ماذا يحدث داخل سجون النظام السوري؟
قال محققون تابعون للأمم المتحدة يوم الخميس إن نشطاء سوريين ومواطنين آخرين احتجزوا في أماكن سرية في إطار “حملة ترويع واسعة النطاق ضد المدنيين” من جانب الحكومة السورية.
وأضاف المحققون في تقرير أن عمليات الاختفاء القسري في سوريا – أي عمليات الخطف التي تنكرها رسميا – ممنهجة إلى حد يجعلها تمثل جريمة ضد الإنسانية.
وذكر التقرير أن بعض الجماعات المسلحة في شمال سوريا خاصة الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام خطفت أيضا أشخاصا واحتجزتهم بمعزل عن العالم ونفت ذلك وهو ما يصل إلى حد جريمة اختفاء قسري. وفي تقرير منفصل قالت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن إن جماعة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام ترتكب “قائمة صادمة من الانتهاكات” في سجون سرية بشمال سوريا من بينها التعذيب والجلد والاعدام بعد محاكمات صورية.
لكن محققي الأمم المتحدة قالوا إن معظم الشهود قالوا إن ضباط مخابرات سوريين وجنودا وميليشيات موالية للحكومة خطفوا اشخاصا لم يعرف مصيرهم إلى الآن. وقال تقرير المحققين المستقلين بقيادة البرازيلي باولو بينيرو “في سوريا يخفي الصمت والخوف عمليات الاختفاء القسري. في عدة حالات اعتقل أفراد أبلغوا عن اختفاء أناس.”
وأضاف أنه برغم “الطبيعة المنظمة” لعمليات الاعتقال والاحتجاز لا تسجل السلطات أسماء هؤلاء المحتجزين وبياناتهم الشخصية بمن فيهم من يموتون وهو ما يصعب اقتفاء أثرهم وإبلاغ أسرهم. وأعيدت بعض الجثث وعليها آثار تعذيب شديد.
وقال التقرير إن الضحايا الأوائل كانوا من المحتجين الذين شاركوا في الانتفاضة التي بدأت ضد الرئيس بشار الأسد في مارس اذار 2011. لكن مع انزلاق سوريا الى الحرب الأهلية اتسع نطاق الاستهداف ليشمل أناسا اختطفوا عند نقاط تفتيش ومن منازلهم.
وذكر المحققون نقلا عن روايات مباشرة من اشخاص أغلبهم سوريون فروا إلى الخارج أن مصابين جرحى في المستشفيات يشتبه في صلتهم بالمعارضة المسلحة وأطباء يقدمون الرعاية الطبية في مناطق المعارضة واسر معارضين اختفوا.
وناشد والدا جراح بريطاني توفي في سجن سوري قبل الموعد المزمع لإطلاق سراحه هذا الاسبوع السلطات أن تعيد جثمانه وتضع حدا لمحنة الأسرة المستمرة منذ 13 شهرا.
وقال مسؤول بالأمم المتحدة إنه تم توثيق أكثر من 100 حالة اختفاء قسري لكن العدد الاجمالي لتلك الحالات يرجح ان يكون بالآلاف.
وقال التقرير “هناك مبررات منطقية للاعتقاد بأن عمليات الاختفاء القسري ترتكبها القوات الحكومية في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد المدنيين وبالتالي يرقى إلى حد جريمة ضد الإنسانية.”
وقال المحققون ومن بينهم كارلا ديل بونتي مدعية جرائم الحرب السابقة التابعة للأمم المتحدة إن مثل تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم.
واضاف التقرير “التحقيق في كل عمليات الاختفاء القسري سيظل مسؤولية الدولة السورية بغض النظر عن الحكومة التي تتولى السلطة.”
واستعدادا لمحاكمة في المستقبل اعد محققو الأمم المتحدة بالفعل قائمتين سريتين بمجرمي الحرب المشتبه بهم على الجانبين وحددوا اسماء الأفراد والوحدات الذين يعتقد أنهم ارتكبوا تلك الفظائع.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 100 ألف شخص قتلوا في الصراع واضطر الملايين للنزوح عن منازلهم. ويقاتل مسلحون شيعة من العراق وجماعة حزب الله اللبنانية إلى جانب قوات الأسد في حين يقاتل جهاديون سنة تدفقوا من أنحاء العالم الإسلامي إلى جانب المعارضة.
وقال تقرير منظمة العفو الدولية إن جماعة الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام -وهي من أقوى الجماعات الجهادية التي ظهرت في سوريا – تدير سبعة سجون سرية في مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة ويلجأون للتعذيب والقتل دون محاكمة.
ويحتجز المعتقلون لاسباب منها الاشتباه في السرقة أو أفعال يحرمها الاسلام مثل التدخين أو الزنا. ويعتقل آخرون لمجرد معارضتهم لسلطة الجماعة أو انتمائهم لجماعات مسلحة منافسة.
وقال فيليب لوثر مدير منظمة العفو الدولية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا “من بين المخطوفين والمعتقلين من قبل الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام أطفال لا يتعدى عمرهم الثامنة يحتجزون مع بالغين في نفس الأوضاع القاسية وغير الإنسانية.”
وحثت منظمة العفو الدولية القوى العالمية على وقف تدفق الاسلحة على الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام وجماعات مسلحة أخرى متهمة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات أخرى. وقالت المنظمة إن تركيا على نحو خاص يجب أن تمنع عبور الجهاديين والاسلحة عبر حدودها إلى شمال سوريا.
وأضافت المنظمة أن دولا خليجية عربية تدعم مقاتلي المعارضة السورية وتعتبر المصدر الرئيسي لتمويل الجماعات الاصولية المسلحة يجب أيضا أن توقف تدفق الاسلحة والمعدات.
وطغت هيمنة الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام وجماعات متشددة أخرى على تأثير معارضين أكثر اعتدالا يدعمهم الغرب الأمر الذي تسبب في تشرذم المعارضة التي تقاتل للاطاحة بالاسد وأثار قلق الغرب من إقامة تنظيم القاعدة لمعقل له في شمال سوريا.
وقالت منظمة العفو إن العديد من الأطفال جلدوا بعنف وإنه في إحدى الحالات أجبر أب على سماع صرخات ابنه في غرفة مجاورة. وقال معتقلان إنهما شهدا جلد طفل عمره 14 عاما 90 جلدة في سجن بمحافظة الرقة.
وقال لوثر “بعد سنوات وقعوا خلالها فريسة لقسوة نظام الأسد يعاني أهالي الرقة وحلب الان من شكل جديد من الطغيان تمارسه ضدهم جماعة الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام وأصبح فيه الاعتقال التعسفي والتعذيب والاعدام نظاما يوميا.”