سوريا: قتل مستمر وبدء “إضراب الكرامة”
ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن 21 شخصا قتلوا، السبت، في إدلب وريف دمشق وحمص ودرعا وحماة، في حين يستعد أنصار ثورة الحرية للمشاركة بدءا من صباح الأحد في إضراب عام يحمل عنوان “الكرامة”، وذلك وسط تحذير غربي من اقتحام حمص.
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان فإن من بين القتلى أربعة أشخاص سقطوا في إدلب بشمال البلاد قرب الحدود مع تركيا عندما فتحت قوات الأمن النار لتفريق المتظاهرين الذين احتشدوا في جنازة طفل في معرة النعمان.
وتضم قائمة القتلى، الطبيب إبراهيم ناهل عثمان المعروف بـ”خالد الحكيم”، أحد مؤسسي تنسيقية أطباء دمشق وأحد أهم أطباء الثورة، الذي سقط على الحدود التركية برصاص قوات المخابرات الجوية السورية، وفق ناشطين.
وفي محافظة حمص وسط البلاد قال المرصد إن ثلاثة أشخاص قتلوا بإطلاق نار عشوائي قرب حواجز أمنية، كما قتل أيضا اثنان في محافظة درعا بجنوب البلاد قرب نقاط التفتيش.
وأضاف المرصد أن ثلاثة أشخاص كانت اعتقلتهم قوات الأمن قبل ثلاثة أسابيع في مدينة حرستا بريف دمشق، قتلوا “بعد أن تعرضوا للتعذيب”، كما قتل رجل متأثرا بإصاباته بسبب هجمات القوات الحكومية قبل خمسة أيام في منطقة الحولة وسط البلاد.
وفي ريف دمشق تعرض مشيعون في حي كفر بطنا لإطلاق رصاص لمنعهم من تشييع قتلاهم. وفي بلدة تسيل بمحافظة درعا قال ناشطون إن قوات الأمن اقتحمت البلدة صباح الأحد وسط إطلاق للرصاص, ثم اعتقلت بعض أبنائها.
ويواجه السوريون في المحافظات التي تتركز فيها عمليات قوى الأمن، مصاعب جمة في دفن قتلاهم خصوصا خلال أيام التوتر التي تشهد انتشارا لمن يوصفون بالشبيحة، ويؤدي تشييع الجنائز في كثير من الأحيان الى سقوط بعض المشيعين.
وجرى تبادل لإطلاق نار كثيف بين قوات الجيش ومنشقين، بعد رفضهم إطلاق النار على مظاهرة نسائية صامتة في مدينة الزبداني. واعتقلت قوات الأمن عددا من الضباط من أسرة واحدة في بلدة الحولة بحمص.
وسُمع دوي انفجار وإطلاق نار كثيف في مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور، إثر اشتباك بين الجيش ومنشقين. كما وردت أنباء عن خطف حافلة تقلّ عمّال مصنع في مدينة حمص على يد مجهولين.
وكانت لجان التنسيق المحلية في سوريا قد قالت إن 46 شخصا قتلوا الجمعة برصاص الأمن السوري في مناطق متفرقة من البلاد التي شهدت تظاهرات تطالب بالحرية وإسقاط النظام، في جمعة تحمل شعار “إضراب الكرامة“.
في هذه الأثناء، دعت فرنسا، السبت، القوى العالمية الكبرى إلى “إنقاذ الشعب السوري” لتنضم إلى الولايات المتحدة وبريطانيا في دق ناقوس الخطر بأن قوات الرئيس السوري بشار الأسد ربما توشك على اقتحام مدينة حمص، أحد معاقل المعارضة.
وتأكيداً للمخاوف التي تصاعدت في واشنطن ولندن وأنقرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو إن فرنسا “تعرب عن قلقها الشديد تجاه المعلومات عن عملية عسكرية ضخمة تستعد لها السلطات الأمنية السورية ضد مدينة حمص”.
وحذر في بيان من أن فرنسا “ستحمل السلطات السورية مسؤولية أي أعمال ضد السكان”. وقال: “يجب على المجتمع الدولي بأسره أن يحشد نفسه لإنقاذ الشعب السوري”.
وكانت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية قد قالت الجمعة “من المقلق للغاية أنه في أماكن مثل حمص لدينا عدد هائل من التقارير عن أنهم يعدون شيئا على نطاق واسع، ولن يكون بمقدورهم إخفاء المسؤول إذا وقع هجوم كبير خلال عطلة نهاية الأسبوع”.
ورفضت سوريا ذلك، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي لوكالة “رويترز” “إن القوات السورية موجودة لحماية المدنيين والحفاظ على النظام والأمن الذي ينتهكه أولئك الذين يحملون السلاح ضد الدولة”.
وأضاف أن “رواية سلمية الاحتجاجات لم تعد رواية مقبولة لوصف ما يجري في بعض المناطق”، قائلاً “إن سوريا تحتاج إلى تحول وليس مواجهة مسلحة”.
وكان رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون قد ناشد السبت المجتمع الدولي الضغط على روسيا من أجل إصدار قرار من مجلس الأمن ضد النظام السوري في أسرع وقت ممكن. ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية “آكي” عن غليون قوله، في مؤتمر صحافي عقب لقاء وفد من المجلس مع وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي دي سانتاغاتا في روما، إن “حماية الشعب السوري هي مسؤولية الأمم المتحدة”.
وناشد غليون المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية الضغط على روسيا حتى يمكن استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي في أسرع وقت ممكن. وأضاف: “في سوريا لا توجد حرب أهلية بل نظام دكتاتوري يسعى لقمع شعبه واستعداء كل طرف في المجتمع ضد الآخر”.
وكان غليون قد قال، في مقابلة مع “رويترز”، إنه حث قائد الجيش السوري الحر، الذي ينضوي تحت لوائه المنشقون عن الجيش السوري، على “وقف العمليات الهجومية التي يمكن أن تؤدي إلى نشوب حرب أهلية”.
في هذه الأثناء تبدأ الأحد سلسلة فعاليات احتجاجية وتمتد حتى نهاية العام، وتهدف إلى “التأكيد على سلمية الحراك الثوري”. وتشمل المرحلة الأولى من “إضراب الكرامة” إقفال الحارات الفرعية، والتوقف عن تسيير العمل في المراكز الوظيفية، وإغلاق الهاتف الجوال. وتتضمن المرحلة الثانية البدء في إضراب المحال التجارية.
أما المرحلة الثالثة، فتشمل الهيئات التعليمية، عبر إضراب الجامعات. ويسعى ناشطو الثورة إلى شل قطاع النقل وإغلاق الطرق بين المدن في المرحلة الرابعة. وستستهدف المرحلة الخامسة القطاع العام عبر إضراب موظفي الدولة، في حين ستبدأ خطوة إغلاق الطرق الدولية في المرحلة السادسة والأخيرة.
وقد رد الجمهور الموالي للسلطات السورية، السبت، على دعوات المعارضة إلى “إضراب الكرامة” الأحد، بعدم الإغلاق والعمل على مدار الأسبوع. وبدأت “الموالاة” بحملة مضادة في الإذاعات المحلية شبه الرسمية ونشرت شعارات كتبت على اللافتات في بعض الطرقات وعلى الإنترنت، ردا على المعارضة التي دعت إلى عصيان مدني.
وأرسلت جماعة موالية للسلطة تسمي نفسها “حركة سورية الوطن”، الأحد، رسائل قصيرة عبر شبكة الهاتف المحمول مفادها: “هي سوريتنا عشقنا وبلدنا، لن نغلق، سنعمل يدا بيد من الأحد إلى الأحد، وسنبني البلد”.