع.
وتشير الدعوة قبل الفقرة الأخيرة إلى «مذكرة تقنية مرفقة» تحدد «قواعد أساسية للمؤتمر»، وعلمت «برس نت» أن هذه المذكرة لم توضع بعد وهي تنتظر لقاء كيري لافروف الاسبوع المقبل.
يبرز في المقطع قبل الأخير من الدعوة عدم ثقة بقبول الأطراف ما سيتم تبنيه كقواعد أساسية. وهو ما يشكل نقطة رابعة يمكن تلخيصها بأنها محاولة لحشر الفريق المتردد بالحضور.
٤) تشدد الدعوة على أن «تأكيد الحضور يعتبر التزاماً بأهداف المؤتمر» وفق ما ينص عليه بيان جنيف وبالأخص في ما «يتعلق بمبادئ وأسس مرحلة انتقالية بقيادة سوريا».
المقطع الأخير يبدو وكأنه اعتراف بأن لا شيء قد تم الاتفاق عليه مما يدفع للتساؤل عما يمكن أن تعنيه هذه الدعوة.
٥) يقول المقطع الأخير «سيشارك الممثل المشترك الخاص بسوريا وفريقه نيابة عني في مشاورات لاحقة معكم للتحضير للمؤتمر».
ومن هنا يمكن الاستنتاج أن المؤتمر ما زال بحاجة لعمل دؤوب وأن الطريق إلى جنيف ما زالت صعبة ولم تعبد. أسباب هذه الصعوبة كامنة في ما تطلبه الدعوة في المقطع الأخير وهي شروط يمكن أن تعتبر خطوات بناء ثقة مثل التشديد على ما يجب أن يفعله كلا الطرفان فتقول «على الدولة وكل الأطراف السماح لوصول المساعدات الإنسانية بشكل مباشر وكامل إلى مناطق النزاع». ويدرك أي مراقب صعوبة الاتفاق على هذا الهدف من دون وقف للإطلاق النار وهو ما يستبعده الطرفان .أما المطلب الثاني الذي يبدو «تعجيزياً» عندما يقول «على كل الأطراف العمل لإنهاء العمليات الإرهابية»: فهل هي دعوة للمعارضة وللنظام للتكافل في محاربة الحركات الجهادية؟ أم أنها تعني تعليق لقاء جنيف لحين يتم التخلص من الوجود الجهادي في سوريا؟
من نافل القول إن هذه الدعوة في حال بقيت على حالها وأيا تكن المذكرة التقنية هي نوع «من جس نبض» لدفع الأفرقاء خصوصاً المعارضة لتجاوز انقساماتها والاستعداد للعمل مع أركان النظام وصولًآ إلى الأهداف التي يحددها الاتفاق الروسي الأميركي البارز في طياتها.
نص الدعوة