الحنفية وأنترنيت والعرب
بسّام الطيارة
كما لا توجد مختبرات ومصانع في العالم العربي لا تسجل براءات اختراع عربية. وكما لا توجد مصانع حنفيات واخصائيين بصناعتها لا توجد مكاتب تصميم لصفحات انترنيت ولا اخصائيين بتصميم الصفحات انطلاقاً من فكرة. كما في مسألة الحنفية ( الصبورة) يوجد سمكري يركب الحنفية علي انبوب المياه، يعرف كيف يختارها لتلائم المطلوب، ولكن في الواقع ياخذ ما يجده في السوق أي ما وردته المثانع الموجودة في الخارج. كذلك امر مواقع الانترنيت يوجد مهندوسون ومهندسات يغرفون من الموجود لتلائم مطالب الزبون.
في مسألة المصانع، اعتبر رأسماليو العالم الثالث قبل وبعد نهاية الاستعمار انها “حربقة” بان يكون الربح من البيع والشراء اي استيراد وتوزيع بدل من “تشغيل الدماغ في محاولة التصنيع ولبكة المصانع والعمال”. شجعهم على ذلك المستعمِر قبل خروجه إذ كان الاستيراد يحرك عجلة التصدير في بلده … وكذلك ظل الامر على ما هو بعد خروج هذا المستعمِر،خصوصاً أنه ضمن قبل خروجه تسليم السلطة “الوطنية” لمن سيشجع على دوام اقتصاد الاستهلاك وليس اقتصاد التصنيع والاكتفاء الذاتي (حتى لا نقول التصدير والمنافسة).
بالطبع في غياب الطلب على الفكر الاستنباطي للتصنيع تحول التعليم والنظام التعليمي الى منتج لمستهلكين وتحول الاقتصاد الى اقتصاد خدمات واستهلاك للبعض الكثير واقتصاد ريعي للبعض القليل.
بعد نهاية الاستعمار جاءت مرحلة الدمج الاقتصادي حيث ادخل في دماغ سلطات الدول المستقلة حديثاً والتي كانت مدجنة مسبقاً بان “اتفاقات التعاون والتبادل الاقتصادية” هي ندية، وفي ذلك ما كان يلائم مصالح هذه السلطات ، ويساعدها في ذلك نظام التعليم الموجه نحو خلق مستهلكين وطلاب خدمات.
لذا لا نرى في عالمنا العربي مصانع حنفيات او انابيب او براغي ومسامير. فقط الدول التي صمم زعماءها على الافلات من الطوق الاستعماري بحلته الاقتصادي لديها صناعة تتطور وتلبي مطالب السوق الداخلية والخارجية (كوريا وماليزيا والصين وباكستان على سبيل المثال وليس للحصر). قد يقول لي البعض توجد غسالات وبرادات وطنية اقول له نعم تأتي حنفيات ومواسير وانابيب وابواب الغسالات من مصانع خارجية لتجمع في وطننا ، وذلك ليس لدعم صناعتنا ولكن لان اليد العاملة هنا رخيصة، وهي يد عاملة تكتفي باتباع ارشادات التجميع من دون اي اختصاص.
جاءت العولمة لتقضي على كل امل بالتعويض عن هذه الخطوة الناقصة ولتزيد من قوة قبضة الدول المتقدمة (السابقة والحديثة) على الدول الناشئة.
جاءت شبكة الانترنيت، وفتح آفاقاً واسعة أمام الدول التي تعثر خطواتها التصنيعية. فهذه صناعة لا تتطلب رأسمال ولا دعم السلطات الوطنية ولا تخضع «لنظام الزبائنية» التي تؤطر المبادرات الفردية. تتطلب فقط دراسة ورغم أن نظام الدراسة «مُحَرف» ليخدم الاقتصاد الريعي الاستهلاكي، إلا أن العولمة فتحت نافذة إمكانية التعلم والتعليم من دون المرور بأطر الدولة.
ولكن. غابت المبادرات أو بقيت في إطار الفرديات. لا يعني هذا أن غياب الفكر الابداعي في العالم العربي لا بل على العكس. ولكن الظظروف السياسية والاجتماعية والقمع الفكري دفع بهؤلاء إلى الخارج … أفضل مثال مؤسس الشركة العملاقة أپل عنيت ستيف جونز السوري الأصل وغيره كثيرون.
والآن عودة إلى الحنفية.
غياب مصانع الحنفيات يدفع بالسمكري لشراء حنفية صممت وصنعت في الخارج. غياب مصممي مواقع أنترنيت (من الصفر) يدفع المهندسين لشراء مواقع «نصف مجهزة» يتم تحويرها وتحويلها للتلائم مع المطلوب العربي. يحصل هذا أيضاً اليوم في مجال الهندسة، فنجد بنايات في مدن عربية تشبه بنايات في مدن أوروبية أو أميركية ونرى ديكورات تحاكي ديكورات … نراها في أفلام هوليود (ولكن هذا موضوع آهر يتطلب مقالة مخصصة).
في الأيام الأخيرة جدد عدة وسائل إعلامية مواقعها…مبروك.
ملاحظة بسيطة هذه المواقع المقتبسة أو المستلهمة أو المقاربة لمواقع صحف أجنبية «كبرى» (حتى لا نقول إنها تقلد)، الفارق الوحيد هو أن فلسفة المواقع الإعلامية الكبرى مبنية على أن المتصفح يكون صاحب اشتراك مدفوع بالنسبة للمواد الرئيسية وبالتالي فهو «مضطر بشكل اختياري» لقراءة الصفجة الموقع الأساسية «حتى النهايتها». ويدرك القراء العرب المتابعوه أنه حالات التصفح «نزولاً حتى آخر الصفحة» هي حالات استثنائيةو بينما كل المواقع الجديدة «استلهمت» هذا المدويل المعروف تحت تسمية ١ على ٣ أي صورة كبيرة متغيرة (٤ أو ٥ مرات) تحمل تغيراتها أهم الأخبار وتحتها «نزولاً إلى ما شاء الله» حتى يصل إلى نهاية الصفحة الأولى الأخبار طبقات على ثلاث عواميد. وفي حال نقر المتصفح على مقالة في أحد الطوابق تختفي الطوابق الأخرى وبالتالي عليه العودة إلى الصفحة الرئيسية ومعاودة …. النزول بحثاً عن ….حنفية الأخبار.